«أرض فدك» اتُهِم أبي بكر بسرقتها وكلام متهميه يبرئه

الخميس، 17 سبتمبر 2015 10:40 ص
«أرض فدك» اتُهِم أبي بكر بسرقتها وكلام متهميه يبرئه

شهدت السيدة فاطمة الزهراء بنت النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد وأعنف الأزمات التي أحاطت بالنبي منذ جهره بالدعوة حتى وفاته، غير أن هناك موقف حدث بين السيدة فاطمة وسيدنا أبو بكر الصديق جعل الشيعة يطعنون في أبي بكر والمعروف بأزمة ميراث أرض فدك .

(أرض فدك) هي قرية في الحجاز كان يسكنها طائفة من اليهود ولما فرغ الرسول -عليه الصلاة والسلام- من أمر خيبر صالحوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أرض فدك، فكانت ملكاً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنها مما لم يتحرك عليها بخيل و لا ركاب.

كان الخلاف بين الصديق والزهراء -إن اعتبرناه خلافاً- حول حكم شرعي وكل واحد منهما يملك أدلة على رأيه، إلا أن حساسية الشيعة من أبي بكر جعلهم يتهموه صراحةً بالسرقة حيث قالوا على حد زعمهم: (أن أبا بكر أكل حق فاطمة وميراثها زوراً وبهتاناً وبدون حق وأنها ماتت وهي غاضبة عليه إما أنها إرث من النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لفاطمة أو هي هبة وهبها رسول الله لها يوم خيبر).

لكن نص الاتهام ينفي شبهة السرقة عنه، فلو كانت الأرض ميراثاً فإنه بعد وفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- جاءت فاطمة لأبي بكر الصدّيق تطلب منه إرثها من النبي -عليه الصلاة والسلام- في فدك وسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- من خيبر وغيرهما فقال أبو بكر الصدّيق: (إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة)، وفي رواية عند أحمد (إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث)، فوجدت فاطمة على أبي بكر واستدلت -رضوان الله عليها- بعموم قوله تعالى يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين غير أن سيدنا أبو بكر تمسك برأيه فأذعنت فاطمة احتراماً لكلام أبيها لأن كلام النبي فوق كلام كل أحد.

وحديث (إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث) فقد ثبت عند الفريقين السنة والشيعة أنه صحيح فلماذا يُستنكر على أبي بكر استشهاده بحديث صحيح؟

أما إذا كانت الأرض هبة ويجوز توريثها فسيكون الدليل قول زكريا -عليه السلام- فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب ولكن هذا سيكون دليل مبني على استنتاج أغرب كما جاء في فتاوى العلماء، وذلك لأربع أسباب هي:-

- أولاً: لا يليق برجل صالح أن يسأل الله -تبارك وتعالى- ولدًا لكي يرث ماله فكيف نرضى أن ننسب ذلك لنبي كريم كزكريا -عليه السلام- في أن يسأل الله ولداً لكي يرث ماله إنما أراد زكريا -عليه السلام- من الله -عز وجل- أن يهب له ولداً يحمل راية النبوة من بعده، ويرث مجد آل يعقوب العريق في النبوة.

- ثانياً: المشهور أنّ زكريا -عليه السلام- كان فقيراً يعمل نجاراً، فأي مال كان عنده حتى يطلب من الله -تبارك وتعالى- أن يرزقه وارثاً، بل الأصل في أنبياء الله -تبارك وتعالى- أنهم لا يدخرون من المال فوق حاجتهم بل يتصدقون به في وجوه الخير.

- ثالثاً: إنّ لفظ الإرث ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا وقوله تعالى أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون فلا دلالة في الآية السابقة على وراثة المال.

- رابعاً: حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً و لا درهماً و لكن ورّثوا العلم) يتضمن نفي صريح لجواز وراثة أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته.

وكذلك الحال في قوله تعالى وورث سليمان داود فإنّ سليمان -عليه السلام- لم يرث من داود -عليه السلام- المال وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين إثنين:-

(الأول: أنّ داود -عليه السلام- قد اشتُهر أنّ له مائة زوجة وله ثلاثمائة سريّة أي أمه، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان -عليه السلام-! فتخصيص سليمان -عليه السلام- حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد).

(الثاني: لو كان الأمر إرثاً مالياً لما كان لذكره فائدة في كتاب الله -تبارك و تعالى- إذ أنّه من الطبيعي أنّ يرث الولد والده، والوراثة المالية ليست صفة مدح أصلاً لا لداود ولا لسليمان -عليهما السلام- فإنّ اليهودي أو النصراني يرث ابنه ماله فأي اختصاص لسليمان -عليه السلام- في وراثة مال أبيه!)

العجيب أن المرأة لا ترث في مذهب الشيعة الإمامية من العقار و الأرض شيئاً فكيف يستجيز الشيعة الإمامية وراثة السيدة فاطمة -رضوان الله عليها- لفدك وهم لا يُورّثون المرأة العقار ولا الأرض في مذهبهم.

ثم يجيء السؤال في النهاية، هل ماتت الزهراء وهي غاضبة من أبي بكر؟ الإجابة كما في كتب السير و التاريخ أنها لم تموت وهي غاضبة على أبي بكر لأنه دخل استكرمها في آخر أيامها وغسلتها زوجة أبي بكر أسماء بنت عميس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق