أديرة النطرون «وادي المحبة»

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016 08:46 م
أديرة النطرون «وادي المحبة»
منال محمود

وادي النطرون من أبرز المناطق السياحية في مصر والشرق الأوسط، لما تتمتع به من مميزات جغرافية وتاريخية وحضارية‏‏ فهذه المنطقة تقع في وادي النطرون بالصحراء الغربية بين القاهرة والإسكندرية‏، استخرج قدماء المصريين من هذا الوادي مادة‏ «النطرون‏» زمن الفراعنة‏، وعثر بالوادي على أطلال معبد أمنمحات الأول سنة‏ 1970‏ ق‏.‏م‏، وتتمتع المنطقة أيضا بمناخ معتدل وطبيعة خلابة، والعديد من آبار المياه واراض وحقول زراعية وبساتين‏.‏

تعج المنطقة بالعديد من الشواهد التاريخية والحضارية القبطية ممثلة في عدد من الأديرة‏، حيث زارها السيد المسيح والسيدة العذراء، فقد وصل السيد المسيح غربا حتي وصل مع السيدة العذراء إلى منطقة تعرفها المخطوطات القبطية باسم‏ «شيهات‏»‏ وتعني باللغة القبطية‏ «ميزان القلوب‏»‏ وهي التي يطلق عليها حاليا‏ «وادي النطرون‏» وأطلق عليها أيضا «وادي المحبة».

كانت المنطقة مليئة بالعديد من الأديرة فيما بين القرون ‏4‏ ـ‏7‏ م بعضها كان مخصصا لإقامة الرهبان الأجانب مثل الروم والأرمن والسريان والأحباش وأغلب هذه الأديرة مندثرة حاليا ولم يبق منها سوى دير القديس مكاريوس مؤسس الرهبنة في منطقة وادي النطرون‏، ودير الأنبا بيشوي‏، ودير السيدة العذراء المعروف حاليا بدير السريان‏،‏ ودير البراموس‏.‏

جميع هذه الأديرة تضم بين جنباتها العديد من الشواهد المعمارية واللوحات الفنية والعناصر المعمارية التي قلما تجدها في عمائر دينية مسيحية أخري في العالم‏.‏ بالإضافة لاحتواء بعضها على مخطوطات ووثائق تاريخية قبطية بالغة الأهميةـ أغلبها لم يدرس أو ينشر حتي اليوم‏، كما أن دير أبو مقارـ أو دير القديس مكاريوس يضم كنيستين الأولى هي كنيسة أبو مقار وبها حجاب به حشوات من الخشب مزخرف بزخارف بديعة من الفن القبطي وكنيسة السيدة العذراء والتي تضم‏ 3‏ هياكل‏، أما دير الأنبا بيشوي فيضم بين جنباته المعمودية الوحيدة في الأديرة المصرية جميعا، ويوجد بالدير كنيسة القديس بيشوي ولها‏ 3‏ أبواب، باب في كل من جهاتها البحرية والقبلية والغربية أيضا بهذا الدير‏ «غرفة المائدة‏»‏ وهي عبارة عن حجرة مستطيلة في وسطها مائدة من حجر علي ارتفاع متر وعلي جانبيها مسطبتان لجلوس الرهبان وفي آخر المائدة يوجد كرسي في حجر أيضا للقراءة يوضع عليه الكتاب المقدس أثناء الطعام حيث يتلو منه أحد الرهبان بعض فصول الكتاب المقدس أثناء تناول الرهبان الطعام علي المائدة‏.‏

دير الأنبا بيشوي
ويقع على بعد نصف كيلو متر إلى الجنوب الشرقي من دير السيدة العذراء السريان، ويبعد عن دير القديس مكاريوس «أبو مقار» غربا نحو عشرين كيلو مترًا وتبلغ مساحته فدانين وستة عشر قيراطً وينسب إلي القديس «الأنبا بيشوي» وكان تلميذ للقديس مكاريوس أحد زعماء النسك في الوادي. ويرجع إنشاؤه على أغلب الاحتمال إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، كما أعيد بناؤه حوالي عام 840م ويعتقد أن المبنى الرئيسي للكنيسة يرجع إلى هذا التاريخ كما قام البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 (1327- 1339م) بترميمه وأضاف تعديلات ما زالت باقية حتى الآن.

دير السيدة العذراء السريان:
ويقع في المنطقة الواقعة بين دير البراموس ودير الأنبا مقار إلى الجنوب الشرقي من دير البرموس، ويبعد عن دير أنبا بيشوي الواقع في نفس المنطقة بمسافة 500 متر وتبلغ مساحته نحو فدان وستة عشر قيراطًا وترجع نشأته إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، وقد قامت بزيارته العائلة المقدسة في القرن الأول الميلادي. وأطلق عليه اسم السيدة العذراء في القرن الخامس الميلادي ولكنه اشتهر باسم «دير السريان» بسبب سكنى بعض الرهبان القادمين من سوريا وبلاد المشرق داخل الدير بجانب الأقباط- في الفترة من القرن الثامن حتى القرن السادس عشر الميلادي، وقد تميز بقدوم مجموعات من جنسيات مختلفة بهدف التلمذة على أيدي آباء الدير الأوائل كما أطلق عليه على مدى العصور اسم "دير السريان العامر" لأنه لم يخل من الرهبان ولم يخرب ولم يحدث أي اعتداء عليه في أي عصر من العصور تقريبا.

وترجع شهرة دير السريان في الغالب إلى وجود القلاية الأصلية التي كان يعتكف فيها الأنبا بيشوي، كما أن بجوارها شجرة "الأنبا أفرام السرياني" وكانت عصا ثم تأصلت في التربة ونبتت ثم أورقت وما زالت حتى يومنا هذا.

دير البراموس:
ويقع دير السيدة العذراء براموس في الطرف الغربي لبحيرات النطرون وتبلغ مساحته نحو فدانين وثلاثة عشر قيراطًا من الفدان ويعرف بدير الروم لوجود مغارة أولاد الملوك التي عاش بها الأميران مكسموس ودماديوس انبا الإمبراطور فالنتينان الأول الذي حكم في الفترة من (364-375م) وقد أطلق عليه بعض المؤرخين دير أبي موسى الأسود وذلك لأن الأنبا موسى كان رئيسا لذلك الدير ودفن به. ويرجع تاريخ تأسيس دير السيدة براموس إلى القرن السادس عشر الميلادي، وكان آنذاك عبارة عن كنيسة، وترجع شهرته إلى وجود رفات القديسين مكسيموس ودماديوس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق