جمعتهم طائرة نيروبي.. حالمون بـ«فرصة» وباحثون عن «حياة» وساعون لـ«لم الشمل»
الجمعة، 06 يناير 2017 04:01 م
مختلفون في جنسياتهم وفي طباعهم، وفي ما تنطق به ألسنتهم، إلا أن الظروف جمعتهم على ارتفاع آلاف الأقدام من سطح البحر، متجهين من القاهرة إلى نيروبي، على متن إحدى رحلات شركة مصر للطيران.
حتى الأهداف التي من أجلها استقلوا الطائرة المتجهة إلى كينيا اختلفت باختلافهم، فمنهم من شد الرحال لأجل «عمل» اضطره لترك وطنه، ومنهم من هو عائد إلى بلده، ومنهم من يضرب في الأرض مستكشفا حضارات وساعيا للتواصل مع ثقافات أخرى، ومنهم من هرب من مأساة إنسانية شهدتها بلاده فاتجه إلى نيروبي مارًا بالقاهرة.
يقول المهندس محمد لاشين: «أنا مهندس اتصالات أعمل لحساب شركة تقدم الخدمات الهندسية لصالح شركات المحمول»، ويضيف: «بدأت العمل منذ عام تقريبًا، واعتدت خلال الفترة الماضية الذهاب والعودة من نيروبي إلى القاهرة والعكس، إلا أنني سأستقر لفترة طويلة نسبيا خلال زيارتي الحالية».
ويستكمل: «عندما توجهت أول مرة إلى كينيا كنت أعتقد كما يعتقد كثيرون أنه بلد لا شيء فيه سوى الأدغال والأحراش، لكن الحقيقة أنني اكتشفت غير ذلك، لا يمكن وصف كينيا بالبلد المتقدم، لكنها في الوقت نفسه على الطريق الصحيح، وهناك تشجيع كبير للاستثمار في مجال التكنولوجيا على وجه التحديد».
ويضيف مهندس الاتصالات: «خلال زيارتي الأخيرة فوجئت بوجود مارك زوكربيرغ مؤسس موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) في نفس الفندق الذي كنت أقيم فيه، اندهشت وسألت عن سر زيارته إلى نيروبي، فعلمت أن سبب زيارته يعود إلى ما حققه الشباب الكيني من تقدم كبير في مجال الـ(سوفت وير) وهو ما جعله حريصا على التواصل معهم للاستماع لمقترحاتهم وتفعيلها عبر موقعه».
واستدرك لاشين: «بلا شك الفقر مازال موجودا وظاهرا، لكن هذا لم يمنع التطور التكنولوجي الكبير الذي تشهده كينيا، وهناك تيسيرات كبيرة تقدمها الحكومة للشركات العاملة في هذا المجال".
وإذا كان المهندس محمد لاشين توجه إلى كينيا بهدف العمل وتحسين مستواه المعيشي، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة للشاب اليمني «عدنان» الذي ترك بلده هربا من أوضاع إنسانية باتت صعبة فاضطرته إلى القبول بأي فرصة تتيح له مغادرة اليمن بحثا عن «الحياة».
يقول «عدنان عبد الله»، الشاب اليمني صاحب الـ34 عاما: «أنا من محافظة (تعز) في اليمن، الأوضاع لدينا أصبحت لا تحتمل، هناك أخطار تتهددنا صباحا ومساء، سواء على مستوى تأمين احتياجاتنا أو حتى على مستوى البقاء على قيد الحياة».
ويضيف: «لم أكن أتخيل أنني قد أترك اليمن يوما لكن الظروف اضطرتني إلى ذلك، الحياة أصبحت صعبة هناك بلا شك»، ويتابع: «ابن عمي يعمل بإحدى الشركات التجارية في كينيا، واستطاع أن يوفر لي فرصة عمل مناسبة.. لقد طلب مني أن أصطحب زوجته وابنه لأنه يعتزم الاستقرار هناك».
ومن الباحثين عن «الحياة» إلى الباحثين عن «رفاهية الحياة»، يقول «جيرد يواخيم»، ألماني الجنسية: «قررت أن أخوض مغامرة مع خطيبيتي (ماريا)، فسافرنا في رحلة إلى إفريقيا من أجل الاستمتاع والتعرف على ثقافات أخرى.. بدأنا رحلتنا بمصر ونتجه إلى كينيا ثم تنزانيا».
وعن زيارته لمصر يقول «يواخيم»: «الزيارة كانت رائعة ومصر بلد جميل، لكن هناك العديد من السلبيات التي تتعلق بسلوكيات البعض».
وإن كان جيرد يجوب العالم مع خطيبته ماريا، فإن المصرية ديانا أندراوس قطعت الرحلة من القاهرة إلى نيروبي من أجل «لم شمل» الأسرة في الأعياد، بعد أن باعدت الظروف بينها وبين زوجها.
تقول ديانا: «زوجي يعمل مهندسا في نيروبي، لم أره منذ فترة، فقررت أن أفاجئه وأحتفل معه بعيد القيامة، حجزت تذكرة الطيران لي ولابنته، ثم اتصلت به وأخبرته عن موعدها"، وتضيف ديانا: «بالتأكيد أنا أشعر بالحزن حينما أبتعد عن مصر.. لكنني سعيدة بأنني سأرى زوجي».
على متن الرحلة المتجهة من القاهرة إلى نيروبي جنسيات مختلفة وأهداف متباينة، غير أن «البحث عن الحياة» كان عاملا مشتركا بين الجميع، فمنهم من يبحث عن فرص أفضل في الحياة ومنهم من يبحث عن الاستمتاع بها ومنهم من يبحث عن الحياة نفسها.