البضائع الإسرائيلية تظهر مجدداً فى سيناء والبيع بـ«كلمة سر»
الإثنين، 20 مارس 2017 12:01 مكتب : محمد الحر
أمام محل صغير، لا تتجاوز مساحته مترا فى متر، بشارع 23 يوليو الرئيسى وسط مدينة العريش، يقف البائع «أبوأحمد»، معترضا طريق المارة، هامسا: «اتفضل عندى منتجات مش موجود بالسوق كله، جتنى جديد من غزة»
إقبال شديد على المنتجات الإسرائيلية بسبب جودتها.. والحجز مقدماً.. ورجال أعمال وفنانون يسافرون إلى سيناء لشرائها.. بعض المنتجات الإسرائيلية تصل أيضاً عن طريق الحدود المصرية مع الجانب الإسرائيلى..
يعرض «أبوأحمد» صور المنتجات الواردة من إسرائيل عبر الأنفاق من غزة، بعد غياب طويل، حيث توقفت تماما منذ ثورة 30 يونيو، وهدم قوات إنفاذ القانون للأنفاق بين مصر وغزة.
«هاى البضايع جتنى جديد ومحدودة، عبارة عن صابون من 3 أنواع وقهوة من نوعين، الصابون إسرائيلى والقهوة من غزة، منها نوعية معبأة فى إسرائيل»،يواصل «أبوأحمد» عروضه.
نشطت البضائع الإسرائيلية فى أسواق شمال سيناء، وتحديدا مدن الشيخ زويد ورفح والعريش، بعد ثورة 25 يناير، وكانت تُعرض بالأسواق بصورة علنية، وبأسعار مغرية قياسًا بالمنتج المصرى والتركى، وجودة هذه المنتجات العالية.
يقول «أبوأحمد»: «ساءت أحوالنا مع إغلاق الأنفاق تمامًا، ولكن طالما فيه فلسطينى، لازم تكون هناك أنفاق». مشيرا إلى أن المنتجات الإسرائيلية وصلته بمعرفة موزعين من رفح، بعد وصولها من غزة عبر ثلاثة أنفاق، تبدأ من مزارع وبيوت داخل أحياء مدينة رفح، وتظهر فى منطقة غرب رفح باتجاه الساحل.
طلبت شراء هذه المنتجات، لكن «أبوأحمد» تردد فى البداية بعد ارتيابه فى أسئلتى حولها، إلا أنه عاد واتفق على تسليم المنتجات فى اليوم الثانى، مشترطا استلام النقود قبل تسليم المنتجات.
فى اليوم التالى، وفى تمام الثالثة عصرا، كان الموعد المحدد لاستلام المنتجات المتفق عليها مع التاجر، وهى مجموعة من صابون هاواى، وعبوات من القهوة من نوعين مختلفين، وبعد تسليمه المبلغ المطلوب، طلب منى التوجه إلى محل دواجن بالقرب من محله، يقع بشارع سوق الخضار، وقال: «قل لصاحبه «أبوأحمد» بيقولك سعر الكيلو كام اليوم». بالفعل كانت العبارة «كلمة السر» مفتاح استلام المنتجات التى سلمها لى صاحب محل الدواجن مغلفة بعدة أكياس سوداء.
عبوة القهوة الأولى ذهبية اللون ماركة «بدرى وهنية»، قهوة خصوصى بالهيل، تاريخ إنتاجها 11/2/2017، وزنها 250 جراما، وتباع بـ 120 جنيها، والعبوة الأخرى ماركة «ديليس» بغلاف أسود مستوردة من إسرائيل لصالح شركة الفنجان الذهبى بغزة، زنتها 240 جراما وتباع بـ140 جنيها كونها نوعية فاخرة.
يشير «أبوأحمد» إلى أن هذه الأنواع من القهوة لها زبونها «زبونها حاضر دايمًا، لأن هنا فيه جالية فلسطينية متعودين عليها، وقهوة «ديليس» غالية الثمن، لأن زبائنها محددون، وبعضهم يأتى من القاهرة ومنهم رجال أعمال وشخصيات معروفة».
أما الصابون، فمن نوع «هاواى»، العبوة 4 قطع تُباع بـ 200 جنيه، فيما تباع الواحدة بـ50 جنيها، وهناك نوعان آخران هما «سفن»و«كيف»، وتباع منتجات الصابون بسعر موحد بـ 50 جنيها للقطعة الواحدة.
«عماد» اسم مستعار، من أبناء العريش، تصادف وجوده عند التاجر لشراء عبوة من الصابون، قال: «أنا استخدم صابون «هاواى» منذ حوالى 5 سنوات، وكنت أشترى العبوة بحوالى 40 جنيها، لكنها انقطعت بعد تدمير الأنفاق، ولم أجد لها بديلا أبدًا سواء المصرى أو التركى، فهو يُستخدم فى منازلنا مع المياه المالحة ومياه البحر، وهذا ما يميزه ويجعل الناس تقبل على شرائه».
وأضاف: «لو وصل سعر الصابونة الواحدة 100 جنيه هشتريها، لأنها بتوفر عليا 10 صابونات مصرية، ولأنها لا تنتهى بسرعة ولا تذوب بالماء، وبنفس الوقت جودتها عالية جدا».
«مراد» نجل التاجر، قال: المنتجات الإسرائيلية كانت مغرقة أسواق العريش، شيكولاته وشاى وصابون وشامبو ومسليات «جوز ولوز وكاجو ولب بأنواعه»، بجانب الحمص المعلب والبسكويت بأنواعه والزبادى».
يصمت ثم يواصل: «تخيل كان «الشميتو» أو الزبادى يصلنا من إسرائيل وعليه تاريخ انتاج نفس اليوم، العلبة بـ12 جنيهًا، لكنها تكفى أسرة لكونها كبيرة وجودتها عالية ودسمة جدا، والزبون بيحجز كميته قبل ما توصل البضاعة».
وحول عودة ظهور المنتجات الإسرائيلية فى العريش، قال: «الناس أوضاعها تعبانة، حركة بيع المنتجات المصرية ضعيفة، وجودتها قليلة وأسعارها مرتفعة، ومع فتح أنفاق جديدة، بدأت تصل هذه المنتجات للعريش ويبيعها تجار محددون بطريقة السوق السوداء، خشية الملاحقة الأمنية».
يؤكد «مراد» أن زبائن من القاهرة، يأتون «مخصوص» لشراء هذه المنتجات، ويضعونها داخل عبوات صابون مصرى، لتمريرها عبر الكمائن خاصة المتواجدة على قناة السويس، والقهوة وبعض أنواع البهارات، يتم إرسالها مع شركات الشحن لشخصيات كبيرة ومنهم فنانين، لأنها مميزة بمذاقها العالى وخاصة قهوة «ديليس».
أما المفاجأة التى فجرها «جواد»، فهى أن بعض المنتجات الإسرائيلية تصل أيضًا عن طريق الحدود المصرية مع الجانب الإسرائيلى: «هناك مهربين بيهربوا دخان «معسل» وسجائر وحشيش للجانب الإسرائيلى وهما راجعين بيجيبوا معاهم صابون ومنتجات إسرائيلية أخرى ويبيعوها لنا».
من جانبه يؤكد المحاسب فتحى أبوحمدى، وكيل وزارة التموين بشمال سيناء، أن كافة المنتجات الإسرائيلية كانت تصل أسواق العريش من خلال الأنفاق فترة الانفلات الأمنى، وخلال حكم الإخوان، حيث لم تكن هناك أى رقابة على الأسواق، ولم تكن لدينا القدرة على تسيير حملات بسبب سطوة التجار وتسليحهم فى تلك الفترة.
وأضاف أن البضائع الحالية غير معلنة، ولا يتم عرضها بالمحلات فى العريش، وهى مخالفة قانونًا، وفى حال تم ضبطها، تتم مصادرتها فورا ويتم تحرير محضر تموين للبائع الذى يبيعها.