جريمة «المهندسين» تكشف عورات أجهزة الأمن في حماية الشارع المصري
الإثنين، 20 مارس 2017 11:08 م
تبرهن حادثة «سمسار أكتوبر» على قصور وفشل رجال الشرطة في تأمين الشوارع، بداية من نشوب مشادة كلامية، يوم الأربعاء الماضي، بين المجني عليه ومجموعة أشخاص على أحد مقاهي «مول» شهير بمنطقة أول أكتوبر، بسبب خلافات مالية، مرورًا بخطفه داخل سيارة ملاكي، ومحاولته الاستنجاده بالمارة في شارع شهاب بالمهندسين، وصولاً إلى العثور على جثته صباح يوم الجمعة، بالقناطر الخيرية.
وبالنظر إلى خارطة سير المتهمين نكتشف الغياب التام لرجال الشرطة عن الشارع، فلم تواجه السيارة لجنة واحدة تتحقق من سلامة أوراقها أو هوية راكبيها، منذ بداية رحلتها في أكتوبر وحتى نهاية حياة المجني عليه وإلقاء جثته في القناطر الخيرية، الأمر الذي يثير الخوف في قلب المواطن العادي، ويجعله يُشكك في قدرة وزارة الداخلية على حمايته وأسرته إن تعرض لموقف مماثل.
ويقول اللواء محمود قطري، الخبير الأمني، إن عملية تأمين مصر تعتمد بشكل أساسي على حماية الله لها لا مجهودات الشرطة، فلا يوجد آلية واضحة لردع الجريمة وإرساء مبادئ القانون، فعلى الرغم من عراقة الجهاز الشرطي إلا إن المباحث الجنائية لا تزال تعتمد على الإجراءات العلاجية لا الوقائية، موضحًا أن الداخلية تنتظر وقوع الجريمة لتقوم بدورها وتبحث عن الجناة ولا تمنع وقوعها، كما يحدث فى الدول المتقدمة.
وأكد «قطري» على ضرورة إنتهاج سُبل جديدة في المنظومة الأمنية مثل الإستعانة بكاميرات المراقبة في الشوارع، وزيادة عدد الدوريات الشرطية، والرجوع إلى عسكرى «الدرك» لتقليل معدل جرائم الخطف والسرقة والقتل خاصة في ظل الظروف المتوترة التى تمر بها البلاد حاليًا، مضيفًا أن حادثة كهذه كانت لتهز أركان وزارة الداخلية في السابق، ولكن حاليًا ستمر مرور الكرام ولن يجازى أحد.
وقال اللواء محمد نورالدين صادق، الخبير الأمني، إن السلبية توغلت في الشارع المصري بعد 25 يناير، والدليل على ذلك عدم تحرك أحد لنجدة السمسار المستغيث على عكس ما كان يحدث قبل الثورة، موضحًا إنه قبل 6 سنوات كان يُعرف عن الرجل المصري نخوته وإقدامه ومساعدة الغير لكن أصبح الجميع الأن يكتفي الأن بتصوير الحادثة ورفعها على مواقع التواصل الاجتماعي، لإثارة تعاطف الناس.
وأكد الخبير الأمني، أن الحل يتمثل في زيادة الدوريات الأمنية والرجوع إلى عسكري «الدرك» فضلاً عن توفير وظائف للمدنين المُتعلمين في وزارة الداخلية، بشرط قوة البنيان وحسن السمعة، وتلقينهم بعض المواد الشرطية ومقررات حقوق الإنسان وتسليحهم جيدًا لمواجهة الغياب الأمني وارتفاع معدل الجريمة، مشددًا على ضرورة رفع ميزانية الداخلية، لشراء أحدث المعدات.
بينما نفى اللواء الدكتور هانى إسماعيل، أستاذ القانون بكلية الحقوق جامعة حلوان، وجود تقصير من الأجهزة الأمنية، موضحًا أن مثل هذه الأمور تحدث في الدول الأجنبية الكبرى، وإنه تصادف عدم وجود دوريات أو لجان شرطية في الشوارع فضلاً عن كون السيارة لا تثير الريبة حتى يستوقفها رجال الأمن.
وأضاف «إسماعيل» أن تمكن الشرطة من ضبط الجناة في وقت قصير يؤكد إحكام قبضتهم الأمنية، وإتهام الجهاز الشرطي، بالتقصير يكون في حالة العجز عن ضبط الجناة، أوفي حال حدوث تبادل لإطلاق النيران بالشارع، وهو ما لم يحدث.
وأشار اللواء فاروق المقرحي، الخبير الأمني، إلى العلاقة بين المجنى عليه والمتهمين، موضحًا أن المسمى الحقيقي لما حدث لـ «سمسار أكتوبر» هو «تخليص حسابات قديمة» وليست جريمة خطف، ما يخلي طرف الداخلية، ويرفع عنها الحرج، متابعًا أن الشعور بالأمان لا يأتي بزيادة عدد الدوريات في الشارع بل هو شعور داخلي، مؤكدًا إنه لا يمكن أن نطلب من الشرطة وضع عنصر أمن كل 100 متر.
وتوجه «المقرحي» بالشكر لوزارة الداخلية وأجهزة الأمن على مجهوداتها غير العادية، وسرعة الوصول للجناة بغض النظر عن وظائفهم السابقة أو أوضاعهم الحالية، مضيفًا أن جهاز الشرطة يتمتع بشفافية وحيادية كبيرتين تجعلانه غير قادر على المحاباة أو التستر، حتى وإن كان أحد أبنائه السابقين أو الحاليين.