ننشر نص وثائق برنامج الإصلاح الاقتصادي مع «النقد الدولي»
الخميس، 19 يناير 2017 12:33 صنادر حسن
نشرت وزارة المالية، أمس ، وثائق برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري مع صندوق النقد الدولي، الذي تم توقيعه في 11 نوفمبر 2016، بالتزامن مع نشر الصندوق، للوثائق على الموقع الإلكتروني للصندوق.
ويأتي نشر الوثائق بناء على طلب الحكومة المصرية، رغبة منها في التأكيد على سياسة الشفافية أمام المواطنين والمجتمع الدولي، بشأن تفاصيل برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري.
وأكد الصندوق في وثائقه، أن الحكومة المصرية تبنت برنامجا إصلاحيا شاملا، بهدف تصحيح الاختلالات المالية والاختلالات في ميزان المدفوعات، ودفع معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل وتوفير الحماية الاجتماعية، وبالتالي استعادة الثقة المحلية والدولية في الاقتصاد المصري وتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأشاد صندوق النقد، بالبرنامج الذي أعدته الحكومة المصرية، مؤكدا أن مصر تتحرك في مسار جديد يتسق مع دورها المحوري في العالم العربي، وطموحات جيل جديد من المصريين أكثر انفتاحا على العالم.
وأوضحت وثائق صندوق النقد الدولي، أن البرنامج الذي تم الاتفاق عليه، يتسق مع صندوق النقد الدولي بالكامل، وبرنامج الحكومة على المدى المتوسط، الذي تم عرضه والموافقة عليه من مجلس النواب في مارس الماضي، كما يتسق مع المستهدفات المالية التي تم إقرارها في الموازنة العامة للدولة.
وأضافت الوثائق، أن البرنامج يستهدف تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة يستفيد منها المجتمع بمختلف فئاته، من خلال زيادة تنافسية الاقتصاد، والاعتماد على الإنتاج، بخاصة الصناعي وزيادة التصدير، وزيادة معدلات التشغيل من خلال إيجاد فرص عمل حقيقية جديدة، مع توفير الحماية للفئات المستهدفة من خلال برامج اجتماعية تتسم بالاستهداف والكفاءة وزيادة الاستثمارات في البنية الأساسية والخدمات العامة الرئيسية المقدمة للمواطنين.
ولفتت وثائق صندوق النقد، إلى المستهدفات الرئيسية في البرنامج، تتمثل في تحقيق عجز أولي بالموازنة العامة للعام المالي 2016/2017، يبلغ 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو نفس المستهدف في الموازنة العامة للدولة التي أقرها مجلس النواب في يونيو الماضي، بحيث يبلغ العجز الكلي في الموازنة العامة نحو 10% من الناتج المحلي، يصاحبه تراجع محدود في حجم الدين الحكومي للناتج المحلي إلى نحو 99% من الناتج.
وذكرت الوثائق، أنه على المدى المتوسط، يستهدف البرنامج تحول العجز الأولي إلى فائض، بدءا من 2017/2018، بحيث يرتفع ليبلغ نحو 2.1% من الناتج بحلول 2018/2019، كما يستهدف أن يبلغ العجز الكلي نحو 3.9% في 2020/2021 ارتباطا بالنمو الاقتصادي وخفض تكلفة خدمة الدين على المدى المتوسط، بحيث ينخفض الدين الحكومي إلى نحو 80% من الناتج خلال 5 أعوام.
وبحسب وثائق صندوق النقد الدولي، من المقدر أن يحقق النمو الاقتصادي معدل نمو في حدود 4% خلال العام المالي 2016/2017 ليرتفع إلى حدود 5 وحتى 6% على المدى المتوسط، ما من شأنه خفض معدلات البطالة إلى نحو 10% في 2018/2019، ثم إلى نحو 6.7% في 2020/2021.
وأكد الصندوق في وثائقه، أن البرنامج يستهدف أن يحقق الاستثمار المحلي والأجنبي والصادرات، معدلات نمو مرتفعة تقود النمو في الفترة المقبلة، بدلا من الاعتماد على الاستهلاك الممول بالاستدانة كمحرك للنمو، وسيعمل إصلاح منظومة دعم الطاقة، على تصحيح نظم الحوافز نحو الصناعات كثيفة العمالة، بدلا من الاعتماد الأكبر على الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ورأس المال، ما يدعم خلق فرص العمل لخفض معدلات البطالة واستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل.
وأوضح تقرير الصندوق، أن الحكومة المصرية أعدت برنامجا شاملا من الإصلاحات لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وفتح الطريق لمعدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستدامة على المدى الطويل.
وتابعت الوثائق، أن حزمة الإصلاحات التي تم تصميمها داخليا، شملت إجراءات للضبط المالي لضمان استدامة الدين العام على المدى المتوسط، وتطبيق نظام حر لإدارة سوق الصرف، يسمح بتوحيد سعر الصرف وإعادة بناء الاحتياطي النقدي، والقدرة على تحمل الصدمات، يصاحبها سياسة نقدية تقييدية لتحجيم معدلات التضخم، وتقوية شبكة الحماية الاجتماعية وزيادة الإنفاق العام الموجه للفئات الأولى بالرعاية، للحد من آثار الإجراءات الإصلاحية، إضافة إلى تطبيق الإصلاحات الهيكلية التي تسمح بتحقيق نمو شامل واحتوائي، يعزز خلق فرص عمل جديدة، وزيادة وتنويع الصادرات، وتحسين مناخ الاستثمار، وتطوير إدارة المالية العامة.
وذكرت وثائق صندوق النقد الدولي، أن أهم الإصلاحات المالية التي يشملها البرنامج مع الصندوق، هي نفس الإصلاحات التي عرضت في برنامج الحكومة الاقتصادي، وتم التأكيد عليها في البيان المالي للموازنة العامة للدولة عن 2016/2017 في مجال الضرائب، من تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة، ووضع نظام ضريبي جديد ومبسط للمشروعات متوسطة وصغيرة الحجم، ورفع كفاءة الإدارة الضريبية.
وبحسب الوثائق، شملت الإصلاحات ترشيد دعم الطاقة تدريجيا على مدى 3 وحتى 5 سنوات، وإعادة ترتيب الأولويات في صالح البرامج الاجتماعية ذات المستويات الأعلى في الاستهداف، إضافة إلى زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم، وتطوير البنية التحتية، بما يدعم التنمية البشرية وتحسين الخدمات العامة للمواطنين.
وأوضحت وثائق صندوق النقد، أن الإنفاق الاجتماعي يعد أحد المكونات الرئيسية للبرنامج، حيث تعتزم الحكومة إنفاق إضافي، بما يعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي على برامج الحماية الاجتماعية، وفي مقدمتها الدعم النقدي ودعم السلع التموينية.
ولفتت الوثائق، إلى أن البرنامج يهدف إلى الاستبدال التدريجي لدعم الطاقة ببرامج اجتماعية أكثر كفاءة، في استهداف الفئات الأولى بالرعاية. موضحة أن الحكومة زادت قيمة دعم السلع التموينية من 15 جنيها للفرد شهريا إلى 21 جنيها للفرد شهريا، واستهداف زيادة أعداد المستفيدين من برنامج "تكافل وكرامة" لـ1.7 مليون مستفيد في نهاية العام المالي الحالي، إضافة إلى البرامج الاجتماعية الأخرى، مثل معاش الضمان الاجتماعي، ومعاش الطفل، وبرامج الإسكان الاجتماعي والتغذية المدرسية، فضلا عن الإنفاق على التعليم والصحة، وبرامج الدعم الأخرى.
وتابعت وثائق صندوق النقد الدولي، أن البرنامج يتضمن إصلاحات هيكلية مهمة لتحسين مناخ الاستثمار، وتحفيز الصناعة المحلية والتصدير، وتشمل اعتماد قانون التراخيص الصناعية الجديد، وتبسيط إجراءات الإفلاس والتصفية، عن طريق إعداد مشروع قانون الإفلاس، ووضع خطة عمل لرفع كفاءة منظومة دعم الصادرات، بهدف تدعيم تنافسية الاقتصاد المصري، ما يساهم في تحقيق نمو احتوائي، وخلق فرص عمل وتنمية الصادرات المصرية.
وذكرت الوثائق، أن البرنامج الإصلاحي للحكومة المصرية، بدأ يؤتي ثماره الأولية، حيث انخفض العجز الأولي للموازنة العامة، في الفترة من يوليو وحتى ديسمبر من العام المالي 2016/2017، إلى 1.1% مقارنة بـ2.1% خلال نفس الفترة من العام السابق.
وأوضحت وثائق النقد الدولي، أن رصيد الاحتياطي الأجنبي، ارتفع بنحو 6.7 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي الحالي، ليبلغ 24.265 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2016.
وبحسب الوثائق، شهدت مؤشرات البورصة المصرية مؤخرا، ارتفاعات كبيرة وصلت إلى نحو 55% في ظل زيادة كبيرة في حجم التعاملات، وفي مشتريات المستثمرين الأجانب، إضافة إلى زيادة الاستثمارات الأجنبية في أذون وسندات الخزانة المصرية، وزيادة موارد الجهاز المصرفي بالعملة الاجنبية بشكل كبير، لتبلغ 7.5 مليار دولار منذ تحرير سعر الصرف.
وتابعت وثائق صندوق النقد الدولي، أن الصادرات المصرية شهدت طفرة كبيرة في نوفمبر، حيث ارتفعت إلى أكثر من 50% مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، في حين انخفضت الواردات خلال نفس الشهر بنحو 25%. بينما أظهرت المؤشرات الإقبال على زيادة الإنتاج المحلي، وعودة التوجه إلى التصدير، وهي مستهدفات رئيسية نحو توجيه الاقتصاد المصري في المسار السليم.
ولفتت الوثائق، إلى أن برنامج الإصلاح الاقتصادي للحكومة المصرية، يشما نقطة انطلاق لمرحلة جديدة من النمو الاقتصادي الشامل وزيادة معدلات التشغيل، ستنعكس على تحسين مستويات المعيشة، حيث تسمح الإصلاحات المالية والنقدية والهيكلية التي تنفذها مصر، باستعادة الاستقرار المالي والاقتصادي، والثقة المحلية والدولية في مستقبل الاقتصاد المصري، ويتيح للدولة مزيد من الموارد للإنفاق التنموي في تحسين الخدمات العامة والاستثمار في البنية الأساسية، والتوسع في برامج الحماية الاجتماعية.
وأوضحت وثائق صندوق النقد الدولي، أن الصندوق يساند ويمول برنامج الإصلاح الوطني على مدى السنوات الثلاث القادمة، إضافة إلى المساندة الدولية الواسعة للبرنامج من جانب مؤسسات إقليمية ودولية، مثل البنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية، ودول الخليج الشقيقة والصين، ودول مجموعة السبع الصناعية الكبرى، ما يعد عاملا مهما لزيادة الثقة وطمأنينة المستثمر المحلي والأجنبي، لتحقيق دفعة جديدة في النشاط الاقتصادي، كما أن الحكومة ستركز في الفترة المقبلة، على الإسراع بالإصلاحات الهيكلية، وإزالة المعوقات التي تسمح بتنمية الصناعة المحلية، وبخاصة الموجهة للتصدير.