الإخوان وحلم العودة

الإثنين، 12 ديسمبر 2016 10:31 ص
الإخوان وحلم العودة
حسن مشهور يكتب:

التسارع في الأحداث التي تطئ مساحات جغرافية عدة من عالمنا العربي؛ تجعل الإحاطة بها ومحاولة تفكيك ألغازها أمر يشكل جهدًا ضاغطًا على العقلية العربية الفاعلة.

إن الأمر الذي دعاني لكتابة هذا المقال هو حدثان قد تناولتهما الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي وهما وأن كانا يبدوان متباعدين؛ إلا أن التفكير المتأني سيقودنا لذلك التعالق بينهما الذي لن يفطن إليه إلا من يفكر فيه بعمق ورؤية.

أحدهما هي تلك المحاولة الآثمة التي وقعت بالقرب من كاتدرائية العباسية في القاهرة، وتمخض عنها بعض الوفيات والعديد من الجرحى. وحقيقة تندرج بتخطيطها وبنتائجها الكارثية تحت إطار مسلسل المحاولات الإرهابية المطرد والساعي لتدمير البنية الاجتماعية والاقتصادية والأمنية والسياسية لمصر أرضا وإنسان.

فمن يسعى لتنفيذ هكذا فعل إرهابي آثم، وخاصة في هذا التوقيت الزمني؛ فيقيني أنه يسعى فقط لزلزلة وتدمير الكيان المصري القائم بصورته الراهنة.

الأمر الآخر الذي لفت انتباهي مؤخرًا؛ هو ذلك الخبر الذي تناولته بعض مواقع السوشيال ميديا وبعض الصحف الإلكترونية كذلك؛ ويشير في ثناياه إلى أن هناك جهود حثيثة تجرى على قدم وساق وبالتنسيق مع الحكومة التركية وتهدف في النهاية لرفع جماعة الإخوان من قوائم الإرهاب في المملكة العربية السعودية، ذلك الخبر الذي قد أثار القلق لدى بعض دوائر الإعلام المصرية وبعض القوى السياسية الأخرى.

وعلى رغم أنه لم يصدر - إلى حينه - تكذيب له من الخارجية السعودية إلا أن العارف ببواطن وحيثيات قرار وضع جماعة الإخوان في قوائم الإرهاب السعودية؛ يدرك يقينا بأنه خبر عار من الصحة، فالحكومة السعودية على مدى ثلاثة عقود لم تقدم على هذه الخطوة إلا بعد أن استنفذت مختلف الطرق وجميع الوسائل من أجل استصلاح أعضاء التنظيمات الراديكالية، على الرغم من أن محاولاتها تلك قد منيت أغلبها بالفشل وعادت بالضرر الذريع على الواقع الأمني والاجتماعي السعودي.

ولو عدنا بالذاكرة قليلًا للوراء؛ سنجد أن محاولات التنظيمات المتطرفة للإساءة وإيقاع الضرر على الداخل السعودي لم تتوقف على مدى السنوات التي شهدت تأسس وبناء الدولة السعودية وتطورها ونمائها يوم بعد آخر، فالملك عبد العزيز بذاته قد تعرض للضرر الكبير من الإرهاب الثيوسياسي بعد نجاحه في تأسيس المملكة العربية السعودية الأمر الذي اضطره في النهاية لمحاربتهم وإيقاع الهزيمة بهم في معركة «السبلة» الشهيرة.

ثم تكرر ذات الفعل الإرهابي مجددًا مع البواكير الأولى لتولي الملك فهد بن عبد العزيز السلطة في الحادثة الشهيرة التي عرفت بـ«حركة جهيمان»، ونتج عنها احتلال الحرم المكي الشريف ووقوع العشرات من القتلى والجرحى.

وأيضا تلك الفترة الممتدة بين عامي 2003 - 2007، حيث ضرب الإرهاب الأعمى الداخل السعودي بقوة وسعى جاهدًا لتقويض بنى الدولة، ولكن الحكومة السعودية بتكاتفها مع الشعب السعودي قد تمكنت من إيقاع الهزيمة المنكرة به وإجهاض مشروعه الإسلاموي التكفيري المقيت.

فالسعودية كدولة قد تضررت من هذه الجماعات الظلامية ومن أفعالها المنكرة، لذا فهي عندما قررت وضعهم في قوائم الإرهاب السعودية فإن ذلك لم يكن من فراغ.

وحقيقة من روج لهذه الفكرة المكذوبة، إنما هو يسعى جاهدا لدق أسفين في العلاقات السعودية - المصرية، التي كغيرها من العلاقات قد تشهد في فترات معينة من التاريخ توترًا لاختلاف الرؤى في طرق المعالجة لبعض القضايا العربية العالقة.

لكن المؤكد أن الحكومتين في كلا البلدين تدركان أهمية أن تكون السعودية ومصر على وفاق، وفي كامل قوتيهما، وخاصة عندما يطرأ أي متغير على القضايا العربية الكبرى.

ويقيني أن السعودية حكومة وشعبا يشاطرون مصر أحزانها ويدينون ذلك الإرهاب الأعمى الذي طرقها على حين غرة.. حفظ الله مصر من كل شر ومكروه، ورحم شهداءها، وستبقى مصر ويذهب الإرهاب إلى غير رجعة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق