مشروع قانون جديد للتعليم العالي يثير الجدل.. عيسى: «كلام بطيخ».. ومغيث: «نسف» فكرة كتاب الجامعي.. والامتحانات حل للتطوير

الخميس، 05 يناير 2017 02:48 م
مشروع قانون جديد للتعليم العالي يثير الجدل.. عيسى: «كلام بطيخ».. ومغيث: «نسف» فكرة كتاب الجامعي.. والامتحانات حل للتطوير
الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالي الأسبق
فاتن صبحي

وسط المطالبات الكثيرة وبعد توجيه الرئيس السيسي بضرورة تطوير المناهج التعليمية تداولت بعض المواقع الإخبارية أنباء عن طرح قانون جديد للتعليم العالي، إلا أن وزارة التعليم العالي أكدت عدم صحة هذه الأنباء، بينما طالب وزير التعليم العالي الأسبق بضرورة إعادة النظر في آلية التدريس بالجامعات وتطوير التعليم ما قبل الجامعي، في الوقت نفسه يري خبراء في التعليم أن الأنظمة السياسية ليست لديها النية الحقيقية لهذا التطوير لأسباب عدة، أهمها التكاليف الباهظة لهذا التطوير.

قال الدكتور حسام عيسى، وزير التعليم العالي الأسبق، إن منظومة التعليم بأكملها تحتاج إلى تعديل، وإن انهيار المنظومة الحالي والذي ظهرت له أعراض كثيرة، على رأسها الغش في الامتحانات، يستلزم وضع استراتيجية وتحديد الأهداف من التعليم ليتم ترجمتها إلى سياسات وليست قوانين، لأن القانون لن يسد الفجوة الموجودة ولن يعالج النقائص التي نعترف بوجودها جميعًا.

وعن التعديلات التي تعد يتم إعدادها بقانون التعليم العالي، قال عيسي «دا كلام بطيخ» ولن يفيد بشيء ولن يصلح منظومة التعليم، باختصار نحتاج لخلق مناخ تعليمي حقيقي، كما أن التعليم بأوروبا -على سبيل المثال- لا وجود فيه لظاهرة الغش لماذا؟ لأنه باختصار مطلوب من الطالب أن يحلل ويفسر ويطرح وجهة نظره، أما لدينا فالطالب عليه أن يحفظ ويصم و«يرص» ماحفظه على ورقة الإجابة ثم ينساه بمجرد خروجه من اللجنة، مضيفًا «أصبحت أشعر بالملل من تكرار الكلام والمطالب دون جدوى».

وأكد عيسى أن التعليم التلقيني الذي نحن بصدده يبدأ مع الطالب من مرحلة التأسيس، لذلك فإن النقاش حول التعليم العالي يستلزم معالجة المراحل الأساسية، والتخلي عن أسلوب الحفظ ودفع الطالب للابتكار والبحث وطرح وجهة نظره.

من جانبه، قال محمد حجازي، مستشار وزير التعليم العالي، إن ما نُشر من أخبار حول مناقشة قانون جديد للتعليم العالي غير دقيق.

وأكد حجازي، في تصريحاته لبوابة «صوت الأمة»، إننا وحتي هذه اللحظة لم نصدر المسودة الأولية لمشروع القانون، ولكنها مجرد نقاشات واقتراحات، بينما استخدمها الصحفيون والمواقع الإخبارية على أساس أنها مشروع قانون التعليم العالي.

وأشار حجازي إلى أننا مازلنا نجتمع مع اللجنة المشكلة من رؤساء الجامعات وخبراء في التعليم لتقديم رؤية وأفكار متكاملة ونصل إلى التوافق المطلوب، مؤكدًا أن أهم شرط لدينا هو أن يخرج هذا المشروع ملبيًا لرغبات الأساتذة واحتياجاتهم، وعن توقيت الانتهاء من المسودة الأولية نفي حجازي إمكانية تحديد ذلك خاصة أننا في فترة امتحانات.

فيما رأى الدكتور كمال مغيث، الخبير والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، أن انتشار ظاهرة الغش منتشرة في مراحل التعليم الأساسي فقط وإن وجدت في المرحلة الجامعية تكون محدودة جدًا.

وطالب مغيث، خلال تصريحاته لبوابة «صوت الأمة»، بأن يكون تقييم الطالب في مرحلة التعليم الجامعي على مدار العام الدراسي بأكمله وليس في يوم الامتحان فقط، ويكون ذلك من خلال المناقشات الشهرية والعروض حتى لا يعتمد الطالب على أسلوب الحفظ و«التسميع» حتى ننهي ظاهرة الغش، ويكون لدينا نظام تعليمي حقيقي مبنٍ علي الفهم والمتابعة لتطور الطالب.

وشدد مغيث على أن ظاهرة الكتاب للأستاذ الجامعي يجب نسفها من الأساس لأنها غير موجودة في أي بلد آخر، خاصة أنها تقضي على عقل الطالب وتمحي فكرة أن يكون لديه أسوبه الخاص في تفسير الأشياء ومناقشتها ومواجهة السلبيات التي يراها بحسب رؤيته، بل إنها تدفع الطالب لتبني وجهة نظر الأستاذ وأن يحفظها ويرددها في ورقة الإجابة رغم أنها قد تكون مخالفة لقناعاته مثلا، وبذلك نحن نبني في الطالب كيف يكون «ببغاء».

وأرجع مغيث تمسك الوزارات المتتابعة بهذه الآلية العقيمة في التعليم الجامعي لأسباب سياسية، فالأنظمة السابقة كانت «تحشر أنفها» في اختيار ما يُقدم للطالب ليخرج للمجتمع مواطنا على الطراز الذي يسهل تطويعه وتشكيله وتقبله لأي أوضاع، فالأزمة هنا ليست في الكتاب ولكن في الإرادة السياسية، كما أن هناك سببا آخر وهو ارتفاع تكلفة أسلوب التعليم ليصبح كالأوروبي، فالسماح للطالب بالبحث عن موضوع معين من خلال أي كتاب وفهمه ومناقشته يستلزم أن توجد مكتبة بالجامعة تضم عددا كبيرا ومتنوعا من الكتب وأيضًا أجهزة كمبيوتر وشبكة إنترنت ومراجع وغيرها من الإمكانيات.

وعن مجانية التعليم، قال مغيث «هناك من يطرحون أكذوبة أن مجانية التعليم هي السبب في فشل المنظومة وأرد عليهم بعبارة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي الذي قال «اجعلوا التعليم كالماء والهواء» أي أن يكون متاحًا لكل الأفراد بغض النظر عن إمكانياتهم المالية، كما أن الجامعات الخاصة التي تبلغ تكاليف الدراسة بها عشرات الالآف هي أسوأ بكثير من حيث الجودة من الجامعات الحكومية.

وشدد مغيث على أنه لا علاقة بين تدهور التعليم وبين إتاحته بالمجان كما أن ما يقدم الآن ليس مجانيا بل هو تعليم «رخيص»، وعلينا أن نستبدل هذا المفهوم لأن المدرسة لا تقدم تعليما ولا معلما ولا تتكفل برواتب تتناسب مع احتياجات العاملين بها، لذلك يذهب الطالب مضطرًا للحفاظ على نسبة الغياب المسموحة فقط، بينما يعتمد على الدروس الخصوصية، في الوقت نفسه يتقاضي المعلم راتبا لا يكفيه.

وأكد مغيث أن الدولة «مش عايزة تصرف على التعليم» ولايمكن أن نرتقي بالتعليم قبل الجامعي خاصة إلا من خلال توفير التمويل اللازم، ودفع رواتب عادلة للمعلمين تكفي لاحتياجاتهم وتوفير مبان تعليمية لتخفيف الكثافات عن الفصول، وتحويل نسق التعليم لأسلوب التركيز والتفكير والابتكار، وأن نستبدل مفردات مثل «احفظ، تذكر، سمع» لمعاني «لاحظ، فكر، عبر».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق