دعم «دواعش أوروبا» سلاح ترامب لإخضاع قادة القارة العجوز (تقرير)
الإثنين، 09 يناير 2017 01:24 مبيشوى رمزي
كانت تيارات الإسلام السياسي في منطقة الشرق الأوسط هي الوسيلة التي اتخذها الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، من أجل تحقيق أهداف إدارته في المنطقة دون تدخل مباشر في صراعات المنطقة، حيث رأي أن دعم تلك التيارات هي الوسيلة للتقارب مع القوى الإقليمية ذات الأنظمة المتشددة، والتي تملك الكثير من الأوراق التي يمكن من خلالها التحكم في وتيرة الصراعات الإقليمية، وبالتالي تحقيق المصالح الأمريكية هناك، وهو الأمر الذي يعكس في الوقت نفسه إقدامه على خطوة التقارب مع تركيا منذ بداية حقبته، والتوجه نحو رعاية الاتفاق النووي الإيراني الذي عقدته طهران مع القوى الدولية الكبرى في يوليو 2015، ربما ليبدأ حقبة من التقارب مع إيران والتي كانت بمثابة عدو أمريكا الأول في المنطقة.
يبدو أن سياسات أوباما في الشرق الأوسط سوف تكون بمثابة الملهم للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ولكن ليس من أجل الشرق الأوسط، ولكن في أوروبا هذه المرة، خاصة وأن يتوجه بقوة نحو دعم التيارات اليمينية، والتي يمكننا أن نطلق عليها «المسيحية السياسية»، على غرار ما صنعه أوباما مع تيارات الإسلام السياسي في الشرق، حيث أن دعم تلك التيارات يعد مغازلة صريحة من قبل الرئيس الجديد تجاه روسيا، والتي تعد العدو الأول للولايات المتحدة منذ عقود طويلة من الزمن.
سياسة بيع الحلفاء
السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال عهد أوباما قامت في الأساس على بيع الحلفاء الرئيسيين في المنطقة لصالح حلفاء جدد، من أصحاب الأجندات اليمينية، وهو النهج الذي ربما تتبعه الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث أنها بدأت بالفعل منذ الإعلان عن انتصار ترامب في الانتخابات الأخيرة على حساب غريمته الديمقراطية هيلاري كلينتون، في اتخاذ خطوات جدية من شأنها دعم اليمينيين في أوروبا، ولعل أبرزهم رئيس حزب الاستقلال في بريطانيا نايجل فاراج، والذي يحظى بعلاقات وثيقة مع الرئيس الأمريكي الجديد، مما دفع الأخير إلى مطالبة رئيسة الوزراء البريطانية بتعيينه سفيرًا لبلادها في واشنطن، بالإضافة كذلك للتقارير التي نشرت حول التنسيق بين الإدارة الجديدة وتيارات اليمين المتطرف في فرنسا.
يقول المحلل الروسي كريشينديف كالامور، في تقرير منشور له بمجلة «ذي أتلانتك» الأمريكية، أن القيادات اليمينية في أوروبا كانت سعيدة للغاية منذ فوز ترامب، وهو الأمر الذي أعرب عنه العديد منهم في الأسابيع الماضية منذ إعلان نتيجة الانتخابات الرئاسية، موضحا أن الولايات المتحدة ربما تبحث عن حلفاء أوروبيين جدد بعيدًا عن حلفائها التقليديين، ليكونوا قادرين على استيعاب السياسات الأمريكية الجديدة في أوروبا خلال المرحلة المقبلة.
وأضاف أن هذا الأمر ربما ينعكس بصورة كبيرة في العلاقات الأمريكية الألمانية خلال المرحلة المقبلة، حيث كانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل هي أقرب حلفاء أوباما خلال حقبته التي دامت 8 سنوات، إلا أن الأمر ربما لن يبقى كذلك خاصة إذا ما استمرت الحكومة الألمانية على حالها خلال الانتخابات القادمة، حيث أن هناك دول أخرى ربما تكون أقرب للتحالف مع أمريكا في أوروبا، من بينها فرنسا في ظل تصاعد احتمالات فوز اليمينيين خلال الانتخابات القادمة والمقرر إجراؤها في إبريل القادم.
الالتزامات العسكرية
التوجهات التي قد يتبناها ترامب في أوروبا لا تقتصر في تشابهها مع تلك التي تبناها في الشرق الأوسط على دعم اليمينيين، وإنما تمتد كذلك إلى فكرة التخلي عن التزاماتها تجاه حلفائها، خاصة على الجانب العسكري، حيث كان أحد أهم أهداف أوباما من سياسته في الشرق الأوسط، هو عدم السقوط في مستنقع الحروب بالمنطقة على عكس ما فعله سلفه جورج بوش، والذي اتجه نحو توريط بلاده في الحرب في العراق وأفغانستان، وهو الهدف نفسه الذي يتبناه الرئيس المنتخب تجاه حلفاءه الأوروبيين، وهو ما يظهر في تصريحاته المناوئة لحلف شمال الأطلسي «الناتو»، الذي يمثل الآلية الدفاعية المشتركة التي تجمع الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية.
يقول الباحث الأمريكي فريد كابلان، بمقال منشور له بمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، أن روسيا تعد الفائز الوحيد بالتصريحات التي سبق وأن أطلقها ترامب حول نيته التخلي عن الناتو، خاصة في ظل السياسات الروسية في منطقة أوروبا الشرقية، على خلفية قيامها بضم شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في 2014، حيث أن توجهات ترامب الجديد قد تكون مشجعة لمزيد من التوسع الروسي في أوروبا على حساب حلفاء أمريكا، وهو الأمر الذي يتطابق تماما مع ما سبق وأن حدث بالنسبة لإيران في منطقة الشرق الأوسط خلال عهد أوباما، والتي استطاعت فرض سياساتها على المنطقة بصورة كبيرة.