خاص| التجارة الأكثر ربحًا.. رحلة «النخاسة» من حلايب وشلاتين إلى سيناء
الأحد، 05 مارس 2017 07:58 م
في الوقت الذي يواجه في العالم بكل قوة، عبر ترسانات القوانين، عمليات تجارة الرقيق، والهجرة غير الشرعية، تتصاعد خطورة هذا النوع من الأعمال غير القانونية على الأراضي المصرية، لكن هذه المرة من البوابة الجنوبية «حلايب وشلاتين».
لم تكن حلايب وشلاتين مجرد أراضي مصرية، أهملتها الدولة لسنوات طويلة، حتى طمعت فيها الجارة الجنوبية «السودان»، بل أحد المداخل الاستراتيجية بالغة الأهمية إلى مصر، فعبرها تتم عشرات عمليات التهريب، من جميع الأنواع شهريًا.
وعلى الرغم من الجهود غير العادية التي تبذلها الأجهزة الأمنية، خاصة القوات المسلحة، ممثلة في سلاح حرس الحدود؛ لمواجهة جميع الأنشطة غير المشروعة التي تحدث في هذه الأماكن، فإنه ما زال لهذه العصابات مساحة من الحركة، اعتمادًا على اتساع طول الحدود المصرية، وانتشار المدقات الجبلية التي يصعب على الأجهزة الأمنية الوصول إليها، فضلا عن اختراقها في توقيتات مناسبة.
ورغم خطورة جميع أنواع عمليات التهريب، يبقى تهريب الرقيق، أحد أخطر الوجوه غير القانونية لما يجري هناك، في ظل البعد الإنساني الذي تتسم به هذه العمليات.
اخترقت «صوت الأمة» ملف تجارة الرقيق الشائك في حلايب وشلاتين، الذي تمتد خيوطه إلى سيناء، لتكشف التفاصيل المثيرة في هذه القضية.
«تجارة الرقيق.. الأكثر ربحًا»
تمثل تجارة الرقيق في المنطقة الحدودية الجنوبية -تحديدًا في حلايب وشلاتين- نشاطًا رائجًا، يجد من يقف وراءه وينفق الملايين على استمراره؛ لأنه يُدّر أرباحًا هائلة تصل لأضعاف ما يتم إنفاقه، خاصة أن استيراد العبيد من إفريقيا؛ لتصديرهم إلى إسرائيل عبر الأراضي المصرية، تتحكم فيه عصابات من المافيا الممتدة النفوذ والتأثير في مختلف دول العالم، كما أن بعضها يعمل في مجال الهجرة غير الشرعية، التي يتورط في أنشطتها، بعض الوزراء وكبار رجال الدولة في بعض الدول ومنها إيطاليا.
وتشير المعلومات إلى وجود أساليب محددة لإدخال العبيد إلى مصر، عبر الدروب الصحراوية، وتركهم في الصحراء، حتى يتسلمهم أطراف أخرى من البدو المكلفين باستكمال العمل داخل مصر، والذين يقودونهم إلى الأطراف الشمالية من البلاد، بعد أن يمنحوا هؤلاء المجلوبين صك العبودية.
«صك العبودية.. جواز السفر البديل»
يُعد «صك العبودية» وثيقة يتم تحريرها للمجلوب أيًا كانت جنسيته؛ كبديل لجواز السفر، أو أي إثبات لهويته، بحيث يتم تجريده من كل ما يُثبت شخصيته؛ لتفادي معرفة أي تفاصيل عن شخصه يمكن أن تقود إلى خيوط تساهم في كشف العملية، وحتى يظل المجلوب مرتبطًا بهم ولا يستطيع مغادرة البلد التي دخلها إلا عن طريق هذه العصابات.
وسبق لأجهزة الأمن في مصر ضبط أعداد كبيرة من هؤلاء المجلوبين، وبحوزة كل منهم صك العبودية الخاص به، وأعيد ترحيلهم إلى بلادهم.
وعندما يحاول أي من المجلوبين الاعتراض على الأوضاع غير المتوافقة مع ما تم إيهامه به قبل مغادرة بلده، فإن مصيره يكون بالقتل الفوري، أو تركه في الصحراء يواجه ضواريها، وهو المصير ذاته الذي يواجهه من يحاول الهرب من هذه العصابات ظنا أنه يمكنه التصرف بمفرده.
«الثلاجة.. مكان تجمع الرقيق»
وكشفت المعلومات عن بعض القبائل التي تستغل ما يُعرف بـ «تصريح الرعي» الذي تحصل عليه من السلطات، في ممارسة نشاطها التهريبي، مستفيدين من قدرتهم على التحرك بحرية تحت مظلة هذا التصريح.
وفي منطقة يُطلق عليها «الثلاجة» يتم تجميع المجلوبين الأفارقة في منطقة محددة، باعتباره المكان الذي يتم فيه تجميد تحركات هؤلاء الأفارقة لمدة معينة، حتى يتأكدوا من عدم وصول معلومات عنهم للأجهزة الأمنية، كما تُستغل فترة التجميد هذه في التجهيز للمرحلة التالية، وإعداد ملابس البدو لهم وتحديد خطوط السير الآمنة المناسبة لوجهة كل مجموعة من هؤلاء، وإن كان معظمهم يتجهون إلى إسرائيل.
وتتعدد المحطات التي يمر بها المجلوبون حتى يصلوا إلى المحطة الأخيرة في سيناء، وتقتضي الأمور انتقال المجلوبين عبر دروب الصحراء من حلايب إلى واحة سيوة، من باب التمويه على الأجهزة الأمنية التي تنشط كثيرًا بالقرب من هذه الدروب الجبلية في محاولات متواصلة للكشف عنها.
ولكل مجموعة من عصابات البدو دورًا تؤديه، طبقا للمساحة التي تستطيع السيطرة عليها من الصحراء، كما أنهم على اتصال وثيق بالقبائل الأخرى الممتدة على طول الصحراء المصرية وعرضها، ما يسهل عليهم تنفيذ خططهم.
«إسرائيل.. حلم الأفارقة الأكبر»
وتمثل إسرائيل الحلم الكبير الذي يدفع الأفارقة للمجازفة بأرواحهم في سبيل تحقيقه، في حين أنهم يتعرضون فيها إلى العمل بـ «السُخرة»، تحت وطأة الحاجة للمال وعدم امتلاك القدرة على العودة لأوطانهم، كما أن الدولة العبرية تستغل هؤلاء في أحط الأعمال لديها، فضلا عن اتخاذهم فئران تجارب لعمليات نزع وزراعة الأعضاء، وهذا أحد أسرار تقدم إسرائيل في هذا الشأن؛ كونها تجري تجاربها العلمية على الأفارقة دون الالتزام بالمواثيق الدولية التي تحفظ حقوق الإنسان.
«تهريب الجمال.. التجارة الرائجة»
وهناك عمليات تهريب تتم على هامش نشاط بيع البشر، فهناك منطقة يطلق عليها العتبة، وهى منطقة في الجبل منخفضة لا يدخلونها إلا بالسيارات الرباعية، ويستخدمونها في التهريب، فهم يعرفون دهاليز الجبل ومخارجه، لذلك هم بارعون في تهريب الجِمال، وأصبحت تجارة الجِمال المهربة نشطة، خاصة بعد قرار يوسف والي، وزير الزراعة الأسبق، بحظر استيراد الجِمال من السودان نهائيًا بحجة أن السودان غير خاضع لمنظمة الصحة العالمية، وانتشار مرض الحمى القلاعية، وبناءً عليه بدأ التهريب من السودان ويتم تصديره من شلاتين للقاهرة، وتسجيله تحت اسم «جمل محلي» على أنه من إنتاج شلاتين ويدخل الحجر البيطري.
وتدخل الجِمال بطرق شرعية وأخرى غير شرعية، فالطريق الشرعي يكون عن طريق المنافذ والحدود وشؤون القبائل، حيث يُمنح التاجر تصريحًا من شؤون القبائل بعدد الجِمال، وهو ما يُطلق عليه «شيك»، وبناءً عليه يدخل الحجر البيطري، ويتم اتخاذ الإجراءات المتبعة، ويتم حقنه وأخذ عينة من الدم وتحليلها في معامل التحاليل ويدخل في مرحلة الكي، وإصدار بطاقة لكل جمل.
وعبر هذه البطاقة، أو كما تُسمى «شيك»، تُباع الجِمال، وبعدها يتم عمل تصاريح من الوحدة المحلية ومجلس المدينة وجهاز شؤون القبائل وجهاز المخابرات، ويتم تحديد عدد الجِمال والمدينة المتجهة إليها.
وفي بعض الأحيان يزور المهربون هذه التصاريح لتهريب الجِمال دون دفع رسوم؛ لأن التصريح يكلف التاجر 150 جنيهًا، منها 85 جنيهًا لصالح مجلس المدينة و10 جنيهات لشؤون القبائل و35 جنيهًا للحجر البيطري، وتبلغ مدة التصريح 48 ساعة، ويخرج بعض السائقين من شلاتين ويعودون في اليوم التالي مباشرة، بمعنى أن السائق يخرج لتسليم الجِمال في القُصير، ثم يعود ويأخذ نقلة ثانية بنفس التصريح.
«مراكب الصيد وتهريب الأرز»
وعن عمليات تهريب الأرز، فهي تحدث عن طريقين، الأول هو «السيارات»، فالسيارة تأتي من جميع المحافظات لا يعترضها أحد وقبل البوابة بمسافة 2 كيلو متر تسلك طريق الجبل الذي ينتهي إلى محطة بنزين التعاون، ثم يسلك طريق الرشايدة للهروب من البوابة متجهًا إلى الجنوب، ثم يسلك الطريق الرئيسي وصولا إلى أبو رماد وحلايب ومنها للسودان عن طريق الجبل ويصل بسعر 20 جنيهًا للكيلو؛ نظرًا لعدم زراعته في السودان.
أما الطريقة الثانية فتحدث عبر مراكب الصيد، حيث يقوم مركب الصيد بتحميل الأرز بعيدًا عن مرأى ومسمع الجميع، ويأخذ طريق البحر جنوبًا ويصل إلى مدينة حلايب، حيث يتقابل مع مراكب الصيد السودانية، وتتم عملية التبادل، وتمكنت أجهزة المخابرات وحرس الحدود من ضبط العديد من السيارات ومراكب الصيد التي تُهرب الأرز.
حلايب وشلاتين (2)
حلايب وشلاتين (3)
حلايب وشلاتين (4)
حلايب وشلاتين (5)
حلايب وشلاتين (6)
حلايب وشلاتين (7)
حلايب وشلاتين (8)
حلايب وشلاتين (9)
حلايب وشلاتين (10)
حلايب وشلاتين (11)
حلايب وشلاتين (12)
حلايب وشلاتين (13)
حلايب وشلاتين (14)