باحث فلسطيني يفتح خزائن أسراره لـ«صوت الأمة»: إسرائيل تريد أن تشارك دول المنطقة في تحمل تكاليف السلام.. موقعها الإقليمي تسبب في سقوط الكثير من جيرانها.. وإعادة رسم الحدود الدقيقة للمنطقة هدف اليهود (حوار)

الأحد، 12 مارس 2017 10:46 ص
باحث فلسطيني يفتح خزائن أسراره لـ«صوت الأمة»: إسرائيل تريد أن تشارك دول المنطقة في تحمل تكاليف السلام.. موقعها الإقليمي تسبب في سقوط الكثير من جيرانها.. وإعادة رسم الحدود الدقيقة للمنطقة هدف اليهود (حوار)
الباحث الفلسطيني منصور أبو كريم
كتب- مصطفى مكي

لا تزال القضية الفلسطينية محل جدل لا ينتهي منذ أن احتلتها إسرائيل وحتى الآن، ولا أحد يعرف متى تحل القضية؟، وما هي الآليات لحلها، وهل سيحدث سلام في يوم من الأيام بين غزة وإسرائيل، كل هذه الأسئلة طرحتها «صوت الأمة»، على الباحث الفلسطيني منصور أبو كريم، الذي كانت له العديد من الإجابات الشافية لها.. للمزيد من التفاصيل إلى نص الحوار.
 
ما هو الحل الإقليمي وفق الرؤية الإسرائيلية؟
إسرائيل تحاول تسوية القضية الفلسطينية عبر ما بات يعرف بـ«الحل الإقليمي»، وهو أن تشارك كل دول المنطقة في تحمل تكاليف السلام أو التسوية السياسية، حسب وجهة النظر الإسرائيلية، فخلال السنوات الماضية التي أعقبت الثورات العربية ظهر على السطح مصطلح السلام الإقليمي، الذي بدأت معظم الأحزاب والقوى السياسية الإسرائيلية الترويج له وكأنه المخرج الوحيد أو الحل الممكن في ظل هذه الظروف والمعطيات الفلسطينية الإسرائيلية من جانب والمعطيات الإقليمية والعربية من جانب أخر. فظهرت على السطح عدة تصورات إسرائيلية للتعامل مع القضية الفلسطينية ليس على أساس مبدأ الأرض مقابل السلام، وإنما وفق المنظور الإسرائيلي للحل الإقليمي، وبما يتوافق مع المحددات الاستراتيجية الإسرائيلية لحل المسألة الفلسطينية، التي تقوم على أساس ضرورة الاعتراف الفلسطيني بيهودية الدولة، مع سيطرة إسرائيلية على الكيان الفلسطيني.
 
كيف استفادت إسرائيل من التطورات الإقليمية في تسويق فكرتها؟
سعت إسرائيل إلى تعظيم الاستفادة من التطورات البيئة الإقليمية، فقد عملت على اتخاذ موقعًا لها وسط الموقف الإقليمي شديد السيولة الذي تسبب فيه وقوع كثير من جيرانها فريسة للاضطراب الداخلي، فضلًا عن حلحلة الوضع الجيوسياسي الناتج عن التنافس السعودي الإيراني، وكذلك تزايد حالة الصلف الروسي في مواجهة الانسحاب الأميركي الملاحظ. وفي هذا السياق، تبرز إسرائيل باعتبارها أكثر المستفيدين من اضطراب النظام الإقليمي في أعقاب الثورات العربية.
 
فعلى الرغم من حالة الفوضى التي تنتشر في كثير من البلدان المجاورة لإسرائيل، فمن المؤكد أن ثمة مجموعة من العناصر المرتبطة بالنموذج الإقليمي الحالي التي تستفيد منها إسرائيل من الناحية الأمنية. فمنذ انتشار حالة عدم الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة العربية، تبنت إسرائيل خطابًا مغايرًا للتعامل مع المسألة الفلسطينية، وذلك نابع من تغيرات البيئة الإقليمية بالأساس، فهي تصرح بأن أي تسوية للصراع مع الفلسطينيين يجب أن يكون عبر بوابة العالم العربي، كجزء من تسوية إقليمية عربية تساهم في حل المسألة الفلسطينية، والوصول لتسوية سياسية مع الشعب الفلسطيني، حيث أن إسرائيل تبنت رؤية جاءت انعكاس للأحداث الجارية في المنطقة العربية، تقوم على أساس مبدأ تطبيع العلاقات مع العالم العربي كمدخل لتسوية القضية الفلسطينية.
 
وترى إسرائيل أنه من خلال النموذج الحالي، ليس ثمة من يمكنه تحدي قدرة إسرائيل على الإبقاء على الوضع الحالي، فيما يتعلق بمسألة الأرضي الفلسطينية، أو من يمكنه فرض تكاليف باهظة عليها في حال استمرار الاحتلال. فقد فاقمت حالة التنافس بين اللاعبين الإقليميين من حالة الفرقة في الداخل الفلسطيني، كما أعاقت القرار الفلسطيني.
 
من وجهة نظرك ما هي مخاطر الحل الإقليمي على الحقوق الفلسطينية والعربية؟
تقوم فكرة الحل الإقليمي بالأساس على إمكانية إعادة رسم الحدود الدقيقة للمنطقة بناء على اعتبارات ديمغرافية وأمنية، بحيث يتم تبادل الأرض، وانتقال السيادة على التجمعات السكانية المتجاورة، عبر تبادل التجمعات السكانية اليهودية في الضفة الغربية القريبة من خط الهدنة، والتجمعات السكانية الفلسطينية الواقعة غرب وشمال خط الهدنة. وذلك من منطلق وجود ضرورة مهمة لفصل السكان الفلسطينيين عن اليهود. وترتكز هذه النظرية على افتراض حتمية قيام دولتين واحدة يهودية -هي إسرائيل- والثانية عربية -ويطلق عليها فيما بعد فلسطين- نظر لأن معدل النمو الطبيعي للسكان الفلسطينيين «والذي يعادل ضعف معدل اليهود» يمثل خطرًا على يهودية الدولة ما يدفع إلى تكوين دولة فلسطينية بجانب الدولة اليهودية الخالصة. ومن ثم فإن إسرائيل من أجل المحافظة على هويتها اليهودية والديمقراطية أن تدعم مبادلة الأراضي لتكوين الدولة الفلسطينية، وتوفر مبادلة المناطق تبعًا لخصائصها السكانية حل «الدولتين» وعلى أسس طويلة الأمد. 
 
وتستهدف هذه الخطة زيادة هامش المرونة في رسم الحدود، عن طريق إشراك دولة ثالثة ملتزمة بعلاقات سلام مع إسرائيل «مصر»، ولا يوجد لها نزاع إقليمي مع الدولة الإسرائيلية. ويقضي هذا الاقتراح بأن تقوم مصر بنقل أراضٍ «بين قطاع غزة ومدينة العريش» إلى الفلسطينيين، وأن تضم إسرائيل إليها تجمعات استيطانية وأراضي في منطقة غور الأردن، وصحراء «يهودا»، جنوب شرق الضفة الغربية. حيث ستتنازل إسرائيل لمصر عن (200-500) كيلومتر مربع من اراضي النقب المجاورة لشبه جزيرة سيناء مع طريق «كوريدور» بري يعبر النقب ليشكل جسرًا بريًا بين مصر والأردن.
 
وبالمقابل تتنازل مصر للفلسطينيين عن ضعف تلك المساحة في شمال سيناء تكون مجاورة لقطاع غزة. بحيث تزيد بشكل ملموس مساحة الأرض للمنطقة الأكثر ازدحامًا في العالم. وبالمثل يجب أن يقبل الفلسطينيون بسيادة إسرائيل على مناطق في الضفة الغربية بنقس القدر والمساحة. وعندها لن تشتمل على المناطق المجاورة للقدس فقط ومعها الكتل الاستيطانية، بل مناطق اضافية بدون مواطنين فلسطينيين على طول نهر الأردن، ومحميات طبيعية في صحراء الخليل وعلى شاطئ البحر الميت 14.
 
كيف يمكن أن تفرض إسرائيل الحل الإقليمي بالقوة.. وما هي مخاطره؟ 
من أجل ضمان تحقيق هذا المشروع قد تلجئ إسرائيل لاستخدام القوة، عبر شن عملية عسكرية كبيرة على قطاع غزة، قد تؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من الفلسطينيين من غزة، بتجاه شبة جزيرة سيناء، والبقاء فيها طوال فترة الحرب، وهكذا تضمن إسرائيل تنفيذ الحل الإقليمي بالقوة، عبر توطين الفلسطينيين في سيناء وإقامة دولة غزة الكبرى، خاصة في ظل حكم ترامب الذي قد يعطي إسرائيل غطاء دولي لارتكاب مجازر حرب في غزة، قد تدفع السكان بالهجرة تجاه سيناء.
 
فهذا السيناريو مطروح بقوة، خاصة في ظل الحديث الإسرائيلي عن قرب الانفجار الإنساني في غزة، وقرب فتح مواجهة عسكرية جديدة بين حماس والجيش الإسرائيلي، مما قد يخدم الطرفين، الطرف الإسرائيلي الذي يحاول إيجاد حل للقضية الفلسطينية على حساب الأرض المصرية، من خلال الحل الإقليمي ويخدم أيضا حركة حماس التي ترغب في توسيع مساحة قطاع غزة الذي يشهد كثافة سكانية كبيرة، لذلك فأن فكرة تحقيق هذا السيناريو أصبحت كبيرة جدا، في الحديث الإسرائيلي المتكرر عن قرب انفجار الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.
 
32017101232334-15726310_10154852791669136_8729394017123165500_n

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق