بعد الفوز

الجمعة، 03 فبراير 2017 12:58 م
بعد الفوز
عمرو يسري يكتب

علت أصوات الفوز، لتحيٍي إحساسًا أوشكت جموع شعب مصر على نسيانه، حيث كانت معظم إن لم تكن كل المؤشرات التي تصب في إسعاد وراحة وفرحة المواطن المباشرة وغير المباشرة في تراجع مُطًرِد.

أكتب عن الفرحة، فرحة الفوز والانتصار، فرحة البشارة والأمل، فرحة لَمّ شمل أهل البيت الواحد بعد زمان من اليأس والإحباط والألم، بسبب كثرة الضغوط الاجتماعية والمادية مع فقر في إدارة التوقعات وإدارة الموارد، وأتكلم هنا عن الشخص لا عن المجتمع، لأنه إن أحسن فرد ونجح وانتصر يكون صاحب تأثير إيجابي على من حوله فيأخذون منه الثقة والأمل، فيندفعون دفعًا للعمل بهمة ونشاط، ومن ثم تزيد إنتاجية الفرد وبالتبعية جودة المنتج.

ومن الناس من ينتظر الفرحة والانتصار والفوز أن يأتيهم بلا عمل، فيتقمصون شخصية القوي المنتصر بفوز ونجاح آخرين، وهم جد كسالى متفلسفون متحزلقون تشعر من كلامهم بالنبوغ، وتحسبهم من فزلكتهم، وأحيانًا تقعرهم في الكلام أنك تخاطب عباقرة العالم، وهم عن النجاح بعيدون.

ومن الشاهد أن المندفعين نحو النجاح لا يتكلمون كثيرًا، فهم منشغلون بالعمل ومنتشون بالنتائج التي يحققونها، وتأثيرها على الآخرين، وقد قيل في ذلك إن أردت إتمام مهمة ما أوكلها لشخص مشغول.

وكم تمنينا أن يمارس محبو ومشجعو رياضة معينة هذه الرياضة، فيثمر حبه لها نفعًا على صحته ومزاجه العام ولياقته، فضلًا عما يضيفه عندئذ للمجتمع لا أن تستنفر طاقاته وتنتفض جوارحه لإشباع مشاعره الحماسيه فقط.

ومع ذلك يتسبب الفوز بالتفاف عدد من الناس حول حدث معين (سبب الفوز) فيشعرون بطاقة معينة (حماس وثقة)، وكلما زاد عدد الناس زاد ذات الإحساس الجمعي، والذي يؤدي إلى زيادة التركيز الذهني، ومن ثم تحسن في الإنتاج الوظيفي والإبداع في العمل، ما يؤدي إلى الارتقاء بالمجتمع ويصبح كل فرد منا سببًا للفوز والنصر.

ومن الثابت أن إتمام المهمات لا يقوى ويقدر عليه إلا الشخص المشغول، لأنه معني بالعمل والتحقيق وتجد اتجاه كيانه العقلي يذهب إلى إتمام الأمور، فلا يماطل ولا يراوغ ولا ينتظر من الآخرين الأخذ بعجلة قيادة حياته، بل هو السائق المحقق القائد الآخذ بأسباب التمام والإتمام الساعي في طريق النصر والفوز.

وكلما كثرت عينات من هذا الشخص في مجتمع، كلما تكاثرت وتعاظمت حصيلة نجاح هذا المجتمع وإنه لمن الفرص العظيمة لشخص أن يغير من مسار حياته من عاطل إلى عامل أو من جيد التحقيق إلى ممتاز، الأوقات التي يخيم على المجتمع فيها الإحساس بالفرح المبني على النصر والفوز.

وقد اتفقت وأجمعت الرسالات السماوية والعلوم الأرضية، على إعمال العقل والاستناد إلى المنطق جنبًا إلى جنب مع الشواهد العينية من الأمثلة الحياتية برؤية وحكم أهل العلم المستنيرين، أن الانتصار الحقيقي يبدأ بالانتصار على ضعف النفس وعجزها، الذي يدفعنا إلى التكاسل والدعة والاستسلام للرتابة مع استمرارية إعمال الأساليب الدفاعية النفسية «العاجزة» والتي تفادينا الألم الناتج عندئذ عن مواجهة أنفسنا بالحقائق التي تقودنا إلى منطقة حتمية مواجهة هذا الضعف بإعمالنا إرادتنا المستقلة باختيارنا الفردي المتفرد المنفرد، وبذلك يبدأ العاجز المتكاسل بأخذ مسئولية حياته، ومن ثم بداية طريق الحرية والبناء والارتقاء والنصر والفوز.

وأذكر نفسي ومن ينتظر ساعة البدء للأخذ بذمام أمره وينتصر ويفوز «ألم يأن لك أيها العاقل أن تعِيَ وتستفيق؟» إن وقت التحرر قد آن ما العمر إلَا لحظات اسمها الآن.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق