مفتي الجمهورية: الشريعة الإسلامية مطبقة في مصر ولم تغب عن الواقع
الجمعة، 24 مارس 2017 07:51 مكتبت - منال القاضى
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية: إننا نشعر باطمئنان، أن الشريعة الإسلامية مطبقة في مصر ولم تغب عن الواقع المصري والعربي والإسلامي، مضيفًا أن تلك الدعوات التي تطالب بالعودة لتطبيق الشريعة الإسلامية هي دعوة حق يراد بها باطل لأنها تسعى لأهداف خبيثة وأغراض سياسية عبر دغدغة مشاعر الناس والشباب خصوصًا بلبس عباءة الدين.
وأوضح خلال حلقة اليوم من برنامج «حوار المفتي» الذي يقدمه الإعلامي حساني بشير على قناة «أون لايف»، أن القوانين الوضعية في مصر في مجملها لا تختلف عن مقررات الشريعة الإسلامية، بل هناك رقابة من المحكمة الدستورية العليا التي هي حريصة على أن تكون القوانين مطابقة للشريعة وفقًا للمادة الثانية من الدستور.
وحول اتهامات بعض الجماعات والتيارات المتطرفة بأن الدستور المصري مخالف للشريعة ولا يطبقها أجاب مفتي الجمهورية أن تلك الجماعات تلقي باتهاماتها لأن الدستور أنهى مطامعها ومشروعها الذي أرادوا استمراره، مشيرًا إلى أننا لو قارنا بين دستور 2014 وغيره من الدساتير المصرية وبين مبادئ وقواعد الشريعة الإسلامية لوجدنا أن المسلك الدستوري واحد وأنها موافقة للشريعة.
ودلل المفتي على أن الدستور كان حريصًا على التأكيد على أن مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع، وهي ضمانة كبيرة للقوانين الوضعية التي تصدر عن السلطة التشريعية حيث يجب أن تلتزم بالشريعة وإلا قضت المحكمة الدستورية ببطلان القانون.
وأكد مفتي الجمهورية أن التجربة المصرية في وضع القوانين ومدى موافقتها للشريعة وخاصة الأحوال الشخصية هي تجربة رائدة وفريدة راعت خصوصيات المصريين كل بحسب دينة وحافظت في نفس الوقت على مقررات الشريعة، لأن حفظ الخصوصيات مطلوبة شرعًا.
وأشار المفتىى إلى أن قانون العقوبات كذلك في مجملة ليس مخالفًا للشريعة لا في نطاق الفلسفة ولا العقوبات، لافتًا إلى أن هناك جرائم مستحدثة غير موجودة في الفقه الإسلامي مثل الجرائم الاقتصادية وهي متغيرة وفقًا للحالة الاقتصادية.
وأضاف: يضطر المشرع إلى تجريم شئ معين ثم بعد انقضاء الظروف يلغي التجريم مثل تسعير السلع في أوقات معينة ثم بعد ذلك نجعل السلع حرة وفقًا للعرض والطلب.
وعن تطبيق الحدود الشرعية، أكد فضيلة المفتي أن قانون العقوبات المصري يتنوع ما بين القصاص والعقوبات التعزيرية وهي تعطي فرصة للمشرع والقاضي لتطبيق ما يراه ملائمًا في الحالة المعروضة عليه.
وأوضح أن تطبيق الحدود لابد فيه من نفي الشبهات تمامًا، ونحن في زمان لا نطمئن فيه إلى أن يتم نفي جميع الشبهات، لأنها أصبحت محيطة بكافة القضايا، ومن الصعب الإطمئنان لشهادة الشهود في الكثير من القضايا.
وأضاف أن الشريعة الإسلامية تقصد الستر ودرء الحدود بالشبهات، والقاضي يجب أن يتحرى تمام التحري لإنزال الحد والعقوبة إلا بعد درء الشبهات، فالقاضي أو المفتي عندما يريد أن يعطي حكمًا يأتي للأحكام التكليفية ويسقطها على أرض الواقع، ولابد من الربط بين الحكم التكليفي والحكم والوضعي وهو عسير في مسائل الحدود وهنا ننتقل للعقوبات التعزيرية.
وقال علام: أنا أتحدى المجموعات الإرهابية بأن يضعوا لنا قانونًا يوافق الشريعة الإسلامية مثلما في التجارب العبقرية لمحمد قدري باشا والسنهوري وغيرهما، الذين قدموا تجربة رائدة، مضيفًا أن أحد كبار العلماء قال كل قانون لا يخالف الشريعة فهو من الشريعة.
وأضاف أنه استنبط ذلك من وجود طاعة ولي الأمر في قوله تعالى «أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم»، فيجب طاعة ولي الأمر فيما أمر ونهي ما لم يحرم مباح أو يبيح محرم أو يأمر بمعصية، وبالتالي يجب طاعة القانون ما لم يأمر بمعصية وعندما يأمر بمعصية الذي يعدل هو السلطة التشريعة المتمثلة في المحكمة الدستورية العليا التي لها صلاحيات إلغاء القوانين.
وأوضح أنه في مجال الجرائم المتغيرة فالمساحة متروكة فيها لولي الأمر وفق ما يحقق مصلحة الأمة، لأن تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة كما قال الإمام السيوطي، ونحن في مصر لاحقنا تطور المجتمع والجرائم المستجدة بتعديل الصياغة وتعديل القوانين التي تنحل به الكثير من المشكللات، مثل قانون الوصية الواجبة سنة 1946، وقانون الخلع عام 2002، وغيرهما استنادًا لآراء أهل العلم المعتبرين وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتمت صياغة القوانين الجديدة وتعديلاتها، وتجربتنا المصرية في قوانين الأحوال الشخصية هي تجربة مؤثر لأبعد الحدود حتى في الصياغة وهو مستقى من المذهب الحنفي، ولكن نظرًا لتطور المجتمع والمشكلات أخذنا من مذاهب أخرى، وكذلك تنظيم الوظيفة العامة والعلاقة بين الأفراد والدولة وأصحاب العمل.
وعن دور الفتوى ودار الإفتاء في تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر أوضح المفتي، أن الفتوى هي أحد روافد تطبيق النص الشريف على أرض الواقع، عبر النصوص الشرعية وما يستنبط منها، موضحا أن النصوص الشرعية جاءت مجردة وعامة يخاطب بها الجميع، ولكن لإنزالها على أرض الواقع تحتاج إلى ربط الحكم التكليفي والحكم الوضعي، فهو تطبيق للنص الشريف على واقعة محددة لا تنسحب على الجميع ويكون على حسب القدرة والاستطاعة وعوامل أخرى قررها العلماء.
وأوضح أنه عندما يأتي المستفتي ندرس الواقعة ونستفسر عن كل أمر فيها ثم نأتي للأدلة الشرعية وفهم الفقهاء والقواعد التي وضعوها، ونفهم كيفية ودلالة هذه النصوص والأدلة للواقع ونربط ما بين الاثنين، فنلائم هذه الواقعة بالنصوص وقد يختلف الحكم من واقعة لأخرى تبعًا لكل واقعة عن غيرها.
وقال علام الفتوى هي عنصر أساسي مع التطبيق القضائي لتنزيل الحكم الشرعي على أرض الواقع بالشروط والضوابط المعتبرة، موجها رسالته للمصريين قائلا: «اطمئنوا .. فالشريعة الإسلامية حاضرة في كل الأوقات في مصر، وقوانيننا الوضعية في مجملها لا تختلف عن مقررات الشريعة الإسلامية والمحكمة الدستورية تراقبها».