5 أزمات تطيح بأحلام الاكتفاء الذاتي من الغذاء (تقرير)
الثلاثاء، 24 يناير 2017 10:25 ص
اشتهرت مصر على مدار تاريخها بأنها سلة غذاء العالم، ولا ينسى التاريخ أنها أنقذت الأرض من المجاعة العظمى خلال عهد النبي يوسف بن يعقوب، لكن كعادة كل شيء في المحروسة، انتهى حال الزراعة المصرية إلى التدهور الشديد، وانهار كل شيء تقريبا؛ في ظل تعاقب حكومات لم تبذل أدنى جهد في سبيل تعظيم النشاط الزراعي، والحفاظ على المساحات الصالحة للزراعة.
وقال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الأراضي والمياه في كلية الزراعة في جامعة القاهرة، إن الحكومات المصرية، المتعاقبة، خلال العقود الأخيرة، سمحت للفساد بأن يسيطر على كل شيء؛ مما كان له أثر بالغ في الزراعة، بعد أن تمكن أصحاب المصالح، والنفوذ من الجور على الأرض الزراعية، والبناء عليها؛ مما قلص المساحات المزروعة، ودفع الدولة إلى إنفاق الملايين على استصلاح الأراضي الصحراوية.
وأوضح نادر لـبوابة «صوت الأمة»، أن عدم عناية الدولة بالفلاح من جميع الجهات، يأتي كواحدة من أهم الأزمات التي يعانيها قطاع الزراعة في مصر، خاصة بعد أن تركت الدولة الفلاح المصري، فريسة سهلة، في أيدي التجار من جهة، وتغير أسعار البورصات الزراعية من جهة ثانية، فضلا عن عدم تصديها للارتفاعات المتتالية في أسعار السماد، ومسلتزمات الزراعة، وتكاليف الإنتاج.
وتابع: «أدى تناقص نصيب مصر من المياه؛ بسبب التغيرات المناخية، والزيادة السكانية، وإهمال تطوير المصارف، والقناطر المختلفة، وترك الحبل على غاربه، لمن يريدون الاعتداء على حرم نهر النيل، إلى مزيد من التدهور في المجال الزراعي، وزاد تراجع الرقعة الزراعية».
وأشار إلى أن السبب الرابع للتدهور في الزراعة؛ هو ترسانة القرارات الخاطئة، ومنها على سبيل المثال: فرض تسعيرة لاستلام محصول الأرز من المزارعين، بدلا من ترك الأمر للعرض والطلب؛ مما تسبب في لجوء المزارعين للتهريب، وأدى إلى أزمة خانقة صرفت عددا كبيرا عن زراعة هذا المحصول الاستراتيجي.
ولفت نور الدين إلى أن تهريب الأسمدة يعد خامس أهم الأزمات التي يواجهها المزارعون؛ لما تمثله من خطورة على المحاصيل الزراعية، فضلا عن عدم ثبات أسعارها، مشددا على أن الوزير الحالي لم يقدم أي حلول للقطاع الزراعي؛ بسبب القرارات المتخبطة التي يتخذها عن عدم دراية بأزمات القطاع الذي يديره.
وأضاف: أي دولة تسعى للنمو يجب أن تهتم بالبحث العلمى، لكن الحكومة تُخفض ميزانية مركز البحوث الزراعية كل عام؛ ليتحول إلى جهة إدارية فقط، لا تقدم نتائج تُفيد الزراعة، موضحًا أن المشروعات الاقتصادية التي تعمل عليها الوزارة متوقفة تماما، ولم تشهد أي تطورات خلال العامين الماضيين، ويأتي في مقدمتها مشروع الري الحقلي، الذي أعلنت عنه الوزارة قبل عدة سنوات في 5 محافظات للحفاظ على المياه.
وقال محمود زايد، عضو لجنة الزراعة بالبرلمان، إن سلة غذاء العالم مهددة بالجوع على أيدي الحكومة، مشيرا إلى أن أزمات المحاصيل الزراعية آخذة في التصاعد، ومنها أزمتا الأرز، والقصب، فضلا عن الفضائح التي تم كشفها فيما يخص القمح.
وأشار إلى أن الدولة رفعت سعر القصب ليصبح 650 جنيهًا، مما ترتب عليه توقف 50 % من المزارعين عن زراعته، خاصة أنهم لم يتسلموا مستحقاتهم إلا بعد مرور 8 أشهر على تسليم المحصول.
وأوضح أن مجلس النواب طالب وزير الزراعة بإعادة تسعير محصول الأرز؛ لأن الفلاحين تعمدوا تخزينه ورفض بيعه، إلا أنه لم يفعل، متمهًا الوزير بعدم الدراية بخطورة الفجوة الغذائية، وأن زيادة سعر الأرز 100 جنيه، أفضل من استيراد الذرة الصفراء، التي تكلف الدولة مليار دولار، من أجل استعمالها كأعلاف.
وشدد على أن وزارة الزراعة لم تتخذ خطوات جادة لمحاربة الفساد، المستشري في القطاع، كما أنها لم تقدم حلولا ناجزة لأزمات المياه، والمتناقصة؛ لاسيما بعد ما ثبت من وجود استنزاف لمخزون المياه الجوفية.
ولفت إلى أن المشروعات الاقتصادية الزراعية لم تشهد أي تطور خلال الفترة الماضية، ومنها مشروعا البتلو، وزراعة الذرة الصفراء، مشددا على أن القرارات التي تتخذها الحكومة في شأن القطاع الزراعي تزيد أوجاعه؛ لصدورها ممن لا يفهمون أبعاد الأوضاع الزراعية، والتحديات التي يواجهها هذا القطاع المهم، في ظل ندرة المياه، وتفشي الفساد، وغيرها من الأزمات.