هل يتخلى أردوغان عن «الإرهابية» لاسترضاء ترامب؟ (تقرير)
الأحد، 12 فبراير 2017 11:44 ص
في الوقت الذي يسارع فيه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لاستعداء الرأي العام في بلاده ضد توجهات الغرب المناهضة للإسلام، وهو ما ظهر بصورة كبيرة في العديد من مواقفه السابقة، وعلى رأسها الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للإسلام التي نشرتها الصحيفة الفرنسية «شارل إيبدو»، والتي كانت سببًا في دعوته للعالم الغربي لمراجعة مفهوم حرية الصحافة، إلا أنه يبدو تراجع بصورة كبيرة تجاه السياسات التي يتبناها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ضد المسلمين، فالرئيس التركي الذي اعتبره الكثير من الإسلاميين «الخليفة» الجديد لهم، لم يحرك ساكنًا تجاه القرار التنفيذي الأخير، الذي اتخذته إدارة ترامب، بحظر دخول المسلمين من 7 دول ذات أغلبية مسلمة إلى الأراضي الأمريكية، الأمر الذي يثير تساؤلات عدة عن سياسة تركيا تجاه الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي الجديد.
فرصة نادرة
يبدو أن أردوغان، يسعى نحو استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة في الأيام المقبلة، خاصة وأنها شهدت تدهورًا ملحوظًا في الأيام الأخيرة للرئيس السابق باراك أوباما، من جراء ما اعتبره الرئيس التركي تخليًا عنه في أعقاب محاولة التحرك العسكري الفاشل للاستيلاء على الحكم في بلاده في يوليو الماضي، وذلك بعد سنوات من التحالف بين البلدين، حيث إن سياسة الإدارة السابقة في الشرق الأوسط كانت تعتمد في الأساس على تركيا في تنفيذ سياساتها على حساب حلفاء أمريكا الرئيسيين.
الباحث التركي أوزجور أنلوهيساركلي، قال في تصريح أبرزته صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، أن الحكومة التركية تعتبر الإدارة الأمريكية الجديدة بمثابة فرصة لها، من أجل استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، في ضوء التدهور الذي شابها في أشهر أوباما الأخيرة، الأمر الذي دفع أردوغان إلى الارتماء في أحضان روسيا، وبالتالي فإنه لا يرغب في المخاطرة بمثل هذه الفرصة، من أجل حديث ترامب عن المسلمين.
السيسي كلمة السر
إلا أن الأمر ربما يحمل أبعادًا أخرى في العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة، خاصة بعد ما نشر حول نية إدارة ترامب إدارج جماعة الإخوان المسلمين في قائمة التنظيمات الإرهابية، وهي الخطوة التي تمثل تهديدًا حقيقيًا لتركيا في المرحلة المقبلة، في ظل العلاقات القوية التي تجمع بين نظام العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية في تركيا، وقيادات الجماعة في مختلف الدول العربية.
يرى المحلل السياسي نيكولاي باخوموف، في مقال منشور له بمجلة «بوليتيكو» الأمريكية، أن الرئيس التركي ينبغي أن يكون حذرًا من جراء سياسات ترامب، وخطواته غير المتوقعة في المرحلة المقبلة، فيما يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط، خاصة أن الإدارة الأمريكية تعطي أولوية كبيرة للقضاء على جميع التنظيمات المتطرفة، والحركات الإسلامية، التي دعمها أردوغان طيلة السنوات الماضية، سواء في مصر أو سوريا أو غيرهما من دول المنطقة، وبالتالي فمن غير المستبعد أن يواجه سياسات عدائية من قبل الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة.
وأضاف أن أكثر ما يقلق أردوغان «التقارب بين ترامب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي»، مشيرًا إلى أنه يمثل تحولًا كبيرًا في سياسات أمريكا تجاه المنطقة، خاصة أن الإدارة السابقة لم تحمل نفس التوجه تجاه النظام المصري، والتي كانت أكثر أمر انسجم معه الرئيس التركي طيلة السنوات الماضية، ورجح أن أردوغان رأى أنه ليس من مصلحة النظام التركي الدخول في مواجهات مع أمريكا، لأن ذلك من شأنه مواجهة تداعيات ثقيلة أهمها انحسار النفوذ التركي، لصالح مناوئيها، فضلًا عن التداعيات الاقتصادية والسياسية الأخرى.
صفقة محتملة
لعل أكثر القضايا الخلافية التي قد تثير توترًا بين الحكومة التركية والإدارة الأمريكية، مسألة تسليم المعارض التركي فتح الله كولن، الذي يرى أردوغان أنه المحرض على التحرك العسكري ضده في يوليو الماضي، فالرئيس الأمريكي ربما يحاول عقد صفقة لمساومة أردوغان على تسليم كولن، مقابل تسليم تركيا الإسلاميين الذين منحهم اللجوء في بلاده، وعلى رأسهم قيادات جماعة الإخوان.
يقول الكاتب الأمريكي جون جولدمان، في مقال له بموقع «كونسيرفاتيف ريفيو» إن عقد الصفقات أهم ما يميز ترامب، وبالتالي فربما يسير في صفقة من شأنها وضع الرئيس التركي، في موقف حرج حيث يشترط فيها تسليم القيادات الإسلامية المتواجدة في بلاده إذا ما أراد تسَلم كولن.