التفكير الحسن

الجمعة، 17 مارس 2017 06:26 م
التفكير الحسن
عمرو يسري يكتب

من منا لا يتمنَى أن يتحكم في الأفكار الشاغلة لوعيه؟ ومن منا لا يقع في أحيان كثيرة فريسة لفكرة ما تكون سبباً للألم و تهوي بالمزاج العام لصاحبها و يكون لها تأثيراً سلبياً على بعض الوقت من حياته حتى يستعيد زمام أمره بأن يستعيد قدرته على اختيار أفكاره.

و يختلف الناس في شيئين أساسيين أولاً في قدرتهم على اختيار أفكارهم و تبنِي أفكار معيَنة على حساب أخرى و ثانياً ترجمتهم للأفكار الشاغلة لوعيهم فمن أمثلة القوة أن يتبنَى الشخص فكرة ما الآن؛ ومن أمثلة التفاؤل أن تكون الترجمة العقلية للفكرة ترجمة تنعكس على الإحساس بالطِيب.

إذن هناك اتصال مباشر بين التفكير والإحساس؛ وللفكرة قدرة ما على التأثير على الإحساس؛ و العكس صحيح فقد يقع الكثير في فخ التأثُر بالإحساس العشوائي، الذي ينتج عنه أفكار من نوع ما يصدقها الشخص و تكون هي المحرك له و طبعاً محرك خطأ في أغلب الأحيان لأن العقل لعب الدور الثانوي و استسلم للإحساس بلا نقد أو تحليل.

والأفكار في ذاتها درجات من حيث قوَتها أي تأثرنا بها فالإنسان هو الذي يعطي الفكرة القوة و ذلك بانتباهه إليها؛ فكلما انتبه الشخص لفكرة كان انتباهه غذاؤها ويقع الكثير منا فريسة لأفكار ضارة تبعث على الألم؛ فتجد من الأفكار فكرة بسيطة أو عادية و منها فكرة أكثر قوة ومنها فكرة ملحة وفكرة وسواسية تتكرر كثيراً و منها العقائد وهي الأفكار التي يستقر عند الشخص اليقين بصحتها و تكون المحرك له أداءً و فعلاً فهي فكرة ثابتة راسخة.

 ومن أنواع و أنماط و أشكال التفكير؛ نوع قائم على التقدير حيث يستغرق صاحبه في الانتباه للنعم و من ثَمَ الإستمتاع بها و تذكرها و استعراضها على الوعي ومنها القائم على الانتقاد المستمر والاستغراق في سرد العيوب و المساوئ و منها المعني بإيجاد الحلول و إدارة المشاكل و الصراعات و منها المنتبه لعدد المشاكل والصراعات والمحن و الآلام.

و يثبت العلم و يستقر في اليقين أن الانتباه لشئ ما يثريه و يغذيه فتجد أن هؤلاء الذين يقضون أوقاتهم في البكاء والنحيب على ما لم يكن بتبنيهم السيء والفاشل من الأفكار أقل قدرة على التحقيق ومن ثم أقل قيمة لأنفسهم ومجتمعاتهم ممن يستدعون الأفكار الجميلة والبناءة وهؤلاء من البشر هم السعداء الصالحين الناظرين لأنعم الله.

ويتساءل الناس دائماً من أين نأتي بالأفكار؛ بهذا الصدد نقول للتيسير و التطبيق السريع لمن أراد الصحة هناك ثلاثة أماكن ننتقي منهم من الأفكار ما شئنا؛ الأول هو الماضي من مخزن الذكريات فالأصحاء يوجهون الإنتباه للذكريات الجميلة من المواقف والأشخاص و الأماكن والظروف وما تمنوه بالأمس البعيد وقدر الله حدوثه في الأمس القريب فينعمون بإحساس طيب يقوون به على المضي قدماً في الحياة بحسن ظن وتفاؤل و أمل.  

أما المكان الثاني فهو المستقبل و تكون الفكرة تخيلية مبنية علي ما يتمنى الشخص تحقيقه في المستقبل القريب أو البعيد و كلما كان التخيل أوضح و أدق كان الشخص أقرب لإيجاد طرق لتحقيق ما يتمنى ومن ثم الإستغراق في النوع الثالث من التفكير وهو التفكير في الحاضر؛ وعادة ما يقترن عند الأصحاء التفكير في الحاضر بالعمل و الاستغراق فيه؛ فيسمى الشخص حاضراً لأنه يشتبك مع ما يعمل بكل كيانه كالطالب في المذاكرة.

فَيَا أيها الناس أوصيكم باستخدام ما أوتينا من قدرة على اختيار أفكارنا باختيار الصالح النافع منها.

 

تعليقات (2)
الله عليك ..
بواسطة: Rere
بتاريخ: الجمعة، 17 مارس 2017 08:07 م

يسلم كلامك يا دكتور .. ربنا يحميك و يقدرك على افادة الناس ...

خرم الابره
بواسطة: مني صدقي
بتاريخ: الجمعة، 17 مارس 2017 10:10 م

عندما تسيطر علي الانسان فكره واحده فقط وتصبح هي كل شئ عندما تصبح الحياه نقطه واحده عندما يكون الانسان قد تعب من مشوار الحياه ووصل الي نقطه الراحه والاستمتاع بالهدوء وفجاءه تنقلب الامور راسا علي عقب في اعز الناس يفقد الا نسان توزانه وتبقي الافكار كانها مسخ لا معني له فلا تكلمني يا دكتور عن الاختيار لانك وقتها يجتاحك تسونامي يفقدك كل شئ حسره في القلب ومراره لا تزول

اضف تعليق


الأكثر قراءة