عائلات تعيش على روث الأبقار (صور)
الجمعة، 03 فبراير 2017 03:04 م![عائلات تعيش على روث الأبقار (صور) عائلات تعيش على روث الأبقار (صور)](https://img.soutalomma.com/Large/506391.jpg)
مع بزوغ الخيط الأبيض من الفجر.. يخرج من منزل ريفي بسيط، شخصان يرتديان جلبابًا، يرفع كلا منهما طرف جلبابه، خوفًا من التعثر في عتمة الليل التي لم يقتلها ضوء الشمس بعد.. يتوجهان إلى بناية أقل من منزلهما تعقيدًا في المعمار، قد تعتقد أنها بُنيت بيد أطفال على شاطىء بحر من الرمال.. في حذر وترقب شديدين، يتحسسان خطواتهما وتتباعد أقدامهما بين الحين والآخر، كأنهما يخشيان السقوط.. وعقب اقترابهما من البناية البسيطة يسمعان صوتا: «هم يا أحمد.. يا أماني هاتي الحاجة بسرعة».
يلحق بهما مجموعة من الأطفال والنساء، يحملون معدات ريفية بسيطة، ثم تتسارع خطوات سيدة خلف الأطفال تدفعهم إلى الإسراع- وكأنها خلية من النحل تقودها الملكة.. يحملون أدوات زراعية ذات مقبض طويل وشوكات طويلة، يُطلق عليها (شوكة التفريغ).. خرج الرجلان من البناية الصغيرة، تسلما «الشوكة»، وبدأ العمل سويا في الأرض، وبعد عدة دقائق ظهرت تلال من بعيد.
كان ضوء الشمس قد بدأ يسطع، والأطفال يخرجون من البناية حاملين مجموعة من الخيرات التي يستعدون لبيعها، وخلفهم تسرع سيدة قابضة بيديها على «حبل» تجره خلفها، ليلحق بها مجموعة من الأبقار، وعلى يمينها لا زال الرجلين يشيدان التلال.
انتظرنا بالقرب منهما نحو ساعتين، نترقب كافة النشاطات، ثم اقتربنا منهما والقينا السلام، فستقبلاه بحفاوة أهل الريف، طالبين منا مشاركتهما «الإفطار».. وضعا «الشوكة»، من يديهما. وقال أحمد محمد السيد الشحات، شاب عشريني، فلاح، من قرية إبيانه، بمدينة مطوبس؛ بمحافظة كفر الشيخ: «اتفضل يا بيه تعالى.. أؤمر حضرتك بتدور على حاجة»، سألناه عن عمله فأجاب: «إحنا بنجمع روث البقر، وبنشتغل في المزرعة علشان نكسب لقمة العيش».
«الماشية كنز، ومش الألبان واللحوم ووليد الأبقار المكسب الوحيد من تربيتها»، بهذه الكلمات أكمل «الشحات»، حديثه، مضيفًا: «إحنا عيشين على كل إنتاج الأبقار حتى السباخ.. المواشي مصدر رزقنا الوحيد، بنربيها لحد ما تعشر وتولد، وبنبيع لبنها كل يوم، ولما بتكبر في السن تتباع، والسباخ بنبيعه للفلاحين أو بنستخدمه في الأرض بتاعتنا».
ويتابع محمد السيد، والد الشاب العشريني: «ده غير تصنيع الجبنة والقشطة والذبدة اللي بنعملها من ألبان البقر.. تربية المواشي كلها خير ورزق، ياعني وليد العجل سعره غالي، وشوف كل بقرة هتخلف قد أيه قبل ما تتباع، ده غير أن شغل التربية للمواشي ملوش موسم.. أنا مجوز بنتين من تربية العجول وبيعها، هس صحيح متعبة ومحتاجة رعاية خاصة، ولكن طول عمر المواشي وهي صديق للفلاح، ومصدر رزقه».
ويضيف: «ده غير تربية الماعز.. إحنا بنربي الماعز باعداد كبيرة علشان بتخلف مرتين في السنة»، موضحًا أن تربية الأغنام تساهم في توافر الموارد المالية بكثرة، ومن ثمن بيع صغارها يشتري الفلاح الأسمدة الزراعية، ويستكمل المعدات اللازمة لزراعة الأرض، حتى يخرج المحصول إلى النور.
وعن بداية يوم الفلاح، يقول والد الشاب العشريني: «إحنا بنقوم من النوم مع آذان الفجر، نرتب المزرعة، ومراتي وعيالي يحلبوا البقر، أكون جمعت أنا وأحمد السباخ بتاع الحيوانات.. بعد كده عيالي يجهزوا الألبان علشان نروح نبعها، ويشتغلوا على جزء تاني ويتعمل منه الجبنة والذبدة والقشطة، علشان نبيعهم في الأسواق يوم الجمعة.. ده شغلنا كل يوم أصل إحنا كفلاحين معندناش دخل ثابت غير تربية البقر والجاموس».