على الدين هلال لـصوت الأمة: صمت مبارك عن التوريث ورطنا

الإثنين، 20 مارس 2017 12:07 م
على الدين هلال لـصوت الأمة: صمت مبارك عن التوريث ورطنا
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق
كتبت- أمل غريب - تصوير- صلاح الرشيدي

الداعون لتمديد فترة السيسى يسيئون إليه.. لم التق الرئيس الأسبق منفردا ونصائحى له كانت بلا جدوى.. ولا معارضة منظمة وسط سياسيين يأكلون على كل الموائد

ابتعدت عن السياسة فى عهد السادات والمخلوع أختارنى بسبب مقالاتى

تجربة الحزب الوطنى لن تعود فالعقلاء اعتزلوا السياسة.. ونحن فى حرب استخباراتية

الصوت الواحد لا ينفع إلا فى وقت الحرب.. والشباب لم يعد يخشى الحكومة
 

قال الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق، وأمين لجنة الإعلام بالحزب الوطنى المنحل، إنه بعد عودته للتدريس بالجامعة، وجد اختلافا كبيرا فى طريقة تفكير الشباب، وتحولا جذريا فى علاقتهم بالحاكم والسلطة، وأضاف «هلال» خلال حواره مع «صوت الأمة»، أن الشعارات التى أطلقها بشأن الشباب حين كان وزيرا، يتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى الآن، مشيرا إلى أنه لم يسع يوما إلى السلطة، ولم يحرص عليها. 
 
بعد عودتك للتدريس بالجامعة.. هل وجدت اختلافا فى تفكير الشباب بعد ثورة يناير؟
بالطبع هناك تغير كبير فى طريقة تفكير شباب الجامعات عما قبل ثورة يناير، فدرجة التسيس زادت وعلاقتهم بالسلطة تغيرت، وأصبحوا أقل خوفا من السلطة، لأنهم شاهدوا اثنين من الرؤساء خلف قضبان السجن، وكذلك أقطاب من وزراء عصر مبارك يحاكمون داخل السجون، لم تعد السلطة فى نظر الشباب لها نفس القدسية والهيبة والخوف التى كانت عليها فى الماضى.
 

كيف ترى العلاقة بين المثقف والسلطة؟
الواقع المصرى يختلف عن أى مكان، ففى تاريخنا المثقف ممارس للسلطة سواء بالدخول فى حزب كمعارض أو بالمشاركة فى الحكم، وهناك أمثلة كثيرة أشار إليها التاريخ المصرى الحديث منهم الدكتور طه حسين، رائد التنوير، الذى تولى وزارة التربية والتعليم، ودور المثقف أن يعرض الأفكار فيطلب منه رأس الدولة تطبيقه، فى لقاء الرئيس السيسى بشباب الأحزاب فى فندق الماسة، تحدث أحد الحضور وهو قطب من الأقطاب المعنيين بالتعليم وأبدع فى حديثه عن التعليم ودوره وتطويره، فالرئيس تعجب وقال له: «مادمت بتبدع ليه بترفض تولى منصب وزير التعليم؟».
 

كيف ترى المثقفين الذين يسعون للسلطة؟ 
ليس كل السياسيين يسعون للتقرب من السلطة، فالسياسى المعارض يحترم السلطة، ومنهم حمدين صباحى، الذى لا نستطيع أن نقول إنه يتقرب من السلطة، وهناك معارضون للسلطة، وحجم معارضتهم كبير ولا يتقربون للسلطة، بينما هناك طرف  سياسى آخر، لا مبدأ لهم ولا يتورعون عن الأكل على كل الموائد، ومنهم من كان يعيد نفس  الكلام الذى كان يقوله لمبارك قاله لمرسى ومن بعدهما الرئيس السيسى، وله تسجيلات على مواقع التواصل الاجتماعى استحضرها البعض ليثبتوا أنه شخص يريد أن يكون دائما فى الصورة، وهناك نوع ثالث الذى أنتمى إليه، فأنا أؤمن أن الإصلاح يبدأ من داخل الجهاز الإدارى للدولة، وإذا أردت أن تحدث إصلاحا حقيقيا فعليك أن تقنع من فى يده مقاليد السلطة.
 

التجارب أثبتت فشل المثقف حين توليه المنصب ووصوله للسلطة؟ 
يعتقد البعض أنه إذا تولى أى منصب فى الحكم سيكون هناك فرصة لتنفيذ ما يعتقد فيه، من الممكن أن ينجح بعضها أو لا تنجح، إنما المشاركة فى الإدارة أو فى الحكم مفيدة جدا للمثقف، وتجعله يعرف حدود وقيود الأفكار، فالفكرة قد تكون رائعة إنما لا قيمة لها إذا لم تكن تمتلك الموارد المالية والبشرية والقانونية لتنفيذها، فالمثقف يعتبر رمز التلاقى بين فئات المجتمع وهيئات الدولة، ويجب ألا يكون المثقف مقصورا على أساتذة الجامعات والعاملين فى الصحافة، فهناك من يعملون داخل جهاز الدولة مثقفون، وعلى العكس يوجد من يعمل بالكتابة وجوهرهم أبعد ما يكون عن الثقافة.
 

هل كنت ممن يسعون إلى السلطة والمنصب؟ 
ليس صحيحا، من شاهدنى أسعى إلى السلطة يأتينى لأستطيع الرد عليه، وقت اختيارى وزيرا للشباب، كنت واحدا من أنجح عمداء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، وكنت على وشك إنهاء عامى السادس والأخير كعميد للكلية، ومقالاتى نجحت فى إقناع مبارك بى. 
 

ما تقييمك لتجربتك كوزير للشباب؟
هناك تفاصيل كثيرة تتعلق بتجربتى كوزير للشباب والرياضة فى عصر «مبارك»، منها السلبى والإيجابى، إلا أنها جعلتنى أفضل وأكثر نضجا، وأكثر حكمة، أنا حالة مختلفة لأنى بدأت العمل فى السياسة فى عهد الرئيس جمال عبدالناصر، وكنت عضوا فى منظمة الشباب وكنت الشاب الوحيد فى اللجنة التحضيرية لمؤتمر الشباب الاشتراكى العربى، وتوقفت عن العمل السياسى فى عهد الرئيس السادات لشعورى أن ما كان يقوم به يخالف ما تربيت عليه فى منظمة الشباب، وأكملت عملى الأكاديمى، وانخرطت فى عملى فى المجتمع المدنى وكنت عضوا مؤسسا للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان، نائبا لأول رئيس لها، وطوال هذه الفترة كنت وثيق الصلة بمنظمات المجتمع المدنى وفى عام 1999، دعيت للمشاركة فى الحكومة فوافقت، وكان لدى هاجس أن المشاركة فى الحكم ستجعلنى أنفذ ما أعتقد به، فنجحت فى أشياء وفشلت فى أشياء أخرى، منصبى كوزير للشباب وضع قيودا على حريتى عن التعبير عما أتكلم.
 

لماذا تخليت عن دورك كمثقف بعد دخولك الوزارة؟
بالعكس مشاركتى فى الحكم كانت من أجل إشاعة الثقافة السياسية، من عام 1990 إلى عام 1995 كان أول برنامج سياسى لى على شاشة التليفزيون المصرى، وكان اسمه «كلام فى السياسة»، وبعدها برنامج على موجات إذاعة الشرق الأوسط كان برنامج لمدة 5 دقائق فقط يوميا، وخلال هذه الفترة كتبت مقالا أسبوعيا فى كل الصحف اليومية، ولم يكن من المعقول أن أداوم على مقالاتى وأنا وزير، لذلك توقفت عام 1999 ثم عدت مرة أخرى لكتابة مقالات نصف شهرية فى الصحف القومية عام 2007.
 

هل كان منصب وزير الشباب لائقاً بك؟
هكذا جاءت المقادير، ولا أحد يهرب من قدره، لكنى استطعت أن أصنع من منصب وزير الشباب منصبا تنويريا، فأقمت مشروع إنشاء مراكز الحاسب الآلى داخل مراكز الشباب فى 1999، فى وقت لم يكن هذا معروفا، حتى أن بعض رسامى الكاريكاتير سخروا منى ومن الفكرة، لكنى كنت مدركا أن مراكز الشباب يرتادها الفقراء فى مصر إنما لا يرتادها الأغنياء، وتعاقدت مع الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة لإنجازها بسرعة ودقة على مستوى العشرات من مراكز الشباب على مستوى الجمهورية، وكانت نقلة حضارية كبرى للشباب فى قرى لم يكن أحد يسمع عنها، طورت مكتبات مراكز الشباب، وتواصلت مع دور النشر واشتريت مئات آلاف من الكتب، وكذلك بدأت الاحتفال بالمناسبات ذات المعنى، ففى عام 2001 كان عام التطوع فى العالم، غيرت لائحة مراكز الشباب بتقليل سن الشباب ليتمكنوا من الترشح لمجالس إدارتها وزيادة عددهم، وكذلك لضمان مشاركة المرأة وأنشأت أنشطة لجذب المرأة الريفية وأطفالها للمشاركة فى مراكز الشباب، مع وضع العادات والتقاليد فى الاعتبار، أنشأت برلمان الشباب وعدد من أعضاء مجلس النواب الآن خريجو برلمان الشباب، ومنهم نائب من بورسعيد والآخر من الشرقية، إلى جانب اهتمامى بالتوعية السياسية للشباب، والشعارات التى كنت أرفعها وأنا وزير للشباب يرفعها الرئيس السيسى الآن فقلت «ننتقل للشباب حيث يكونون.. الشباب يديرون وزارة الشباب».
 

هل كان مبارك مؤمنًا بالشباب؟
لا يمكن تعميم الأمر على كل فترة «مبارك»، فالوزير محمود محيى الدين عين وزيرا وكان عمره 38 عاما، وأيضا يوسف بطرس غالى كان فى بداية الأربعينات عند تعيينه وزيرًا للمالية، كذلك كان هناك قيادات شابة على مستوى الوزارات وعلى مستوى الصحفيين، وكان هناك قيادات شابة صاعدة فى الحزب الوطنى.
 

البعض يشبهك بالدكتور مصطفى الفقى كوجه مثقف لحكم مبارك.. كيف ترى ذلك؟ 
لماذا تتحدثون، وكأن المثقفين يتسولون السلطة، مبارك كان رجلا سياسيا احتاج فى بعض الأوقات لوجود نخبة من المثقفين حوله.
 

ما حقيقة لعبك دور «العراب» فى عملية توريث الحكم لجمال مبارك؟ 
الحديث المتزايد عن التوريث وعدم قيام مبارك فى السنوات الثلاث الأخيرة من حكمه بنفى قاطع لها طال الجميع وطالنى، ولا أبحث هنا عن نية مبارك أو جمال، فأنا لا أفتش فى النوايا، لكن كان من الواضح أن دور جمال مبارك يزداد يوما بعد يوم، وكان أيضا من الواضح أن أكبر الجرائد المعارضة والمستقلة أسبوعيا تتحدث عن التوريث ولم يصدر وقتها نفى قاطع يقطع دابر هذا الكلام، فترك مبارك الغموض الذى أحاط هذا الموضوع كان أكبر خطأ ارتكبه، لأن ما استفز الناس وأثرهم، وهو من غير المعقول، أن مبارك يحكم 30 سنة ويأتى ابنه جمال ليحكم 30 سنة أخرى. 
 

هل ناقشته فى ذلك الأمر؟ 
كنت أقابل مبارك فى اجتماعات رسمية لمجلس الوزراء، ولم يحدث أن التقيته منفردا، لكنى على الجانب الآخر، التقيته كثيرا قبل أن أصبح وزيرا وكان يحدثنى كثيرا فى مكالمات تليفونية لمدد طويلة للحديث عن الشئون السياسية فقط.
 

هل كان يستجيب للنصيحة؟ 
مبارك كان يستمع جيدا للحديث، ولم يكن يمنع أحد مطلقا من الكلام احتراما للمتحدث، لكنه فى نفس الوقت كانت له ثوابت لا تتحرك، كان يرى أنه على صواب وما وصل إليه هو الصحيح دون غيره، لذا لم يكن للكلام معه جدوى. 
 

لو أعيدت تجربة الحزب الوطنى من يستطيع أن يقود الدفة؟
عقارب الساعة لا تعود إلى الخلف، ولسبب أو آخر قيادات الحزب الوطنى، ومعها قيادات المعارضة لا تريد الدخول فى الصورة، وكذلك كوادر الإخوان العقلاء، آثروا الاعتزال السياسى. 
 
الأزمة أنه لا يوجد الآن من يمتلكون أى مواهب أو حنكة سياسية، لكننا على الرغم من أننا بعيدون عن حلبة السياسة، إذا طلب منا الرأى نقدمه، وعندما تطلب منا أى هيئة من هيئات الدولة السيادية المشاركة فى  إبداء الرأى فى قضية ما، نعتبر هذا واجبا وطنيا، ولا أعتقد أننا سنعود للمناصب السياسية ولا أحبذ هذا، كذلك لا يجب أن نلعب مع الرئيس دور الناصح الأمين لأنه لا يصح أن ننصح رئيس الجمهورية، لكنى أتحدث عن نفسى أقول رأيى للناس كلها وللمجتمع، وللكل أن يستفيد من هذا، كما أنه من غير اللائق أن أطرح نفسى، فالدنيا تغيرت وأكثر من هم فى الحكم الآن كانوا تلاميذ لى ومن غير السليم أن أنافسهم.
 

قرار البعد عن المشهد فرض عليكم أم هروب؟
لا يوجد أحد ممنوع من الكلام، فإذا كان لك رأى فى أى قضية عامة لا أحد يمنعك أن تبديه، وعلى كل جيل أن يأخذ فرصته، وهذا ليس معناه ألا ننقل لهم خبراتنا أو فكرنا أو آراءنا، وهذا ما أقوم به من خلال التدريس فى الجامعة والبرامج التليفزيونية والأحاديث الصحفية، ومسألة وصولى أوعدم وصولى لرأس النظام لا تشغلنى كثيرا، ولست معنى بها، وليس كل من عمل فى الحزب الوطنى أو تقلد منصبا وزاريا فى عهد مبارك فاسد، وأغلب من عمل بجانب مبارك أو الحزب الوطنى كانوا يخدمون الدولة المصرية. 
 

هل يحتاج الرئيس السيسى لحزب معاون له؟
الرئيس فى ورطة، ليست من صنع أحد لكن الظروف صنعتها، فالرئيس يحتاج، مثل أى رئيس فى العالم، إلى قوة منظمة تدافع عنه، ولكنه فى نفس الوقت لا يستطيع أن ينشئ حزبا سياسيا وهذه معضلة، فإذا كان للرئيس مؤيدون بنسبة 90% من الشعب فهل من المعقول أن يأخذ 30% فقط من مؤيديه ويستبعد الباقين، وإذا استعان بالــ90% من مؤيديه سنصنع «حزب وطنى جديد» أو «اتحاد اشتراكى جديد»، ثم إننا لدينا تجربة 52 التى تؤكد أنه عندما تبنى حزبا وأنت على قمة السلطة، فأنت لا تعرف هل الذين يأتون إليك يأتون إيمانا بمبادئك، أو طمعا فى ذهبك أو خوفا من سيفك، وتكون الأغلبية من المتطلعين أو الخائفين.
 

هل ترى أن هناك معارضة حقيقية داخل البرلمان؟
لا توجد معارضة حقيقية منظمة، إنما توجد أصوات تعبر عن رأيها عندما تتاح لهم الفرصة، لكنهم لا يمثلون الأغلبية، والأحزاب الكبرى غابت عن مشهد المعارضة حتى إنها ليست جزءا منها، ولا يمكن أن تستقيم الأمور بالصوت الواحد إلا فى وقت الحروب الذى يرتفع فيه صوت الوحدة الوطنية وجمال عبد الناصر قالها من قبل «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، وهى فترة استثنائية فى عمر مصر، فنحن فى حرب حقيقية والوضع فى سيناء حرج للغاية، ومازلنا فى حرب منذ عامين لأننا إزاء عدو جبان جزء منه يعمل فى الخارج والآخر يعيش فى الداخل، كما أننا فى حرب ضد الفساد والفقر والجهل، ونحن فى حرب استخباراتية فرضت علينا والفساد جزء من هذه الحرب، والمحزن أن ترتيب مصر فى المؤشرات الدولية متأخر جدا مقارنة حتى مع دول عربية، فيجب أن نساند الرئيس والدولة، وأنا من أنصار الاصطفاف الوطنى فى هذه المرحلة إنما لا يعنى هذا الرأى الواحد، لكن الأمور المتعلقة بالوجود لا يمكن أن نعارض فيها قد نختلف فى كيفية تطبيقها لكن أن نعارضها فهذه خيانة، فالإرهاب والعمالة للخارج لا يوجد فيهما رأى نختلف فيه وعلينا أن نؤمن بمقولة «يد تبنى ويد تحمل السلاح».
 

كيف ترى الداعين لتمديد فترة الرئيس السيسى؟
الداعون لتعديل مدة بقاء الرئيس السيسى فى السلطة يؤذونه ويسيئون له.
 
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (2)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (4)
 

الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (5)
 

الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (7)
 
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (8)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (10)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (11)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (13)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (15)
 
الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (16)
 

الدكتور على الدين هلال، وزير الشباب الأسبق (18)

 

 


 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق