القول الفصل في «عيد الأم».. الإفتاء: «لا مانع منه ولا حرج فيه»
الإثنين، 20 مارس 2017 01:33 مكتبت- منال القاضي
أصدرت دار الافتاء المصرية فتوى جديدة أكدت فيها أن الاحتفال بعيد الأم أمر جائز شرعا لا مانع منه ولا حرج فيه والبدعة المردودة، إنما هي ما أُحدث على خلاف الشرع أما ما شهد الشرع لأصله فإنه لا يكون مردودًا، ولا إثم على فاعله.
جاءت فتوى دار الافتاء المصرية ردًا على سؤال لأحد المواطنين بمناسبة الاحتفال بـ«يوم الأم» الذي يوافق غدا الثلاثاء 21 مارس من كل عام.
قال فيه ما حكم الاحتفال بيوم الأم؟ هل هو بدعة؟
وأكدت الفتوى: أن من مظاهر تكريم الأم الاحتفاء بها وحسن برها والإحسان إليها، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يعبر فيها الأبناء عن برهم بأمهاتهم؛ فإن هذا أمر تنظيمي لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَد» متفق عليه من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ومفهومه أن من أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود.
وأضافت الأمانة العامة للفتوى في فتواها وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم العرب على احتفالاتهم بذكرياتهم الوطنية وانتصاراتهم القومية التي كانوا يَتَغَنَّوْنَ فيها بمآثر قبائلهم وأيام انتصاراتهم، كما في حديث "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها قالت: "دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ علَيه وآله وَسَلَّمَ وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ، تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ"، وجاء في السنة: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ زَارَ قَبْرَ أُمِّهِ -السيدة آمنة- فِي أَلْفِ مقنَّع، فَمَا رئِي أَكْثَرُ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ» رواه الحاكم وصححه، وأصله في «مسلم».
وأكدت الفتوى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجعل الأم أولى الناس بحسن الصحبة، بل ويجعلها مقدمة على الأب في ذلك، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال حَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ» متفق عليه.
وأوضحت الفتوى إن معنى الأمومة عند المسلمين هو معنى رفيع له دلالته الواضحة في تراثهم اللغوي، فالأم في اللغة العربية تُطلق على الأصل، وعلى المسكن، وعلى الرئيس، وعلى خادم القوم الذي يلي طعامهم وخدمتهم، - وهذا المعنى الأخير مَرْوِيٌّ عن الإمام الشافعي رضي الله عنه وهو من أهل اللغة -، قال ابن دُرَيد: وكل شيء انضمت إليه أشياء من سائر ما يليه فإن العرب تسمي ذلك الشيء «أُمًّا».
وذكرت الفتوى أن هذا المعنى الرفيع للأمومة يتجلى عندنا مدلولا لغويا وموروثا ثقافيا ومكانة دينية يمكننا أن ندرك مدى الهوة الواسعة والمفارقة البعيدة بيننا وبين الآخر الذي ذابت لديه قيمة الأسرة وتفككت في واقعه أوصالُها، فأصبح يلهث وراء هذه المناسبات ويتعطش إلى إقامتها ليستجدي بها شيئًا من هذه المعاني المفقودة لديه، وصارت مثل هذه الأيام أقرب عندهم إلى ما يمكن أن نسميه "بالتسول العاطفي" من الأبناء الذين يُنَبَّهون فيها إلى ضرورة تذكر أمهاتهم بشيء من الهدايا الرمزية في أثناء لهاثهم في تيار الحياة الذي ينظر أمامه ولا ينظر خلفه.
وأوضحت الفتوى أنه مع هذا الاختلاف والتباين بيننا وبين ثقافة الآخر التي أفرز واقعها مثل هذه المناسبات إلا أن ذلك لا يشكل مانعًا شرعيًّا من الاحتفال بها، بل نرى في المشاركة فيها نشرًا لقيمة البر بالوالدين في عصر أصبح فيه العقوق ظاهرة تبعث على الأسى والأسف، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأسوة الحسنة؛ حيث كان يحب محاسن الأخلاق ويمدحها.