«الغزل والنسيج» .. يتمزق في الغربية (حصاد 2016)

الأحد، 25 ديسمبر 2016 01:46 م
«الغزل والنسيج» .. يتمزق في الغربية (حصاد 2016)
الغزل والنسيج» .. يتمزق في الغربية (حصاد 2016)
محمد الشوبري

يظل ملف صناعة النسيج ، أحد الملفات الشائكة، التى فى ضوئها سوف يتشكل مستقبل هذا البلد وإمكانية صعوده على سلم التقدم وتحقيق تنمية حقيقية فى مصر.

ويعد قطاع الغزل والنسيج أكبر قطاع صناعي في مصر بعد الصناعات الغذائية، لذلك يبقي الملف من الملفات المفتوحة علي طاولة المسؤولين والعاملين في المجال ، للبحث عن حلول للإهمال والفشل الذي أدي إلى تراجع تلك الصناعة في السنوات الأخيرة.

وفي الغربية، وتحديدا في مدينة المحلة، تعتبر صناعة الغزل والنسيج، من أهم الصناعات التي تشتهر بها المحافظة، ويعمل بها الآلاف من أبنائها، الذين تأثروا بتدهور حالها طوال السنوات الماضية، وسط تمنيات بحلول سريعة وعاجلة لعودة الصناعة إلى مجدها الضائع، الذي تمزق وسط الصناعات.

ونحو تسليط الضوء، علي الصناعة وأعبائها، خلال العام 2016 بدأ العام، وتحديدا في شهر مارس، بتقديم رابطة مصانع الغزل والنسيج، بالمحلة، مذكرة لمحافظ الغربية، أكدوا فيها أن الآلاف من أبناء ومواطني وعاملي مصانع الغزل والنسيج ، بمدينة المحلة الكبري ، طوال الأشهر الماضية فى مأساة حقيقية وكارثة صعبة، تكاد أن تطيح بأكثر من 200 ألف عامل وعاملة فى مصانع المنسوجات والملابس الجاهزة والوبريات بسبب إنهيار الجنيه المصري ، أمام سعر الدولار الأمريكي، وسط تجاهل المسؤولين بالحكومة لتلك الأضرار التى لحقت بالآلاف من العمال.

أعقب المذكرة إرسال رابطة أصحاب مصانع الغزل وعدد من أعضاء لجنة المصدرين بالغرف التجارية ولجنة الصناعات عدد من الشكاوى المتعلقة بمشكلات ومعوقات العمل، عبر خطابات وفاكسات إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، ووزراء الصناعة والإستثمار والمالية والقوي العاملة، والتى تلخصت في إيضاح تدهور صناعة الغزل والنسيج وإغلاق جزئي لأكثر من 700 مصنع ، وغلق كلي لبعضها دون اهتمام الأجهزة المعنية لحل مشكلاتها على الرغم من أنها مصدرًا للدخل القومي.

وحددت رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج فى بيان رسمي الأسباب التي أدت إلى تدهور أحوال صناعة الغزل والنسيج داخل المصانع الحكومية ومصانع قطاع الأعمال وشركة غزل المحلة أهمها «التهريب وأعباء الصادرات التى تمس المصدرين ونقص العمالة المدربة وغير المدربة ومشكلات المصدرين للمفروشات مع هيئة الرقابة الصناعية والمصانع المتهربة من قيود الترخيص واختفاء المناطق الحرة ».

وأكد أصحاب المصانع، أن وقائع تهريب منتجات الغزل والنسيج وتهريبها عبر منافذ جمركية غير شرعية تعد اختراق حقيقي لنظام السماح المؤقت و«الدروباك» من خلال المناطق الحرة الخاصة والقيام بعمليات التهريب بحرية الأمر الذي تسبب فى ضياع الرسوم الجمركية على الدولة، وكذلك ضرائب المبيعات المستحقة ويصيب صناعة الغزل والنسيج الوطنية بأضرار بالغة.

وأكدت الشكاوى الرسمية للجهات المعنية، أن نسبة الهالك من بضائع السماح التى وصلت إلى 50 % من كمية الوارد من صناعة الملابس الجاهزة والفارق بين الحقيقة ونسب الهالك الممنوحة يتم تسريبها للسوق المحلي لتضرب الصناعة القومية، فضلا عن أنها لم تسدد ما عليها من رسوم جمركية وضريبة المبيعات.

وطالب أعضاء رابطة مصانع الغزل والنسيج في أكثر من مناسبة ، بضرورة تفعيل الرقابة الصناعية في احتساب نسبة الهالك الحقيقية دون تمييز والخوف من المساس بكبار المصدرين ، مستشهدين بأن خروج البضائع عبر المنافذ الجمركية دون الكشف عليها أشبه بتهريب المخدرات والأسلحة، ضمن شحنات الواردة عبر منافذ غير شرعية.

ووضع أصحاب المصانع، أيديهم على نقطة من نقاط الضعف، تمثلت في سبب نقص العمالة، مؤكدين أنه نتيجة عدم تناسب الأجور مع أعباء الحياة المعيشية، وعدم تناسب الأجور مع المجهود المبذول فى تلك الصناعة وإهمال الدولة بتنمية وتطوير التعليم الفني، والمهني.

وطالبوا، بتنفيذ قرار رئيس الجمهورية بتنفيذ خطة لتطوير التعليم الفني على مستوي قطاعات الجمهورية.

وواصل عمال المصانع ، استغاثاتهم بداية من مطلع العام الجاري، مطالبين بضرورة دعم الدولة، واعتبار تصدير منتجات الملابس الجاهزة والمنسوجات المصنوعة من الغزول الشعر، قاطرة تجر الصناعة المصرية القومية.

ولفتوا، في أكثر من فاكس للجهات المعنية ، إلى أن المصدرين يواجهون بعض الصعاب من بينها إرتفاع أسعار المدخلات المتمثلة في مواد الخام الأولية والغاز والكهرباء والمياه والصرف وانخفاض الأجور مع تدني كفاءة العامل.

وأوضحوا ، أن هبوط سعر العملة الأوربية «اليورو»، أمام الدولار الأمريكي والجنيه المصري ، يعد ناقوس خطر يهدد الاقتصاد المصري.

تحديات الصناعة

التحديات التي تواجه صناعة الغزل والنسيج مازالت تخرج لسانها للجميع دون استثناء، فمنها صعوبات حول أوامر التصدير من أوروبا نظر لحالتها الاقتصادية، وكذلك منح منتجات تركيا وسوريا وباكستان نفس مميزات مصر مع أوروبا ودول شرق الأوسط ، الأمر الذي رأى أصحاب المصانع معه ضرورة تدخل مجلس الوزراء، والعمل على تطوير مدارس التعليم الفني لتنشيط خروج عمالة جديدة تتبني تنمية صناعة الغزل والنسيج.

المنطقة الاستثمارية ..«مشروع وهمي»

وتناول أصحاب المصانع ، خطة إنشاء مدينة صناعة على مساحة 34 فدان تابعة لهيئة التنمية الصناعية، تقع بين نادي الصيد وأسوار شركة غزل المحلة، حيث مازالوا يؤكدون أنه «مشروع وهمي» يروج له اللواء أحمد ضيف صقر، محافظ الغربية، والمفوض العام لشركة غزل المحلة، وعدد من أعضاء مجلس النواب، بعد عدم وجود إجابة على تساؤلهم «ازاي هنبني مدينة صناعية جديدة .. واحنا عندنا المصانع بتغلق ومفيش عمال وكله عاوز المكسب السريع على حساب خراب اقتصاد الدولة ؟».

وفي بداية شهر أغسطس، اشتعلت الأزمة داخل قلعة الصناعة، حيث أثار قرار رفع أسعار الغزول من 27 للكيلو إلى 35 جنيه الذي أصدره الدكتور أحمد مصطفى ، رئيس الشركة القابضة للغزل والنسيج، غضب أصحاب المصانع غير المتوقفة والمصدرة التابعة للقطاع الخاص بالمحلة الذين هددوا بغلق مصانعهم وإنشاء «صوان» على الأرض المخصصة للمدينة الصناعية مكانا للاعتصام والاحتجاج على القرار الذي اعتبروه غير متوقع فى الوقت الذي يتحملون فيه زيادة مستمرة في أسعار الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي وأسعار الأصباغ ، بالإضافة إلى سداد الضرائب والرسوم التي تفرضها وزارة القوى العاملة على أصحاب المصانع طبقا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 135 لسنة 2003 ، الذي يلزم أصحاب المصانع بسداد 1% من أرباح المنشأة سنويا لصالح صندوق التدريب، فى الوقت الذى لا تقوم فيه مديرية القوى العاملة ، بتدريب أي عامل أو رفع الكفاءة المهنية للعاملين بالمصانع.

كما تمثلت الأعباء في سداد 1% من إجمالي الأجور الشهرية لصالح صندوق الطوارئ وسداد 1 % من حصيلة الغرامات وجزاءات العاملين لصالح صندوق الخدمات للصرف على الأنشطة الثقافية والرياضية والإجتماعية ، في حين لا توجد أنشطة رياضية ولا ثقافية ولا خدمية للعاملين بالمصانع ، والتي يعتبرها أصحاب المصانع جباية مفروضة عليهم لا يقابلها خدمات للعاملين ينعكس أثرها على الإنتاج، علاوة على القيمة المالية لاستخراج شهادات قياس المهارة ومزاولة المهنة بموجب حوالة بمبلغ 40 جنيه وأخرى بمبلغ 33 جنيه، والتي يعجز عن سدادها العاملين ويتحملها أصحاب المصانع حفاظا على العاملين.

وعلى أثر ذلك ، عقدت رابطة أصحاب مصانع النسيج، بالمحلة، اجتماعا طارئًا بمقر الرابطة ، لمناقشة القرار المفاجئ بزيادة أسعار الغزول من 27 إلى 35 جنيها للكيلو ، بحضور أصحاب مصانع النسيج، لمناقشة القرار وأثره السلبي على أصحاب المصانع والأضرار التي تلحق بالعاملين نتيجة لغلق المصانع.

وأوضح المهندس نعمان أبو قمر، كبير النساجين والمصدرين، بالمحلة، خلال الاجتماع، أن السعر العالمي 27 جنيه للكيلو ، وأن الزيادة فى أسعار الغزول مبالغ فيها لأن الشركة القابضة تحصل على القطن الشعر بسعر 18 جنيه ، ويصل إلى 27 جنيه بعد زيادة 6 جنيهات قيمة مصنعيه، متسائلا كيف يصل السعر إلى 35 جنيه ، بينما السعر العالمى الغزول 27 جنيه أنها ضربة قاضية للمصانع ستؤدى إلى انخفاض معدلات التصدير وزيادة في عدد المصانع المتوقفة.


أصحاب المصانع

وفي منتصف أغسطس، أصدرت رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج ، بمدينة المحلة الكبري، بيانًا كشف عن تلقي مجلس الإدارة توقيعات من أصحاب المصانع والشركات الخاصة التى يزيد عددها عن 750 مصنع مرخص عن نيتهم التصعيد ، إحتجاجا علي الفشل في عدم الإيفاء بسداد رسوم ومصروفات الطاقة وأسعار الغزول، وسداد التأمينات للحكومة عن كل عامل لديهم.

وأكدوا، أن أعداد العمال لديهم تفوق حاجز 250 ألف عامل وعاملة، مهددين بالتشرد بسبب تجاهل الحكومة لمسلسل الخسارة المتعمدة طوال السنوات الماضية ، خلال الأزمة الاقتصادية الجارية.

وكشف المهندس أحمد أبو عمو، رئيس الرابطة، وقتها، عن غلق 480 مصنع من بين 1200 مصنعا من أكبر مصانع الغزل والنسيج المسجلة ، بالمدينة ، بخلاف المصانع الصغيرة العشوائية التي تستوعب الآلاف من العمال بسبب تعثر أصحابها وتراكم الديون عليهم .

وتدخلت الحكومة في محاولة لتهدئة الأوضاع وتم عقد لقاءات مع أصحاب المصانع واتخاذ التدابير التي كان من شأنها تقريب وجهات النظر وحل الأزمة مؤقتًا.

معوقات الصناعة

وبدأت معوقات الصناعة في المحلة الكبرى، منذ عام 2005 ، وتمثلت في انهيار شبكة الصرف الصحي ، وتناولتها جلسات مجلس الشعب أكثر من مرة، في محاولة لحل الأزمة التي كانت أحد أسباب إحجام المستوردين عن عقد صفقات مع أصحاب المصانع، وذلك نظرًا للطفح المزمن لخطوط الصرف الصحي، التي تستقبل الصرف الصناعي محملا بالأصباغ والأحماض أدى ذلك إلى تهالكها.

تدخل المحافظة

وأصدر اللواء أحمد ضيف صقر ، محافظ الغربية، في شهر نوفمبر، توجيهاته لأصحاب المنشآت الصناعية بمدينة المحلة، بسرعة التوصيل على خط الصرف الصناعى ، بمدينة المحلة الكبرى ، وكذلك سرعة عمل التوصيلات الخاصة تحت إشراف شركة مياه الشرب والصرف الصحي ، لسرعة فصل الصرف الصناعي عن الصرف الصحي، الذي يسبب أعطال فى محطات معالجة الصرف الصحى.

جهود الحكومة

وبدأت جهود الحكومة تعطي أملا في نهاية 2016 لبدء الحلول الواقعية، بعيدا عن الوعود التي انتهت بها المناقشات والاقتراحات على الورق.
ودعا المهندس شريف إسماعيل ، رئيس مجلس الوزراء، خلال افتتاح المؤتمر الوطنى حول «دعم زراعة القطن والنهوض بصناعة الغزل والنسيج»، بداية ديسمبر الجاري ، المسؤولون عن الغزل والنسيج ، لتبني مشروع قومي تشارك فيه الدولة وكافة الطوائف ذات الصلة بهذا القطاع لإحياء صناعة الغزل والنسيج فى مصر.






















 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق