«الرفاعى».. قصة أشهر جامع إسلامي يضم عددا من مقابر الملوك

الثلاثاء، 29 نوفمبر 2016 06:53 م
«الرفاعى».. قصة أشهر جامع إسلامي يضم عددا من مقابر الملوك
مسجد الرفاعي
منال محمود

مسجد الرفاعي من أكبر جوامع مصر الأثرية فى منطقة الخليفة بالقاهرة، ويقع بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، وفى مواجهه مسجد السلطان حسن، ووسط مجموعة كبيرة من الآثار التي تؤرخ للعصور الأسلامية التي مرت بها مصر، وأحد أشهر المساجد التي تجذب الأنظارَ بين الحين والآخر، بما يضم تحت ثراه شخصيات طالما ملأت الدنيا صخبًا وجدل من أفراد الأسرة المالكة بمن فيهم الملك فاروق، وشاه إيران عام 1980،كما يعتبر المسجد مقصد سياحيا يقصده السياح من مختلف بلدان العالم بمختلف أجناسهم.

وقد زاد إقبال العديد من الشباب على ذلك المسجد أخيرًا بعد عرض مسلسل "الملك فاروق"، والذي أثار العديد من الجدل والخلاف حول فترة شديدة الأهمية في تاريخ مصر، وشيِّدَ مسجد الرفاعي على أرض "مسجد آخر" كان يسمى "مسجد الذخيرة " وبنيَّ في العصر الأيوبي، ووصفه المقريزي بأنه كان في مقابل شبابيك مدرسة السلطان حسن وبجواره زاوية عرفت بالزاوية البيضاء أو زاوية الرفاعي.

يضم مسجد الرفاعى قبورا لعدد من المشايخ، من بينهم أبو شباك، ويحيى الأنصاري، وحسن الشيخوني، والمفارقة الغريبة أن هذا المسجد الذى يحمل أسم الرفاعي نسبة للشيخ أحمد الرفاعي، شيخ الطريقة الصوفية المعروفة بالرفاعية، إلا أنه لم يدفن به، كما لم يدفن في مصر كلها، إلا أن هذه التسمية لازمت "الزاوية" أولا ثم المسجد فيما بعد نسبة للشيخ المدفون به "أبي شباك"، وهو من ذرية الشيخ الرفاعي.


وتشير المراجع التاريخية الى أنه من الثابت أن "خوشيار هانم" قررت عام 1869 تجديد الزاوية وقامت بشراء الأماكن المجاورة لها وهدمها، وبناء مسجد كبير يكون مدفنا لها ولأبناء أسرتها من بعدها، وقام كبيرُ مهندسي مصر آنذاك حسين باشا فهمي وكيل ديوان الأوقاف، بوضع تصميم لبناء المسجد ومدافن الأسرة المالكة وقبتين للشيخين، علي "أبو شباك ويحيى الأنصاري"،غير أن البناء توقف عام 1880 لإدخال تعديلات على التصميم ثم جاءت وفاة خوشيار هانم عام 1885 لتحول دون إتمام البناء رغم دفنها فيه بحسب رغبتها.

ولمدة ربع قرن، ظل البناء متوقفا حتى تولَّى الخديوي عباس حلمي الثاني عرش مصر، وكلف هرتس باشا مدير الآثار المصرية آنذاك إكمال بناء المسجد عام 1911، وإفتتح للصلاة عام 1912 يوم الجمعة الموافق غرة محرم عام 1330 ه، وبني المسجد على غرار مسجد السلطان حسن المواجه له، ليشبهه في عمارته الفخمة وضخامة حجمه وإرتفاعه. كما بنيت المداخل الشاهقة التي تكتنفها الأعمدة الحجرية والرخامية بتيجانها العربية بينما حليت الأعتاب بالرخام، وغطيت المداخل بالقباب والسقوف البديعة.

وتتميز مداخل المسجد بالإرتفاع الشاهق والأعمدة الحجريه والرخاميه وتيجانها الجميله، ومدى مهارة ودقة صناعة النجارة العربية وتطعيمها مجسمة فى كرسى السورة الموجود بالقبة، أما باب المسجد النحاسى المتواجد حتى الآن فيعتبر مثالا رائعا لأجمل الأبواب المكسوة بالنحاس والمشغول على هيئة أشكال هندسية غاية فى الجمال والروعة.

كماغطيت مداخل المسجد بالقباب والسقوف البديعة، أما القسم المخصص لاقامة الشعائر الدينية والصلاه عبارة عن مربع تغطيه قبة ذات مقرنصات جميلة محمولة على أربعة عقود مرتكزة على أربعة أكتاف بأركان كل منها أربعة أعمدة رخامية تيجانها منقوشة ومذهبة، ويحيط بهذه القبة ويغطى باقى مسطح المسجد أسقف خشبية حليت بنقوش ذهبية جميلة كما حليت بواطن العقود بزخارف منوعة، وكسيت الحوائط والأكتاف بالرخام المختلف الألوان المحلى بزخارف عربية رائعة.

ويضم المسجد بين جنباته كميات كبيرة من التحف الأثرية المتمثلة فى الجرانيت والأحجار الكريمة والرخام المرصع بالذهب حول مقامات القبور الملكية، جعل أنظار المحترفين من تجار الآثار تتجه صوب المسجد فى محاولات منهم لاقتلاع ما يمكن الحصول عليه.

كما يضم المسجد العديد من الأضرحة منها،ضريح جنانيار، إذ في الجانب الشمالي الذي شُرعت فيه 6 أبواب، منها 4 توصل إلى المدافن، و2 يوصلان إلى رحبتين بين تلك المدافن، في الحجرة الشمالية الشرقية يوجد 4 قبور لأبناء الخديوي إسماعيل هم علي جمال الدين، والسيدة توحيدة والسيدة زينب وابراهيم حلمي، وتعلو هذه الحجرة قبة حُليت مقرنصاتها بالألوان، وعلى يسارها من الجهة الغربية إحدى الرحبتين، التي توصل إلى القبة الثانية التي تضم قبرين، الأول للخديوي اسماعيل الذي توفي عام 1895، والثاني للسيدة خوشيار هانم، التي توفيت عام 1885، وتضم الرحبة الثانية قبور زوجات الخديوي إسماعيل إذ يوجد قبر "شهرت فزا هانم" وقبر "جشم رفت هانم"، وهما تركيتان، بجانب قبر جنانيار هانم، شقيقة ديلسبس.

وفي حجرة مجاورة، يوجد قبران أحدهما للسلطان حسين كامل إبن الخديوي إسماعيل والآخر لزوجته السيدة ملك، وفي الجزء الآخر من المقابر الملكية في الواجهة الغربية، يوجد قبر الملك فؤاد الأول، وقبر آخر لوالدته الأميرة فريال وثالث للملك فاروق، وهو آخر الملوك الذين تولوا حكم مصر، وتوفي في إيطاليا عام 1965، ونُقل رفاته إلى مصر ليدفن جانب أسرته، كما يضم المسجد أيضًا قبر شاه إيران محمد رضا بهلوي، الذي جاء إلى مصر عقب إندلاع الثورة الإيرانية عام 1977، وتوفي عام 1980، ودفن في هذا المكان الذي خُصص له، إستنادًا إلى علاقة النسب والمصاهرة بينه وبين الملك فاروق، إذ إن الشاه كان متزوجآ الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق

كما يضم المسجد ضريحي الأميرة فادية، الأبنة الصغرى للملك فاروق، التي دفنت فيه في يناير 2003، وشقيقتها الأميرة فريال التي توفيت في نوفمبر 2009، ودفنت في هذا المكان بناءً على طلب أسرتها لتكون بجوار أبيها.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق