اسمعني بس (1)
الجمعة، 17 فبراير 2017 09:27 ص
- اسمعني
- مانا سامعك أهو.. ها قولي.
- النهاردة نزلت أشتري حاجات من السوبر ماركت، كل حاجة بقت غالية جدًا، تصدق قابلت واحدة ست شكلها طيب أوي، تخيل طبطبت عليّا، بس لما جيت أدفع الفاتورة ماكنش معايا يكمل الحساب، لأن الفراخ غليت هيّه كمان، بس الست كانت شبه ماما أوي.. ماما وحشتني.
- كلامك كله مش مترابط، مش فاهم يعني عايزة إيه، متعرفيش تدخلي في الموضوع على طول!
- بس اسمعني يا فت..
ينصرف فتحي انصراف مفاجيء من معّية فوزية، محدثًا نفسه أن عقليتها تمامًا (ملوخية)، ينظر لها نظرة فتحاوية أصيلة على أنها كائن (أنوي) نادر غريب الأطوار، فهو لا يفهم كيف يردد أي كائن حيّ كل هذا الكم من الكلمات المتبعثرة المُعبرة عن مواضيع مختلفة في آن واحد.
قد تنهار الفوزية باكية، أو تبدأ في إشعال شرارة المعركة، ويعقب ذلك جملة واحدة اعتادت تذييل كل حواراتها مع فتحي بها:
- انت مش بتحبني.
فيرد هو: البيت ده بقى لا يطاق.
الغريب إن فوزية كانت بتحب فتحي، وفتحي كان بيحب فوزية، وشيئًا فشيئًا بعد زواجهم، لم يعد للحب مكان بينهما.
ففتحي يضع لفوزية لقب «نكدية» علي موبايله.
وفوزية لا تضع له أي لقب أو كُنية خصوصية، هكذا اسمه مجرد «فتحي»، وهذا أمر – لو تعلمون بقاموس الفوزيات - عظيم!
عزيزي كل فتحي، فلنفتح معًا قاموس الترجمة «فوزية – فتحي»، لنرى ما الخطأ الذي وَقعتَ فيه؟ بعدم تفهمك لاختلافك الطبيعي عن فوزية؟
ولنرى كيف تستطيع فوزية أن تعذر انصرافك عن الاستماع إليها، دون أن تراه يستهدف جرح مشاعرها؟
شوف يا فتحي.. كما تحتاج كهفك للراحة، تحتاج الفوزية للفضفضة؛ فمشاعر الفوزيات كلهن جميعًا، مهما تقلدن من مناصب، ومهما بلغت ثقتهن بأنفسهن، هي كالموجات، تصعد إلى أعلى قممها المبهجة السعيدة، ثم تنهار لأسفل قيعانها المحبطة، تباغتهن فجأة، فيحاولن إدراك ذواتهن وقتها، لكن دون جدوى.
قد يبكي بعضهن، وقد لا يدري البعض الآخر لماذا يمررن بتلك المشاعر المؤلمة، وقد يتعلم بعضهن الآخر وسائل للتنفيس عن تلك المشاعر.
ولكن تظل تحتاج وقتها فقط لـ«الفضفضة»، فإذا ما «نفضت» لها، تكسرت مشاعرها دون أن تلمس قاعها، وتكسرت معها جُدر ثقتها في حبك لها.
ولربما ربطت تذمرك من فضفضتها في عقلها اللاواعي بتعبيرها عن مشاعرها عمومًا، فامتنعت عنه.
وتسألني أيها الكائن الفتحي، وما الضير في ذلك؟
- (أهو البيت يهدى شوية من النكد)
لا يا فتحي! ويلك من ذلك كويل كل إنسان لم يعي الاختلاف بينه وبين من حوله، فأذى نفسه قبل أن يصل أذاه لغيره.
عزيزي الفتحي، إذا ما فقدت الفوزية قدرتها على «الفضفضة»، فقدت قدرتها على «البوح» نفسه، ومعه قدرتها على التعبير عن مشاعرها بصفة عامة، فأصبحت امرأة بحق «نكدية»!
- هو مافيش حاجة بتبسطك أبدًا
نسمع هكذا صوتك..
فبالفعل تراكم مشاعرها السلبية داخلها يفقدها القدرة على البهجة، ويُضاعف ألمها كلما استهزأت بحديثها أو لومتها عليه.
لأنها لا تدرك – في تلك الأوقات تحديدًا – لماذا تريد الفضفضة، هي لم تلمس بعد قاع مشاعرها، الذي بمجرد أن تبلغه سترتاح بمفردها دون أن تفعل انت أي شيء سوى الإنصات المتعاطف لها، هي قادرة على إيجاد حلول تُريحها.
وآهٍ لو كان في قاع مشاعرها تراكم لصخور آمالٍ، تحطمت عليها أنوثة فوزية من قبل زواجها بك، خلال طفولتها مع أبٍ قاسٍ، أو مجتمعٍ رافض، أو أصدقاء تهزأ من أنوثتها في مراهقتها، وقتها سيكون قاع مشاعرها ألمه مضاعف، واحتياجها للفضفضة ضرورة نفسية، واحتياجها لتفهمك أساس لتصبح إنسانة سوية.
وكيف تعذرين فتحي يا فوزيتي الجميلة، إذا ما طرقت باب أذنه، فوجدتيه عنكِ منصرفا؟
اعلمي أن عقل فتحي مصمم كملفات الكومبيوتر، فكل كلمة في حديثك يفتح لها ملفًا داخل عقله، ليحدد المشكلة، فيصفي ذهنه لها، وفي النهاية يقدم لكِ حلًا.
فحديثك في بداية المقال، فتحتِ فيه ملف «ارتفاع الأسعار» وتركتيه، وفتحتي ملف «الطيبة»، وتركتيه، وملف «حماته»، وملف «عدم قدرتك على السداد».. وهلمَ جرا!
عزيزتي ماذا يحدث للكومبيوتر إذا ما فتحتِ ملفاتٍ كثيرة مرة واحدة؟ بالطبع «سيهنج»! وستهرب منك شاشته مُصدِّرة لكِ جملة واحدة «اضغط زر الريسترت، الجهاز توقف عن العمل».
هو أيضًا ينصرف عنكِ، لأن عقله بحديثك قد صار مشوشًا بشدة، هذا أيضًا له مؤلم جدًا.
عزيزي كل فتحي، إنصاتك لفوزية يشبه تمامًا في حجم تأثيره عليها، إنجازك لصفقة مالية عظيمة أو لهدفٍ صعب، صفق لك بسببه مديرك.
ماذا لو قررت أن تستمتع بإنجازات من نوع آخر، فتقرر أن تستمع لفوزية في إنصات محاولًا إبداء التعاطف دون الهم بالحلول أو الانصراف الملول.
ماذا لو قررت بإدراكك للاختلاف أن تنفذ الـ6 نقاط التالية:
1- أن تنصت لها دون مقاطعة بهدف التعاطف.
2- أن تقرر ألا تقدم لها أي حلول.. فقط تنصت!
3- ألا تستهزأ أبدًا بما تحكيه لك «فزفوزة».
4- ألا تلومها أبدًا على مشاعرها مهما بدت لك «مجنونة»!
5- ألا تشرح لها الآن لماذا هي مخطئة في ما تتكلم عنه، تذكر فقط.. انصت!
6- أن تُشعِرها بعد إنصاتك لها أنك هنا بجانبها، سندها.. أنك هنا لأجلها.
فقط بالإحساس، لا أطلب منك أن تعبر بالكلمات، فلم يعتاد «الكائن الفتحي المصري» تحديدًا أن يعبر عن مشاعره بسهولة، لكن أعدك أنها لو شعرت فقط بتعاطفك معها، سيصلها إحساسك دون أن تنطق ببنت شفة.
عزيزي كل فتحي..
أن تضم لقائمة إنجازتك الشخصية نجاحك في زواجك، هذا أمر يستحق المحاولة والتحدي! ثق فيّ..
بالتأكيد، أنت حر في قبول كلامي أو رفضه، ولكن ماذا عن متعة قبول التحدي؟
تحدي إنك «بس»..
تسمع فزفوزتك.