الأمراض النادرة سقطت من حساب الدولة.. 15 ألف مريض في مصر بين سندان «التشخيص الخاطئ» ومطرقة إهمال الحكومة.. «الجمعية المصرية لأمراض الكلى النادرة»: التأمين الصحي امتنع عن تنفيذ حكم قضائي لعلاجهم

الأحد، 26 فبراير 2017 11:00 ص
الأمراض النادرة سقطت من حساب الدولة.. 15 ألف مريض في مصر بين سندان «التشخيص الخاطئ» ومطرقة إهمال الحكومة.. «الجمعية المصرية لأمراض الكلى النادرة»: التأمين الصحي امتنع عن تنفيذ حكم قضائي لعلاجهم
مريض - أرشيفية
مرفت رياض

يحتفل العالم يوم 28 فبراير من كل عام باليوم العالمي للأمراض النادرة منذ حوالي 9 سنوات، وتهدف الاحتفالية إلى تشجيع المصابين وذويهم لمعرفة طبيعة حالتهم المرضية، ولتوفير رعاية صحية واجتماعية أفضل، هذه الأمراض تشكل عبئًا ثقيلًا على أفراد الأسرة والمجتمع، ويزيدها صعوبة أنه لا يتم تشخيصها بشكل سليم، ونادرًا ما يعرفها الأطباء، لأنها معقدة، وتؤدي إلى الإعاقة والموت المبكر.

ويقدر أن هناك أكثر من 60 مليون شخص مصاب بالأمراض النادرة في أوروبا وأمريكا الشمالية فقط، منهم 3.5 ملايين في بريطانيا وحدها، وفي مصر يقدر عدد المصابين بالأمراض النادرة بحوالي 15 ألف مريض.

وفي مصر هناك إهمال واضح من قبل الدولة تجاه أصحاب هذه الأمراض، وكشف عدد من أسر الأطفال المصابين بأمراض الكلى النادرة، لـ«صوت الأمة»، عن معاناتهم مع أطفالهم؛ فمنهم من اكتشف المرض مؤخرًا بعد إصابتهم، بالفشل الكلوي، بسبب خطأ التشخيص من البداية، وتتم عملية الغسيل الكلوي، ثلاث مرات أسبوعيًا بالإضافة لمعاناة من يقطنون منهم بالمحافظات، فلا يوجد غسيل كلوي في العديد من المحافظات ويضطرون لللجوء للقاهرة لعلاج أبنائهم.

موت بطئ
«أولادنا بيموتوا قدام عينينا بالبطي، واحنا بنموت قبلهم في كل لحظة بيعانوا فيها» هكذا بدأ والد الطفلة رضوى حديثه لـ«صوت الأمة، فابنته التي لم تكمل عامها الـثامن، أجري لها عملية زرع كلى، ويحاول الأب تقليل الجرعة التي يجب أن تتناولها، مشيرًا إلى أنه يحضر الدواء من فرنسا وتصل تكلفته إلى 220 يورو شهريًا، (أي ما يعادل 4500 جنيه مصري) شهريا، وقال إن العلاج لا يوجد في الدول العربية.

مشادة النائب ومسؤول الصحة
وما بين آلام المرض التي يعانون منها وضياع حقوقهم في أن تكفلهم الدولة وترعاهم والذي ظهر جليًا في مشادة حدثت بين عضو لجنة الصحة بمجلس النواب الدكتور مجدي راشد أستاذ طب وجراحة العيون بجامعة الزقازيق، والدكتورة ناهد عبدالخالق مدير عام الإدارة العامة للحد من الإعاقة بوزارة الصحة، حيث تبادلا الاتهامات، في إحدى المؤتمرات التي أقامتها جمعية أمراض الكلى النادرة خلال فبراير الجاري.


وبدأت المشادة، حينما تساءل «راشد»: «أين دور الدولة في رعاية وعلاج هؤلاء الأطفال؟ لماذا لا تتيحه؟ هل سعره المشكلة؟ أم عدم توافره؟ وردت الدكتورة ناهد، بأنه على مجلس النواب أن ينظر للجهود الطبية، وليس إلى القوانين ولا يوجد ما يسمى علاج غير متاح، المشكلة أننا كدولة هناك نظم تحكمنا، وأن أي علاج لابد أن يكون مسجل بهيئة الأدوية المصرية، وهناك بعض الأدوية التي تخص الحالات النادرة غير مسجلة.

وقاطعها راشد: «يعني المشكلة في مجلس النواب؟! ولا في الإدارة المركزية للصيدلة الفاشلة؟ وتسجيل الدواء آلية تقوم بها الإدارة المركزية فهي التي تسمح أو لا تسمح بالتسجيل، وهناك شركات تريد أن تسجل أدوية معترف بها عالميًا منذ ست سنوات، ولا تستطيع التسجيل بسبب هذه الإدارة، ولا يوجد ما يسمى هيئة الأدوية المصرية، والمريض لا يعنيه مسجل أو غير مسجل هو يريد أن يحيا حياة صحية سليمة وبكرامة»، ووجه إليها سؤالًا كيف يكون هناك حكم محكمة ولا ينفذ من قبل هيئة التأمين الصحي؟! هذا ليس إهدارًا فقط لحق المواطن في العلاج فقط، ولكن تحد واضح لأحكام القضاء، وأنا بدوري كعضو مجلس النواب سأتقدم بطلب إحاطة لوزير الصحة، ورئيس هيئة التأمين الصحي، ليرد على هذه التساؤلات وإيجاد حل لهؤلاء الأطفال وإعادة النظر في توزيع ميزانية وزارة الصحة توزيعًا عادلًا يغطي جميع الحالات».

وقال «راشد» لـ«صوت الأمة»، إن عدد الأمراض النادرة في مصر، يصل إلى 18 مرضًا وراثيًا ونادرًا، وإن عدد المصابين بالأمراض الناردة حوالي 15 ألف مريض، ويرجع السبب الأساسي في الإصابة بالأمراض النادرة إلى زواج الأقارب، ورأى أن الاحتفال باليوم العالمي للأمراض النادرة في مصر يلقي الضوء على هذه الأمراض وأنواعها وكيفية تشخيصها، لأننا في مصر ليس لنا باع في هذه الأمراض، ولا يتم التشخيص بشكل صحيح ومعرفة نوعية المرض، وهو ما يقلل من فرص المريض في العلاج.

وأشار إلى أن التكلفة المادية لعلاج المرض تمثل عبئًا كبيرًا على المريض وأسرته، ولابد أن تهتم الدولة بهذه الفئات من المرضى، وتقديم الدعم المادي والمعنوي من الدولة والمؤسسات الأهلية لأنهم يعانون أشد المعاناه من المرض تارة، ومن إهمال الدولة لطبيعة أمراضهم تارة أخرى، ولفت إلى أهمية دور الإعلام في التوعية الشاملة للأسرة والمجتمع ككل.

مخاطر التشخيص المتأخر
الدكتورة نيفين سليمان عضو الجمعية المصرية لأمراض الكلى النادرة في مصر، قالت لـ«صوت الأمة»، إن مرض «السيستينوس»، من الأمراض النادرة في مصر الذي يصاب به الأطفال عن طريق الأب أو الأم الحاملين للجين، لكنهم في ظاهرهم أشخاص طبيعيون، ويصاب نسبة 25% للأطفال من الأبوين، وتزداد نسبة حدوثه من زواج الأقارب ويؤدي إلى حدوث تكسير في البروتينات بالجسم، وحموضة بالدم، مما يفقد الطفل السوائل والأملاح بالدم تنتهي إلى إصابة 95% منهم بفشل كلوي، وإذا لم يعالج الطفل يحتاج إلى غسيل وزراعة للكلى حتى سن العاشرة، بالإضافة لإصابة الغدة الدرقية وضعف في عضلات الجسم، ويصاب الطفل بمرض السكري والضغط والعمى.

حكم قضائي
وأكدت نيفين أنه للأسف لا يوجد علاج له في مصر لكنه يأتي من الخارج، مضيفة: «طالبنا الحكومة أكثر من مرة أن تدرجه في قوائم العلاج بالتأمين الصحي ولا مجيب، والجمعية تساعد هؤلاء الأطفال مساعدات خاصة من حسابها وحساب أعضائها، وعلاج للطفل الواحد يتكلف حوالي 4500 جنيه مصري شهريًا».

وتابعت: «التأمين الصحي لا يعالج هذه الحالات برغم تغطيته لها، والعجيب في الأمر أن التأمين الصحي يعمل الغسيل الكلوي وعلاج الكلى لهؤلاء الأطفال أي بعد حدوث الكارثة، وإذا حسبنا تكلفة الغسيل الكلوي، والمحاليل والعلاج تفوق تكلفة علاج المرض من بدايته، وهناك حكم قضائي منذ عام 2014، على هيئة التأمين الصحي لتوفير العلاج لهؤلاء الأطفال، والتأمين الصحي يرفض ويمتنع عن تنفيذ حكم القضاء!».

وأشارت إلى أنه حتى عام 2016 تم اكتشاف 60 حالة تعاني من هذا المرض، ومتوقع زيادته لأكثر من 200 مريض.

الدكتورة ناهد عبدالخالق مدير عام الإدارة العامة للحد من الإعاقة بوزارة الصحة، أوضحت لـ«صوت الأمة»، أن هناك أنواع كثيرة من الأمراض النادرة وتشمل أمراض جسدية أو نفسية، وأشهرهم «جوشير» وتتحمل الدولة تكلفة علاج الطفل لهذا المرض حوالي 21 مليون جنيه سنويًا، بالإضافة لمرض الهيموفيليا «نزيف الدم»، والألبينو «البهاق»، أو مرض متلازمة مرفأ هاربور وهو «قصور نمو العظام»، وأمراض الأوعية الدموية، والأمراض الجلدية، وأمراض الغدد الصماء، وأمراض الجهاز البولي، وأمراض العظام.

وأشارت إلى أن الوزارة تعالج أمراض عدة منها حوالي 15 مرضًا ممن تندرج تحت مسمى الأمراض النادرة، ومنها أمراض العيوب الخلقية بالقلب وحالات الصمم وزرع القوقعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق