زيارة لأرض الذهب
السبت، 04 مارس 2017 01:30 م
جمعني لقاء مع صديقي المقرب لقلبي الدكتور عبد الله غراب وزير البترول السابق ولم أكن أعلم ما يخفيه القدر من هذا اللقاء حيث تناولنا عده موضوعات ومشاكل إقتصادية وكيفية بث روح الأمل في نفوس الشعب المصري من خلال دوري الذي ألعبه وأساهم فيه في مجال الإعلام، فكان دوما يحثني علي ألقاء الضوء علي المشروعات القومية والإيجابيات وتصدير صورة إيجابية لمصر للخارج وبث الثقة في نفوس المستثمرين وإذ فجأة يأخذنا الحوار عن الثروات الباطنة في باطن الأراضي المصرية ولاسيما في الجبال الوعرة وهي الثروات المعدنية ومدى العراقيل والقوانين المكبلة للحكومات المصرية المتعاقبة في التوسع في جلب الاستثمارات لهذا القطاع الحيوي الذي يحمل الخير لمصر وكيف لنموذج منجم السكري عاني الكثير والكثير من المعاناه وكيف يتم تطبيق نظام مقاسمة الأرباح في المزايدات المطروحة للكشف عن الثروات المعدنية أسوة بما يتم في الكشف عن البترول والغاز ومطالبة المستثمرين بتطبيق نظام الإتاوة والضريبة الصالح لهم، وفاجأني بقوله أن المستثمر لا يهتم بنظام العقود على قدر اهتمامه بآليات تطبيقها والبيروقراطية التي يعانيها من قوانين مر عليها الزمن وأصبحت لم تتناسب مع زمن أصبح العالم قرية صغيرة والعالم يتسابق لتقديم التسهيلات لجذب الاستثمارات وإزالة المعوقات أمام المستثمر ووعدني بتدبير زيارة لي لهذا المنجم لأرى على الطبيعة الذهب المصري خيرات الله في الأرض وبالفعل وعد وأوفى وكانت زيارتي الخميس الماضي لمنجم السكري بصحبه وزير البترول طارق الملا الذي لم أقابله من قبل بحضور رئيس الشركة يوسف الراجحي، ومنذ أن وطأت قدماي مطار مرسى علم متوجها لمنجم السكري وعيناي مليئة بالفرحة من المناظر الطبيعية علي الأراضي المصرية التي منٌ الله بها علي مصر إلى أن وصلت منجم السكري وأول شئ أثار انتباهي عدد الشباب المصري الذي يعمل بالمشروع الذي تعدي الأربعة آلاف شاب وكانت المفاجأة الأولى هي تقديم عرض توضيحي للمشروع من قبل شاب لم يتعدى عمره 35عاما ويشغل نائب المدير العام وبدء الشرح موضحا مدى المعاناة التي يعانيها العاملين بالمشروع بشق الجبل ولاسيما تحت الأرض بعمق لا يقل عن 150 متر وعمل منافذ تهوية تخيلوا معي الظروف التي يعمل بها هؤلاء الشباب وهم خير أجناد الأرض في شق الجبال والعمل تحت الأرض في هذه الظروف الصعبة وكانت المفاجأة الثانية هو ما أعلنه من أن كل طن حجري في الجبل فوق الأرض يستخرج منه واحد جرام ذهب وكل طن تحت الأرض يستخرج من سته إلى ثماني جرام ذهب تخيلوا التكلفة التي يتحملها المستثمر في شق الجبل ثم طحن الأحجار ولتحويلها لجزيئات صغيرة جدا يتم عقب ذلك تنقيتها وتحويلها للرمال واستخراج الذهب منها ثم إعادة تنقيته مراحل عديدة ومعقدة استرجعت معها كلام الدكتور عبدالله غراب عن التكلفة الباهظة التي يتحملها المستثمر للإستثمار في هذا القطاع ولكن الاهم في هذه الزيارة والملفت للنظر والذي استوقفني كثيرا هو الروح الجديدة التي بثت في طريقة معاملة الحكومة للمستثمر وإحتوائه وإدارة حوار راقي معه والاستماع لمشاكله والوعد بحلها هذه الروح التي تميز وابدع فيها المهندس طارق الملا، والذي افتقدناها كثيرا في حكومات سابقة وهذا أكد لي حرص الدولة بجدية لتغيير السياسات المتبعة في التعامل مع المستثمر ومحاوله فتح حوار معه والتعرف على مشاكله والعمل على حلها للحفاظ على 20 مليار دولار احتياطي من الذهب و160 مليون دولار عائد المنجم للدخل القومي و14.5 مليون وقيه ذهب فكان الود والأحاديث المليئة بالشفافية وشرح وجه نظر الدولة بصدق في أنظمة التعاقدات التي تتم في مثل هذه القطاعات والفروق بين مقاسمة الارباح ونظام الأتاوه والضريبة وأيهما أصلح للاقتصاد والدخل القومي وشرح طبيعة عمل الحكومة التي تعد أمينة ومستأمنة على أموال وموارد الشعب وهذا لا يمنع من التفكير وبجدية في الوصول لحل وسط حفاظا على هذه الإستثمارات أسلوب راقي وواعي وحديث يتناسب مع تلك المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي تتطلب تكاتف كافة الجهود لجلب مزيد من الاستثمارات تميز وتألق فيها وزير أقل ما يطلق عليه الرجل المناسب في المكان والتوقيت المناسب ولاسيما أن مصر مقبله على طرح عدة مزايدات سغلق باب التقدم لها في العشرين من أبريل القادم وهي رسالة من طارق الملا للمستثمر بأن مصر جادة على جلب مزيد من الاستثمارات في هذه القطاعات وهي مدركة تماما بحقيقة ما يتحمله المستثمر من جرأه في الاستثمار في هذه القطاعات وهو ما يجب أن يقابله جرأه في حمايته من جانب الدولة فهنيئا لمصر بوزير البترول والثروة المعدنية وما يحمله من ثقافة الحوار الراقي وهنيئا لمصر بما تنتظروه من إستثمارات قادمة في العديد من قطاعات البترول والثروة المعدنية وشكرا لصديقي الراقي المهندس عبد الله غراب .