«الحمى القلاعية».. تقهر «ماشية المحافظات»
الأربعاء، 04 يناير 2017 02:24 مآية عبد الرؤوف
وجوه شاحبة، وأياد اكتسبت الخشونة من العمل بـ«الفأس»، وأسفل أشعة الشمس الحارقة.. على إحدى البقاع «الطينية»، ترى من بعيد «عمامة بيضاء، وجلباب» رمز «الفلاح المصري»، الذي يعاني كل يوم على مدار العام، لتنبت يداه المثبتة بالفأس ثمارًا يستفيد منها الجميع.
«الفلاح المصري».. رجل بسيط يتعايش من خير الأرض ووسط مشاقة كبيرة، ينتج الخير وقد لا يراه - على حد وصف العديد من الفلاحين- يبدأ يومه في تمام الساعة الـ5 فجرًا، وينتهي مع رحيل الشمس.. يخرج من بيته كل يوم حاملًا من النشاط ما يمكنه من استكمال يومه بنشاط، وينتهي يومها الشاق «بالعودة إلى المنزل يتحسس الطريق»، وبالرغم من المشقة التي يلقاها في العمل إلا أنه يعاني العديد من المشكلات.
بهذه الآلام وصل «نقباء الفلاحين»، بالمحافظات، إلى مقر النقابة «العامة للفلاحين بالقاهرة»، لعرض مشكلاتهم، والتي بدأت عقب إعلان «نقابة الفلاحين»، رفضها للسعر الذي أقرته الحكومة، لبيع «قصب السكر»، وانتهت مساء أمس الثلاثاء، بمجموعة من النقاشات على هامش مؤتمر نقابة الزراعيين لبحث أزمة سعر «قصب السكر» بمقر النقابة في القاهرة، والتي فجر خلالها «نقباء الفلاحين» بالمحافظات، أزمة «الحمى القلاعية»، التي تهدد «الثروة الحيونية»، التي يمتلكونها.
يقول عبد المعطي سنوسي، نقيب الفلاحين عن محافظة مطروح، تفاقمت الأزمات التي تواجه الفلاحين، مشيرًا إلى ارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما يهدد بانتشار عملية البيع لثروة الفلاح - الأغنام – على حد وصفه، مضيفًا: «رعاة الأغنام بمطروح يواجهون مشكلة في الحصول على الأعلاف، بسبب زيادة سعر طن العلف من (1500 جنيه، إلى 5 آلاف جنيه)»، لافتًا إلى أنه لا يوجد صندوق لدعم راعي الأغنام هذا العام.
«راعي الغنم بقى بيبع جزء من ثروته علشان يقدر يصرف على الباقي»، بهذه الكلمات استكمل «سنوسي»، حديثه، لافتًا إلى أن العديد من الفلاحين قاموا ببيع جزء من «الحيوانات التي يعملون على تربيتها»، حتي يتمكنوا من الحصول على احتياجات «ثروتهم الحيوانية»، موضحًا أن عملية البيع التي يقوم بها الفلاح - رغم عنه – قد تتسبب في انقراض الأغنام «البرجي»، والتي قد تتسبب في اندثار الثروة الحيوانية، متابعًا: «المحافظة كانت ترعى مليونا و200 ألف رأس ماشية، وأصبحت الآن ترعى 300 ألف فقط»، نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف.
ويلتقط كمال السيد محمد رفاعي؛ أحد المزارعين بالشرقية، طرف الخيط ليكمل حديث «سنوسي»، قائلًا: «فقدت 30 رأس جاموس بسبب الحمى القلاعية»، مشيرًا إلى أن أزمة المواشي لا تقتصر على أسعار الأعلاف فقط، ولكن إنتشار «الحمى القلاعية» والتي أصبحت أكثر خطورة، خاصة بعد اختفاء «العلاج المناسب»، وارتفاع أسعاره، لافتًا إلى أن «حقنى العلاج من الحمى القلاعية»، غير متواجده بالمحافظات، متابعًا: «العلاج موجود في السوق السوداء فقط.. وسعره وصل لـ 5 ألاف جنيه».
«بعد ما كنا بنجيبه بـ 2000 جنيه».. كلمات خرجت صوت يحمل معانات «فلاحين المحافظات»، وكأنها الأنفاس الأخيرة التي قد تتسبب في مفارقة الحياة. وتابع «رفاعي»، لم أكن الفلاح الوحيد الذي فقد «ماشيته»، مشيرًا إلى أن «الحمى القلاعية»، تسببت في موت العديد من الثروة الحيوانية.
ليخرج آخر عن صمته صارخًا «فقدت 10من الجاموس بسبب الحمى القلاعية»، هكذا بدأ سعيد محمد؛ أحد مربيين المواشي بالشرقية، مشيرًا إلى أن سعر الجاموسة وصل لـ35 ألف جنيه ولا تتوافر حقن العلاج بالأسواق، وهو ما يهدد بنفوق العديد من رؤوس الماشية.
من جانبه قال خالد توفيق، الخبير الزراعي المختص في الإنتاج الحيواني بمركز البحوث الزراعية: «مشكلة الثروة الحيوانية تتلخص في 4 نقاط»، تبدأ من مدخلات الإنتاج التي أساسها التغذية، وتشكل أكثر من (70%) من تكلفة أي مشروع إنتاج حيواني، مضيفًا: «أهم مدخلين لتغذية الثروة الحيوانية هم الذرة الصفراء وفول الصويا»، لافتًا إلى أن مصر تستورد أغلب احتياجتنا من الخارج، موضحًا أن البورصة هي المتحكم الرئيسي في سعرها.
ويشير «توفيق»، إلى أن مصر تستورد نحو (90%)، من الذرة الصفراء، و(60%) من المنتج العلفي للقطاعات الحيوانية، لافتًا إلى أن مصر ليس لديها مراعي لإنتاج احتياجات الحيوانات الغذائية، مؤكدًا أن وزارة الزراعة تمتلك حل لمشكلات الثروة الحيوانية منذ يناير 2016.
«لابد من التوسع في الزراعة المحلية والاهتمام الشديد بالزراعة التعاقدية».. هكذا أكمل لخبير الزراعي، حديثه، مشيرًا إلى ضرورة التنسيق بين: «المزارعين، واتحاد المنتجين، والحكومة»، حتي يتم إنتاج «زراعة تعاقدية»، تتوافق عليها كافة الأطراف، ويستفيد من إنتاجه «المزارع، واتحاد المنتجين»، وفق ضوابط تنظمها الحكومة، لافتًا إلى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وجه بضرورة النظر إلى «الزراعة التعاقدية»، من خلال القرار الجمهوري الذي أصدره، والذي تم بناءًا عليه إنشاء «مركز الزراعة التعاقدية».
ويؤكد «توفيق» على الاهتمام بالتوسع في زراعة: «الذرة الصفراء، وفول الصويا محليًا» واستغلال مشروع المليون ونص فدان في ذلك، بالإضافة إلى تكثيف الرقابة على الأسواق والأسعار، لافتًا إلى أن مراقبة الأسواق ليست مسئولية جهة بعينها فهي عملية مشتركة بين جهات كثيرة ووزارات متعددة،قائلاً: «وهذا لا يعني المساس بحرية السوق أوتحديد تسعيره جبرية، ولكن يحدد هامش ربح للتاجر».