أهالي «بطن البقرة»: «إحنا مدفونين» (تقرير)
الجمعة، 02 ديسمبر 2016 01:21 م
على بعد أمتار قليلة من محطة مارجرجس تجد نفسك أمام حضارة دينية كاملة تأخذك لعالم روحاني ليس له مثيل من «مجمع الأديان ومنطقة السبع كنائس، وكذلك المعبد اليهودي، وجامع عمرو بن العاص»، ولكن وفي رحاب كل هذه الآثار، تجد عربات الكارو المحملة بـ«تلال القمامة» يقودها السيدات والرجال والأطفال ايضًا الذي لم يتعد عمرهم 10 سنوات.
محرر «صوت الأمة» تتبع هذه العربات التي تقودنا إلى ما لا يسر عين في منطقة تحمل في طياتها تلال قمامة ليس لها مثيل والعديد من السيدات والأطفال الذين يعملون بها ويقيمون بفرزها، وتجد ما يلفت انتباهك ويوقفك عن تتبع خط السير قائلاَ «أنت في بطن البقرة»، وهم مجموعة من الرجال يقفون على باب المنطقة يتحرون عن الداخل والخارج بها دون وجه حق، فقط لمجرد المعرفة وكأن المنطقة دولة منفصلة لا يجب أن يدخلها الغريب عنها.
ومع التجول تجد مجموعة من العشش مرصوصة بجانب بعضها، في الوهلة الأولى لم تتخيل أنها تحمل بداخلها العديد من العائلات المكونة من 5 و6 أفراد يعيشون في عشة ليس بها أي خدمات، ولا تتحمل تربية الحيوانات بداخلها ولكن تبين أن كل العشش المبنية من الخوص والمنازل المبينة من الطوب الجيري تضم العديد من العائلات يفوق 4 آلاف أسرة على مساحة 29 فدانا.
وتعتبر منطقة «بطن البقرة» ضمن المناطق الأكثر خطورة بمصر القديمة، لحالتها الإنشائية المتدهورة والصرف الصحي الذي يغرق المنطقة بالكامل من وقت لآخر، حيث لا يوجد بالمنطقة شبكات للصرف الصحي بل يتم استخدام بيارات لكسح مياه الصرف بها، ما يؤدي لتشبع الأرض بمياه المجاري، وذلك بخلاف الوصلات غير الرسمية في المنطقة بالكامل، وتملك الأرض شركة «المعادي للتنمية والتعمير» والتى تحتل قرابة نصف المنطقة والتى أصبحت مقلبا للقمامة ومرتعا للحيوانات الضآلة ومقرا لمتعاطي المخدرات والبلطجة «هذا باختصار حال أهالي بطن البقرة».
وفي أول دخولك للمنطقة وبعد أن تتخطى مجموعة الرجال تجد في استقبالك «عم محمد» 80 عامًا، واقفا على «نصبة» لبيع الشاي للعاملين هناك.
وقال «عم محمد» خلال حديثه مع «صوت الأمة»: «إحنا عايشين هنا ببركة ربنا، وسط الزبالة وبنتنفس بها»، وتمنى أن تلتفت الحكومة للمنطقة ويتم تطويرها بصورة جدية بعد حصر كل المواطنين بها.
وأضاف أن ما نعاني منه بالمنطقة قطع الكهرباء بصورة متواصلة، والبطالة بالنسبة للشباب، قائلا «بدلًا من تركهم بلا شغل ويتجهوا للمخدرات والعمل غير الشرعي، يمكن لحكومة أن توفر لهم عملا»، معلقا «عندنا شباب زي الورد».
«مابنكلش اللحمة غير في مواسم الانتخابات، والنور بيقطع أكتر ما بيجي»، هكذا وصفت نوال محمد، أحد سكان المنطقة حالها، مضيفة «خرجت ولادي من المدارس عشان يشتغلوا بعد وفاة والدهم، لدي سبعة أولاد الكبار منهم في صنعة حرة لتربية الصغار والصرف عليهم، أما أنا فأعمل على فرز القمامة ويعمل معي ابنى الصغير».
وأضافت نوال «يوميًا نتعرض لطفح مياه الصرف الصحي، وغرق البيوت بها مما يعمل على نشع العديد من المنازل وسقوطها على السكان»، قائلة «الواحد بينام وخائف على أولاده ما يطلعش الصبح عليهم».
«ماشيين هنا بالبلطجة والدراع» هكذا وصف الحاج عامر حسين أحد سكان بطن البقرة الحال الذي يعيشون فيه، مضيفًا أن البلطجية يتحكمون في كل حاجة بالمنطقة، ويأخذون الأموال من العاملين دون وجه حق مقابل العيش بأمان داخلها خاصة لقرب المنطقة من الجبل.
وأوضح عامر أن متعاطي المخدرات هنا «بالكوم» والسبب الأول والأخير عدم الأمان، بالإضافة إلي البطالة للشباب الخريج، فيعكف على تعاطي المخدرات ولا يجد مأوى له لذلك سوى المنطقة، مما يعرض الفتيات للكثير من المضايقات بها، وطلب عامر من الحكومة النظر لسكان بطن البقرة قائلًا «احنا مدفونين..عايزين نعيش زى البني آدمين».
من جانبه قال المهندس محمد الطويل، رئيس حي مصر القديمة، إن محافظة القاهرة وضعت خطة بالفعل لإدراج «بطن البقرة» ضمن مشروعات تطوير المناطق الأكثر خطورة، وذلك من خلال حصر السكان بالكامل والعمل على تعويضهم بقيمة إيجارية شهرية لمدة عام لحين تجهيز مساحة 40 فدانا «المجاورة للخيالة» للسكن بها، مضيفا أنه من المقرر نقل الأسر أيضًا لمدينة بدر من الحالات القصوى وحديثي الزواج منهم.
وأشار إلى أنه تم توفير استخراج 50 بطاقة رقم قومي لكبار السن هناك أو ممن لم يحصلوا حتى الآن على بطاقات بالمنطقة لتسهيل عملية الحصر، وذلك ضمن مشروع تنموي بالتعاون مع الأزهر الشريف، ومن المقرر تكرار التجربة مرة أخرى.