العائدون إلى الآخرة.. ظاهرة انتحار الأطفال تداهم مجتمع المشاعر المتجمدة
السبت، 18 مارس 2017 08:00 صكتب - إسلام ناجي
أصبحت أخبار الانتحار أمرًا طبيعيًا في ظل الظروف النفسية والاقتصادية الصعبة التي يمر بها العامة من الشعب المصري، إلا أن الغير طبيعي هو توغل ظاهرة الانتحار بين الأطفال دون الثامنة عشر، ففي العام الحالي، شهدت مصر إقدام أكثر من 20 طفلاً على الانتحار وخلال السطور التالية ترصد «صوت الأمة» أبرز تلك الحالات.
غياب المدرسة
تغيب «محمد»عن المدرسة لشعوره بالضيق من زملائه وأساتذته، ولم يخبر والده بذلك خوفًا من أن يناله العقاب الشديد، فكان يخرج كل يوم في ميعاد المدرسة ولا يعود إلا بعد إنتهاء الدوام، وفي أحد الأيام كان الوالد قريب من المدرسة، فقرر أن يعرج على «محمد»، ليسأل أساتذته عن مستواه الدراسي إلا إنه فوجئ بتغيبه لليوم الثالث على التوالي، فعاد مسرعًا إلى المنزل، وسأل أبنه عما فعله طوال اليوم، فأخبره بتماسك إنه كان في المدرسة، وفور إنتهاء الحصص عاد إلى البيت.
أحمر وجه الأب غضبًا، وصفع «محمد» على وجهه، وأخبره بما دار معه في المدرسة، وأمطره بوابل من الشتائم، وهدده بإلقائه في الشارع إن كرر قعلتها مرة أخرى، فطأطأ الأبن رأسه خجلاً، ودخل غرفته، وجلس وحيدًا يفكر فيما حدث، فسيطر الغضب على عقله، وقرر الإنتحار لإنهاء حياته القصيرة، فتناول جرعة كبيرة من مبيد الحشرات الزراعية الذي يستخدم لمقاومة آفات محصول القمح، ما تسبب في تجمد كرات الدم ومنع وصول الأكسجين للمخ والقلب.
حبس شقيقه
تعلق «سامح»، بشقيقه الأكبر كثيرًا، ورافقه كظله تمامًا طوال 15 عامًا، حتى سُلب منه، وأُحتجز خلف قطبان سجن وادي النطرون، فجن جنونه وتمنى لو سُجن معه حتى لا يفترقا ولو للحظة واحدة، وانتظر موعد الزيارة بفارغ الصبر حتى يتمكن أخيرًا من رؤية شقيقه ويرتمي في حضنه، لكن آمله لم يتحقق فوالدته رفضت اصطحابه للسجن، وتحججت بمرضها.
مر ميعاد الزيارة الأولى، وأخذ يحسب الدقائق والساعات حتى الموعد التالي وكله شوق لشقيقه وصديقه المقرب، وعندما حان اليوم المنتظر، رفضت الأم مرة ثانية وقدمت له حجة جديدة لكنه لم يقتنع، وهددها بالانتحار إن لم تسمح له برؤية شقيقه، فلم تهتم لكلامه، اعتقادًا منها إنه عاجز عن إيذاء نملة، لكنه نفذ تهديده بأسرع وقت، فاستغل غيابها عن المنزل، وشنق نفسه.
خلافات والديه
رغم أن «حسام» لم يبلغ الرابعة عشر بعد إلا إنه عاني من اكتئاب شديد، بسبب الخلافات المستمرة بين والديه، ومعاملتهما السيئة له، وإلقاء اللوم عليه دائمًا لاستمرار زواجهما رغم تزعزعه، وكأن قدومه على الدنيا كان غلطة ربطتهما معًا للأبد وعليه دفع ثمن ذلك، فقرر إنهاء مأساته، وحلهما من أي إلتزامات تجاه بعضهما البعض بسببه.
حاول «حسام» توديعه والديه، لكنهما لم يمكناه من ذلك، ففشلت محاولته لاحتضان والده، ورفضت الأم تقبيله ظنًا منها أنه يهدف للحصول على بعض الأموال، فرجع إلى غرفته، وأغلق الباب خلفه، وأحضر كرسي مكتبه الخشبي، ووضعه في منتصف الغرفة، وصعد عليه حتى تمكن من تثبيت الحبل في مروحة السقف، ثم لفه حول عنقه، وركل الكرسي، وأخذ يتأرجح.
إنشغال صديقه
مر «محمد» بمشكلة كبيرة في المدرسة، فلجأ إلى صديقه المقرب لكنه تخلي عنه، ولم يساعده بحجة انشغاله في مشاكله الخاصة، فأحس بالوحدة خاصة وأن علاقته مع أفراد أسرته ليست جيدة، فدائمًا ما توبخه والدته بسبب إهماله لدراسته، ويضربه والده ويقطع عنه المصروف، ولا يمر يومًا إلا وتنشب مشاجرة كبيرة بينه وبين إخوته لأسباب تافهة.
قرر «محمد» التخلص من حياته، وقبل أن يبدأ في تنفيذ خطته دخل على حسابه على «فيس بوك» وكتب منشوره الأخير «أيها الأحياء تحت الأرض عودوا.. فإن الناس فوق الأرض قد ماتوا»، وفور انتهائه، أغلق حسابه وأخذ «حزام» من الدولاب وعلقه بمقبض الباب، وربطه بعنقه؛ لتنضم روحه إلى من تحت الأرض.
فسخ الخطوبة
أعُجب بها، فبادلته الإعجاب عشقًا، فتقدم لخطبتها ووافق أهلها نظرًا لإصرارها عليه رغم صغر سنها، مرت أشهر قليلة قبل أن تقتحم المشاكل علاقتهما، فظهرت الاختلافات، وكثرت الخلافات بينهما، ودخلت آخرى في حياته، مستغلة المشاجرات المستمرة بينه وبين «نيرة»، فقرر فسخ الخطوبة.
إنهارت «نيرة» بعد خسارتها حبيبها الأول، وفكرت في التخلص من حياتها، فجربت السم لكن والداها أنقذاها ونقلاها إلى المستشفى في الوقت الملائم، لم تستسلم وكررت المحاولة مرات ومرات، حتى نجحت أخيرًا في تحقيق هدفها بعدما ألقت بنفسها من نافذة حجرتها في الطابق الثاني عشر.
زواج والدها
أمضت «شهد» أبنة الثلاثة عشر ربيعًا عمرها القصير بعيدًا عن حضن والدها ووالدتها، فبعد موت أمها منذ 10 سنوات وزواج الأب بآخرى وبقائه بعيدًا عنها، تحولت بسمة «شهد» إلى دمعة لا تجف، وازداد الأمر سوءًا بسبب تجاهله لها ولحالتها النفسية المتدهورة، وإبعادها عنه والإبقاء عليها برفقة جدتها، وشقيقها المريض.
فكرت «شهد» في الانتحار وكان «الإيشارب» هو الوسيلة لتحقيق مبتغاها، فانتظرت خلود جدتها للنوم، ونفذت ما خططت له، فوجدت في ماسورة حديدية مثبتة بحوائط الطرقة المؤدية لغرف النوم ملاذها ووسيلة تحقيق رغبتها، فربطت بها «إيشارب أحمر» ولفته حول رقبتها، حتى كان لها ما أرادت ولفظت أنفاسها الأخيرة.