بعد فضيحة «الغواصات».. تاريخ التعاون السري بين إسرائيل وإيران
السبت، 03 ديسمبر 2016 06:58 م
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في تحقيق لها أمس الجمعة، عن أن شركة استثمارات تابعة للنظام الإيراني تدعى (IFIC) تملك أسهمًا في الشركة الألمانية التي تبني الغواصات الجديدة للجيش الاسرائيلي، تُقدَر بحوالي 4.5%.
وأوضحت الصحيفة أن ذلك الأمر يُثير علامات استفهام وصفتها بالـ "مُقلقة"، حول احتمال اطلاع أصحاب الأسهم الإيرانيين على تفاصيل أحد المشاريع الأكثر سرية للجيش الإسرائيلي، لافته إلى أنه بذلك من الممكن أن تكون التكنولوجيا العسكرية السرية معروفة لدى طهران.
وأضافت أن صفقة الغواصات الألمانية والتي يشوبها فساد متورط فيه رجال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مازالت تحمل مفاجأت خطيرة، فعلى مدار سنوات تقول إسرائيل أنها تحارب لمنع صفقات بين دول كبيرة في العالم وبين الشركات الإيرانية، والآن يتم الكشف عن أن الأموال التي تدفعها إسرائيل لشركة الغواصات الألمانية "طيسن كروف" تصل إلى أيدي الإيرانيين.
وتنتج شركة "طيسن كروف" الألمانية التي تصدرت عنواين الصحف الإسرائيلية الأسابيع الماضية، غواصات حربية، سفن "سعار 6" لسلاح البحرية الإسرائيلي.
ورغم أن "يديعون أحرنوت" سردت تاريخ الشركة الإيرانية وحجم تعاونها مع شركة "طيسن كروف" الألمانية منذ سنين، بما في ذلك تصريحات الدكتور فرهاد زرجاري، رئيس شركة الاستثمارات الخارجية الإيرانية، في مقابلة أجريت هذا العام مع مجلة الاستثمارthe business year، مؤكدا أن لـ (IFIC) أسهم في الشركة الألمانية؛ إلا أن تعليق الجيش الإسرائيلي جاء بأنه لم يكن لديه معرفة عن تلك المعلومات.
تعاون استراتيجي
بعد تداول تحقيق "يديعوت أحرونوت" في وسائل الإعلام ورد الجيش الإسرائيلي، تزايدت الشكوك حول أن التعاون السري بين إسرائيل وإيران في المجال العسكري ما زال قائمًا، رغم ما يحاول أن يصدره الطرفين بالعداوة بينهما، لخدمة مصالحهما في المنطقة، وهو ما كشفه رئيس مركز ميسان للدراسات العربية والإيرانية، في دراسة نشرت هذا الشهر حول التعاون الاستراتيجي بين إيران وإسرائيل وأمريكا منذ ثورة 1979 في طهران.
كشفت الدراسة أن التعاون العسكري الإسرائيلي - الإيراني بدأ من خلال شركة "صادق طبطبائي"، نائب رئيس مجلس الوزراء سابقًا وشقيق زوجة أحمد الخميني، التي كانت حلقة الوصل بين طهران وتل أبيب، وقد زار صادق طبطبائي إسرائيل في 6 سبتمبر 1980، وانكشف ختم دخوله إلى إسرائيل على جوازه عندما ضبطته السلطات الألمانية بالمطار وفي حقيبته كيلو جرامًا ونصف من المخدرات.
وطوال سنين الحرب مع العراق، تولت إسرائيل قيادة الدعم العسكري الغربي لإيران، حيث تلقت إسرائيل العديد من الطلبات الإسرائيلية لشراء الأسلحة في السر، ودليل على ذلك تصريحات الكساندر هيج، وزير الخارجية الأمريكي في حكومة ريجان، حين أبلغ نظيره الإسرائيلي بموافقة الولايات المتحدة على بيع أجزاء الطائرات الحربية لإيران، وفي المجموع، اشترت إيران ما يقارب 80% من أسلحتها من الشركات الإسرائيلية التي تم تسجيلها في إسرائيل ودول أخرى، ولم يتوقّف استيراد السلاح عند هذا الحد، فقد تم تصدير كميات ضخمة من السلاح لإيران بإشراف "زفي رويتر"، المدير المساعد في الوزارة لشؤون تصدير المعدات العسكرية الإسرائيلي.
ومن جهته، اعترف رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق، آريئيل شارون في مايو 1982، خلال مقابلة مع قناة NBC الأمريكية، بصفقات الأسلحة التي تمّت مع إيران، وقال حينها "مبيعات الأسلحة لإيران تترك لنا نافذة مفتوحة لإمكانية إقامة علاقات ودّية معها في المستقبل".
وفي هذا السياق، تم الكشف عن التبادلات العسكرية الضخمة بين إسرائيل وإيران والولايات المتحدة في فضيحة "إيران كونترا" الشهيرة، التي خلقت جدلًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والسياسية، ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز و"جلوبال سكيوريتي" فقد تمثّلت بعض هذه الأسلحة في: "2008 صواريخ تاو، 2750 صاروخ هاوك، قطع غيار الطائرات الحربية، 360 طن ذخيرة، مدرعات M60، 300 صاروخ AIM-9 Sidewinder ومجموعة متنوعة تعدّ أكثر من 4000 صاروخ".
ضرب المفاعل العراقي
أفادت صحيفة "ساندي تلجراف" البريطانية في 14 يونيو 1981 أن إسرائيليين نفذوا هذه العملية على أساس خرائط ومعلومات استخباراتية إيرانية، والتقى مسؤولون إسرائيليون مع مبعوث مؤسس الجمهورية الإسلامية الإيراني، روح الخميني، قبل تنفيذ العملية بشهر واحد في باريس لتبادل المعلومات السرّية، وأيضًا اتفق الطرفان في حال حدوث مشاكل تقنية خلال العملية، أن تهبط الطائرات الإسرائيلية سرّا في مطار مدينة "تبريز" العسكري شمال غربي إيران.
ومن المثير للاهتمام في إطار التعاون غير المباشر، نقل تقرير بعنوان "محور المصالح الإسرائيلي الإيراني الأمريكي" أنّ طهران اشترت 20 ألف جهاز إنذار وحماية في عام 2006 من معرض صيني كان يعرض أجهزة شركة "سونار" الإسرائيلية للبيع. وأيضًا أثيرت ضجة واسعة حين استخدمت الشرطة والحرس الثوريّين أجهزة تنصّت إسرائيلية الصنع، لقمع مظاهرات حركة الخضراء عام 2009.
تعاون في المجال النووي
فيما نشرت صحيفة "هآرتس" في سبتمبر 1998 أن "نحوم مانبار" المرتبط بشكل مباشر بالموساد، والذي يحتفظ بعلاقات تجارية جيدة مع مسؤولين إيرانيين، في الأعوام الممتدة من 1990 إلى 1994، باع إلى إيران 150 طنًّا من مادة كلوريد التايونيل، التي تدخل في صناعة غاز الخردل، كما أن مانبار قد وقّع عقدا مع الإيرانيين لبناء مصنع قادر على إنتاج العديد من الأسلحة الكيماوية، إضافة إلى مصنع ينتج أغلفة القنابل التي تستعمل لتلك الأسلحة". وفي مقابلة مع نفس الصحيفة كشف مانبار أنه اعتبارًا من 1988 إلى 1992 باع كميات كبيرة من الأسلحة والمعدات العسكرية إلى إيران، عبر شركاته البولندية.
وأثناء محاكمة مانبار بتهمة بيع الأسلحة لإيران، كشف عن أسامي أكثر من 170 شركة إسرائيلية من الشركات التي أقامت علاقات تجارية وعسكرية مع إيران، وثُبت أنها كانت تعلم الحكومة الإسرائيلية بالكثير من التفاصيل المتعلقة بهذه العلاقات.
كما شارك مهندسين إسرائيليين، من خلال شركة هولندية، في ترميم البنى التحتية القريبة من المنشأة النووية في مدينة بوشهر التي تضررت من هزات أرضية، ونقلت صحيفة "يديعوت أحرنوت" عن أحد المهندسين حينها قوله "لقد أدهشنا حجم الفجوة بين المواجهة العلنية الإسرائيلية الإيرانية وعمق التعاون التجاري بين الدّولتين".