محمر على أوزى.. فى خدمة المخلوع الحرامى
الإثنين، 20 مارس 2017 12:22 م
مدرس الإنجليزى الذى تحول إلى صحفى، والصحفى الذى أصبح بعرور، والبعرور الذى جلس على بطن زميله.. وصف ابن الرئيس المخلوع، بأنه إنسان صلب يشعر بسلام داخلى، مثلما وصف سمير رجب بأنه رجل ليس له ذنوب
ما كتبه إبراهيم فى جمال مبارك، لا يختلف كثيرا عما سبق أن قاله عن ولى نعمته الأول سمير رجب، عندما ذهب هو وجوقة من محاسيب رجب لتهنئته بعودته من أداء فريضة الحج، فسمع من يقول له «حج مبرور وذنب مغفور» فشخط إبراهيم فى الرجل وهو يقول: «إنت اتجننت.. هو الباشا عنده ذنوب»؟
كان من الطبيعى أن ينحنى كثيرا، حتى تلامس كتفيه سجادة مكتب سمير رجب، فالأخير هو من ابتلى المهنة به، وعينه صحفيا فى الجمهورية ومن ثم رئيسا لتحرير جريدة « The Egyptian Gazette» ثم أوصى به رجب فى نهاية عهده بتسليمه مقاليد رئاسة تحرير جريدة الجمهورية.
الزميل دندراوى الهوارى رئيس التحرير التنفيذى لصحيفة «اليوم السابع»، كتب ذات مرة عن إبراهيم وقال إنه التحق ببلاط صاحبة الجلالة من باب «الترجمة» الخلفى، وهبط على مقعد رئاسة تحرير جريدة الجمهورية ببراشوت «حلم فى المنام»، كان يتعبد فى محراب الرئيس الأسبق حسنى مبارك، ويسبح بحمده ونعمته، آناء الليل وأطراف النهار، مرتديا ملابس المناضلين الذين يدافعون بأرواحهم عن مبارك وأسرته.
كان الدافع لانتقاد الهوارى لإبراهيم مقالا كتبه الأخير يتهم فيه الرئيس السيسى بأنه السبب فى أن مصر شبه دولة، على اعتبار أن مبارك وكل الفساد الذى كان فى عصره والتجريف الذى مارسه بإتقان، جعل من مصر دولة على مقاس «كرش» إبراهيم.
الهوارى وصف إبراهيم بالبعرور مهنيا، فى تعليق على مقال لرئيس تحرير الجمهورية الأسبق، كتبه على هامش اجتماع القمة بين مبارك والملك الراحل عبدالله، فى السعودية، حيث ترك ما حدث فى لقاء القمة، وتحدث فقط عن أنواع الأكل «المحمر والمعمر» التى كانت تزخر بها الموائد الملكية من «الأوزى»، و«البعرور»، بجانب مصطلحات من عينة أنه «ملأ التانك»، قاصدا معدته، وأن عقله يتوقف عن التفكير والإبداع عندما «يجوع»، وبعدها بذل جهدا خارقا للحصول على فنجان قهوة، أو شاى، لتعمير «الطاسة»، ولكن فشل، وهو ما أصابه بحالة من العصبية وعدم التركيز، وانقلاب شديد فى «المود»، وأنه عندما استطاع أحد زملائه الحصول له على فنجان شاى، كانت الزيارة قد انتهت، وغادر مبارك وصحبته المملكة متوجها للقاهرة، ما دفعه إلى ترك الشاى، وبمجرد وصوله لمطار القاهرة، أسرع إلى منزله، وشرب «براد شاى بحاله».
وأنهى الهوارى مقاله بقوله لم تكن جريمة محمد على إبراهيم بتعبده آناء الليل وأطراف النهار فى محراب «مبارك»، ولكن جريمته الحقيقية، أنه خلع ثياب النضال عن مبارك «ولى نعمته» وتخلى عنه فى أحلك الظروف، عندما اندلعت ثورة 25 يناير التى تمكنت من إزاحة النظام بأكمله، بل «استخبى» بعيدا عن العيون، وعاش حالة من الخوف والرعب على أن تتجه بوصلة انتقام النشطاء والثوريين، فى اتجاهه، وظل حبيس الصومعة الباردة، متجمدا، ومرتجفا، حتى اندلعت ثورة 30 يونيو، ووصول الرئيس عبدالفتاح السيسى للحكم، حينها خرج محمد على إبراهيم، من صومعته، ليرتدى ثوب المعارض والمناضل، ويكتب كلاما لاذعا ضد نظام السيسى، فى ذات الصحف التى كان يهاجمها ويصفها بالمتآمرة.
فى حين كتب أمين صالح فى «اليوم السابع» أيضا عن واقعة الفيديو الشهير الذى ظهر فيه محمد على إبراهيم وهو يجلس على بطن سكرتيره إبان فترة توليه رئاسة تحرير الجمهورية، وهو يقول «أنا عايز برتقان زى اللى شربه اللمبى». ويضيف صالح، لم يترك محمد على إبراهيم محفلا لمبارك ورموز نظامه إلا وكان فى مقدمة المصفقين والمهللين، فتحول لمعارض شرس ضد سياسات النظام الحالى، بعدما طلب أكثر من مرة أن يجلس مع الرئيس السيسى فى لقاءاته بالكتاب والصحفيين، إلا أن مؤسسة الرئاسة كانت تميل ألا تجلس مع رموز مبارك، خاصة المتهمين بالتربح والكسب غير المشروع. سيظل محمر على أوزى، أو محمد على إبراهيم نموذجا، للكائن الحى الذى يعيش على أجساد أهل السلطة، قريبا جدا من بابهم، مخلصا دائما وأبدا لهم، طالما أطعموه، وملأوا له بطنه.
هو الإثبات الحى، أن الإنسان لم يخلق من نطفة، بل خلق من معدة، تشكل هو دون غيره من البشر حولها، ليكون كما أراد له الله أن يكون، ولا راد أبدا لقضاء الله.