جابر نصار: «أنا رجل تنويري وأخوض معاركي بصدري» (حوار)
الخميس، 08 ديسمبر 2016 12:36 م
أكد الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، أنه يخوض معارك شرسة منذ تربعه على سدة أعرق الجامعات المصرية، لافتا إلى أن بعض تلك المعارك بدت مفتعلة والبعض الآخر أشعلها مجموعة قرارات صدامية.
وقال في حواره لبوابة «صوت الأمة»، إن ثمن معركة التنوير التي يخوضها بـ«صدره» - كما وصف - وفي ظل رئاسته لجامعة عريقة، فادح مقابل نشر الأفكار البراقة، وإلى نص الحوار:
- تصدرت لقضية النقاب وإلغاء خانة الديانة ثم مناهضة مجانية التعليم، لماذا تختار خوض المواضيع الشائكة؟
أنا رجل تنويري وأخوض جميع معاركي بـ «صدري»، هذه هي طبيعة التنويرين وبحكم منصبي في رئاسة جامعة عريقة ولها تاريخها يجب أن تتسم مواجهاتي بالتحدي والسير على الأشواك، التنوير ثمنه فادح ويجب على البعض أن يدفعوه مقابل نشر الأفكار البراقة، ويتسع أفق المجتمع للتطوير والعلم والثقافة، فإلغاء خانة الديانة كانت خطوة ضرورية لإنهاء الإرث البيوقراطي الأكاديمي من رواسب لا داعي منها، ومن قبلها معركة النقاب مع انتشار الحركات الإسلامية.
- لماذا انتظرت وقوع أزمة الطالب مينا نادر لتصدر قرار إلغاء خانة الديانة من أوراق التقديم؟
لم انتظر، وكانت عدة جبهات مفتوحة فلم أخرج من حرب النقاب واتهام مشايخ السلفية لشخصي بتبني أفكار تحررية تحرض على الحجاب وتناهض حرية المرأة، والبعض الآخر قال أني أريد تعميم نموذج المرأة المتبرجة، وتطاول على شخصى «برهامي» وغيره، وأنا أرى أن هذه هي الضريبة التي يدفعها رجال التنوير من أعصابهم وسمعتهم، أنا أصارع البيوقراطية وأتحاشى ضيقي الأفق والجهلاء الذين اصطدم بهم.
- هل إلغاء مجانية التعليم وسيلة للتنوير في نظرك؟
أنا لم أطالب بإلإلغاء وإنما طالبت بتقنينها، ولا يجب أن تكون المجانية للجميع هذا إهدار لقيمة العدالة الاجتماعية، القادر يجب أن ينفق على التعليم وغير القادر المتفوق تتولى الدولة نفقات تعليمه، مجانية التعليم ليست إله لا يمكن المساس به، ولا يجب أن تكون هبة في المطلق، في النهاية هي آلية لتطوير المجتمع ودفع الحراك المجتمعي به، ويجب أن لا نجعل منها صنما يعبد، وإذا رأت أجهزة الدولة المعنية بالتعليم أنها لا تحقق الهدف منه بكونه مجانيا، فلا بد من امتلاك الشجاعة وتقنين تلك المجانية، حيث لا يحصل عليها سوى من يستحقها، وكلما كان التعليم مدفوع الأجر كلما كانت درجة الاستفادة منه أكبر، وتجارب الدول المحيطة بنا كلها أثبتت ذلك، ولا يوجد في العالم دولة يدفع فيها الطالب الجامعي 156 جنيها مصروفات كما نفعل في مصر.
- لكن البعض ينتقد اتجاهك لجعل التعليم استثماريا، ما رأيك؟
التعليم في العالم كله يتحول من الحكومي إلى الاستثماري والجامعات العالمية التي حققت مراكز متقدمة في مقياس التنافسية الجامعي لديها مساحات كبيرة من التحرك بحرية في إدارة استثماراتها وإيجاد مصادر تمويلها الذاتي، طلاب الكليات العلمية يدفعون نظير الكورسات الخاصة آلاف الجنيهات، لذلك يحرصون على حضور الكورسات بينما المحاضرات المجانية لا تجد من يستفيد منها، وإذا أردنا تعليما تنافسيا علينا أن ندفعه نحو الاستقلالية وموائمة احتياجات السوق لمتطلبات التطوير والصناعة.
- ما سر العداء بينك وبين التراث العربي بعد هجومك الكبير على لقاء تدريس السيرة الذاتية لعنترة وعقبة بن نافع؟
أنا لا أعادى التراث، عندما أقول أن الأولى من تدريس سيرة «عقبة بن نافع، وعنترة بن شداد» وغيرهم من رموز العصر الجاهلي، أن ندرس قامات مصرية مثل سيرة طلعت حرب، مؤسس الاقتصاد المصري الحديث، فإني أقدم رؤية للدولة ولا أعادي التراث، كما أن معاداة التراث ليست بتهمة إذا كان الثمن أن يتقدم المجتمع، ويتحرر من قيود التخلف والرجعية، كما أن آفة الفكر والثقافة هي التراث، وعلينا أن لا نخجل أو نقلق من نقد التراث، لأن المصيبة أن نقدسه، نحن بحاجة إلى ترتيب أولويات.
- البعض وصف تعاملك مع قضية طلبة الجماعة الإرهابية بالجائر بعد فصلهم على خلفية التظاهرات؟
إذا كان الطلاب أنفسهم غير حريصين على مصلحتهم ومستقبلهم التعليمي، فلماذا تتحمل الجامعة مسؤلية الإبقاء على طلاب صدعوا رؤوسنا بالتظاهرات والصدامات مع الأمن وعدم الالتزام بالتعاليم الجامعية، وأنا ضميري مرتاح عندما صدقت قرار فصل 58 طالبا منتمين للجماعة، بعدما درست قائمة الأسماء ووجدت أن الطلاب تم الزج بهم في القضية وسمحت لهم بدخول الامتحانات ومنهم من تخرج وأثبتوا أنهم مثال للطلبة المجتهدين، أما البقية فلم يتقدم أحد بالتماس أو بطلب العودة للدراسة أو يثبت أنه لم ينخرط في عمل تخريبي وأنا لا أظلم أحد وأنظر في كل الالتماسات وأبحث بنفسي الحالات.
- ماذا عن كواليس قانون تنظيم الجامعات التي شهدت شد وجذب واتهمت الوزير بأنه لا نية له في إصدار القانون؟
علاقتى طيبة باالدكتور أشرف الشيحي، وزير التعليم العالي، وهذا لا يمنع أني اعترض على الكثير من قراراته، وللأسف لا يريد الوزير أن يناقش أفكارا براقة في تطوير التعليم، يسعى فقط لأن يكون التعليم العالي مكرسا لسلطة الدولة، الدكتور السيد عبد الخالق، عندما تولى وزارة التعليم العالي، أعد مقترحا للقانون وكان واعدا وشمل كل ما ناقشناه حتى جاء «الشيحي»، وضرب الحائط بكل الجهد الذي بذل في السابق، والآن أعطى رؤساء الجامعات مهلة لنقبل التعديلات التي اشترطها للقانون قبل إرساله لمجلس الوزراء وبعدها لمجلس النواب، واعتقد أن الصدام قادم وأسأل الله أن ننتصر في معركة قانون التعليم الجديد.