منصات القتل الإلكترونية.. مواقع التواصل تستبيح دماء الأبرياء.. دراسات: 80% من العناصر الإرهابية جندت عبر الإنترنت.. و«الذئاب المنفردة» أحدث أسلحة العالم الافتراضي

الإثنين، 20 مارس 2017 09:04 م
منصات القتل الإلكترونية.. مواقع التواصل تستبيح دماء الأبرياء.. دراسات: 80% من العناصر الإرهابية جندت عبر الإنترنت.. و«الذئاب المنفردة» أحدث أسلحة العالم الافتراضي
أرشيفية
كتب- حازم مقلد

لا أحد ينكر أن مواقع التواصل الاجتماعي تلك النقلة النوعية في النهضة التكنولوجية والعلمية، قد أصبحت جزءً لا يتجزأ في حياة الكثير من البشر، ورغم الايجابيات الجمة التي تقدمها تلك المواقع إلا أنها لم تخلو من بعض الجوانب السلبية، التي أصبحت تتسلل بين مستخدمي ورواد تلك المواقع.
 
وتحتل الكراهية والطائفية دوراً بارزاً في تلك السلبيات التي تضمنتها مواقع التواصل، حيث نلاحظ ظاهرة التحريض على العنف والكره تتكاثر بمرور الوقت بشكل مقلق متأثرة في ذلك بالأحداث الجارية التي يشهدها العالم من نزاعات وحروب وغيرها.
 
وقبل أن تغزو التكنولوجيا المعاصرة حياتنا، لم نكن نشاهد ظاهرة التحريض ونشر الفتن بين الأديان والمذاهب كما نراها اليوم، حتى اخترقت تلك السموم طوائف المجتمع الواحد، ضاربة بحرية التعبير واختلاف الآراء وتنوع المعتقدات عرض الحائط.
 
كما نلاحظ آفة الكراهية والطائفية على مواقع التواصل الاجتماعي تنمو بشكل ملحوظ في الشرق الأوسط بصفة عامة وفى الوطن العربي بصفة خاصة، حيث تحولت إلي ساحات للسب والقذف و نشر بعض الأفكار الهدامة والتخريبية الضالة، بالإضافة إلي نشر الأخبار الكاذبة والمغلوطة، التي تساهم بشكل كبير في الإضرار بالأمن القومي والمجتمعي لتلك الدول.
 
وشهدت مصر حملات تحريض علي العنف والقتل خلال فترة حكم جماعة «الإخوان» الإرهابية، التي طالت عددا من رموز السياسة والإعلام والمعارضين لحكمهم آنذاك، حيث نشطت الكثير من الصفحات في هذا الإطار، ونشرت صور بعض السياسيين والإعلاميين لاستهدافهم وتصفيتهم، بالإضافة إلى التحريض ضد الدولة ومؤسساتها العسكرية والشرطية.
 
 
كما  كان لمواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة «فيسبوك»، دور في اغتيال الكاتب الأردني «ناهض حتّر» الذي قتل في 25 سبتمبر من العام الماضي أمام المحكمة بالعاصمة الأردنية عمان، بعد قيام الأخير بنشر كاريكاتير على صفحته الشخصية على «فيسبوك» بعنوان «رب الدواعش» اعتبرته بعض التيارات «إساءة للذات الإلهية».
 
وقد استمرت حملة السخط ضد الكاريكاتير على مواقع التواصل، من قبل بعض الحسابات والصفحات المتطرفة، مطالبه بقتله واستباحة دمه، والتي يعتقد أنها كانت سببا في عملية الاغتيال.
 
كما لا ننسى تنامي وانتشار ظاهرة الإرهاب في الآونة الأخيرة، واستهدافه لأمن الكثير من الدول العربية والأوروبية، واستخدامه للأسماء المستعارة والشخصيات الوهمية، قد ساهم أيضاً بصورة كبيرة في تفشى تلك الظاهرة، التي تبيح استهداف المؤسسات وأمن الشعوب والبنية التحتية للدول والمجتمعات.
 
ويحتل تنظيم «داعش» الإرهابي، المرتبة الأولى من بين التنظيمات الإرهابية في استغلاله لمواقع التواصل الاجتماعي كــ «اليوتيوب» و«تويتر» و«الفيسبوك» و«الواتس آب» و «التليجرام».. وغيرها، التي أصبحت الأداة الأهم  لنشر أفكاره ومعتقداته ووضع خططه وتنفيذ أهدافه وتجنيد أعضائه، بعد أن ساهمت الحروب المشتعلة في العراق وسوريا وليبيا واليمن في أن تكون تربة خصبة لاستقطاب المتطرفين والمتشددين.
 
ووفقا لدراسة كشف عنها «المؤتمر الدولي الثاني للإعلام والإرهاب: الوسائل والاستراتيجيات»، الذي نظمته جامعة الملك خالد، خلال شهر ديسمبر الماضي، عن استراتيجية التجنيد وصناعة الأتباع، فإن توظيف الجماعات الإرهابية لمواقع التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب والترويج لأفكارهم وخاصة عبر فيسبوك وتويتر، تخطى نسبة 80% من الذين انتسبوا إلى التنظيمات الإرهابية، كتنظيم داعش، كما وصل عدد المواقع المحسوبة على جماعات الإرهاب العالمي إلى 50 ألف موقع في 2016 بعد أن كانت 12 موقعًا في عام 1997.
 
وبعد تراجع قدرة التنظيم علي تنفيذ هجمات كبيرة ، قالت دراسة أميركية إن العديد من الأشخاص المناصرين أو المتعاطفين مع «داعش»، والذين يعرفون إعلاميا بـ «الذئاب المنفردة» يتلقون تشجيعا وتوجيها عبر الإنترنت لتنفيذ هجمات يمكن للتنظيم لاحقا تبنيها.
 
وجاء في الدراسة التي أصدرها ألكسندر هيتشنز وسيموس هيوز الباحثان في «البرنامج حول التطرف» بجامعة جورج واشنطن، أن ثمانية مشاريع هجمات على الأقل من أصل 38 خطط لها أو نفذت في الولايات المتحدة منذ 2014، دبرها أو نفذها أشخاص أعدهم «مدربون افتراضيون» عبر الإنترنت تابعون لتنظيم داعش.
 
وقال هيتشنز إن «المدربين الافتراضيين» يعملون بصورة مستقلة للتخطيط لهجمات دون إشراف من قادة تنظيم الدولة، مستخدمين شبكات التواصل الاجتماعي ومواقع الرسائل المشفرة.
 
وأضاف: «يتهيأ لنا أنهم متروكون إلى حد بعيد لشأنهم، مع وسائلهم الخاصة، مشيرا إلي إنهم يستخدمون حسهم بالابتكار لإيجاد وسائل جديدة لاجتذاب عناصر وتشجيعهم على شن هجمات، وكذلك ابتكار أساليب جديدة لمهاجمة الغرب».

هجمات سابقة
وفي أحد الأمثلة التي تناولتها الدراسة، تم التخطيط لهجوم على معرض رسوم مسيئة للنبي محمد (ص) في مايو 2015 في مدينة غارلاند بولاية تكساس، حيث بدا للمحققين في البداية أن التخطيط تم داخل الولايات المتحدة وأن دور تنظيم الدولة اقتصر على إلهام المخططين، وتبين لاحقا أن عنصرا من التنظيم في سوريا أعطى تعليمات للمخططين واختار الهدف بنفسه.
 
وينطبق هذا السياق على مهاجم آخر من «الذئاب المنفردة» يدعى إيمانويل لوتشمان والذي أوقف لتخطيطه هجوم يوم رأس السنة عام 2015 في نيويورك، حيث تقول الدراسة إن عنصرا في تنظيم الدولة يدعى أبو سعد السوداني هو الذي وجهه واختار هدفه، كما أقنعه بتصوير فيديو يعلن فيه مبايعته للتنظيم قبل الهجوم.
 
وقال الباحثان هيتشنز وهيوز إن عشرة «مدربين افتراضيين» لتنظيم الدولة يعملون في الرقة بسوريا، ويحاولون التواصل مع أشخاص في الولايات المتحدة يعتقدون أنهم يؤيدون قضيتهم، وهم يكتسبون أهمية أكبر مع تزايد التضييق الذي يتعرض له تنظيم الدولة في قلب معاقله بسوريا والعراق.
وقال هيتشنز «بما أن الأمر يزداد صعوبة بالنسبة لهم، فهم يحاولون الحفاظ على الأقل على حضور معين في الدول الغربية من خلال هذا النوع من الاعتداءات المحدودة»
 
من جانبه أكدت إدارة تويتر، فى وقت سابق أنها أغلقت حوالى 235 ألف حساب، تعود للتنظيمات الإرهابية، وذلك لانتهاكها قواعد النشر المتعلقة بحظر الترويج للإرهاب.
 
 وقالت، إن وتيرة الإغلاقات زادت منذ الهجمات الإرهابية التي استهدفت مناطق مختلفة من العالم، مضيفه أنها لا تزال تنسق مع السلطات المختصة في قضية مكافحة الإرهاب.
 
كما قال التحالف الدولي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، الشهر الماضي، أنه تم إغلاق 360 ألف حساب يعودون لأنصار تنظيم داعش الإرهابي، مشيرا إلي أن العمليات المضادة لداعش على الإنترنت المدعومة من التحالف الدولي قد خفضت تأثير التنظيم بشكل كبير.
 
وأخيرا وليس آخرا، لا ننكر الايجابيات التي تقدمها تلك الوسائل، والتي ساهمت بشكل كبير في تضييق الفوارق الجغرافية وجعل العالم قرية صغيره تستطيع من خلالها التواصل مع أي شخص وفي أي مكان، ورصدنا بعضها كالتالي: تقوية العلاقات الاجتماعية من خلال تكوين صداقات جديدة، ومتابعة آخر المستجدات والأخبار في كل أنحاء العالم لحظة بلحظة، بالإضافة إلي توفير جهد وتكلفة التواصل مع الأصدقاء أو الأقارب البعيدين جغرافياً.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق