حلب تفتح الطريق أمام النظام السوري لحسم الحرب (تحليل)

الإثنين، 28 نوفمبر 2016 12:13 م
حلب تفتح الطريق أمام النظام السوري لحسم الحرب (تحليل)

يسعى الرئيس السوري بشار الأسد إلى استعادة السيطرة على حلب، ثاني مدن البلاد، بأي ثمن، في خطوة من شأنها ان توجه ضربة موجعة للفصائل المعارضة، وتعيد تموضع نظامه على الساحة الدولية تزامنًا مع تغيير محتمل في الدبلوماسية الأمريكية.

وتشن قوات النظام منذ أشهر هجمات متتالية على شرق حلب في محاولة لاستعادة الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة في مدينة حلب منذ صيف العام 2012. وتمكنت في الهجوم الأخير الذي بدأ منتصف الشهر الحالي من التقدم وسيطرت في اليومين الأخيرين على ثلث الأحياء الشرقية، انطلاقا من مساكن هنانو، أكبر هذه الأحياء وأول منطقة سيطرت عليها الفصائل.

قال الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الجيوسياسية في الشرق الأوسط ماثيو غيدار لوكالة «فرانس برس» إن سيطرة النظام على حلب تشكل "أحد أكبر انتصاراته، باعتبار أنها من بين أولى المدن التي تمكنت المعارضة المسلحة من السيطرة عليها".

وأضاف أن مدينة حلب "لها منزلة استثنائية تاريخية وسياسية وجيوسياسية".

ومنذ العام 2012، تشهد حلب التي كانت تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد، معارك مستمرة بين قوات النظام التي تسيطر على الاحياء الغربية حيث يعيش 1،2 مليون شخص، والفصائل التي تسيطر على الأحياء الشرقية حيث كان يعيش حتى الأيام الأخيرة أكثر من 250 الف شخص، نزح الآلاف منهم.

"نقطة تحول"
ويرى الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن للأبحاث فابريس بالانش أن استعادة حلب "ستشكل نقطة تحول" في مسار الحرب في سوريا، إذ ستسمح للنظام "بالسيطرة على دمشق وحمص وحماة واللاذقية وحلب، أي المدن الخمس الكبرى".

وقد تفتح السيطرة على مدينة حلب الطريق أمام قوات النظام لاستعادة محافظة أدلب، التي يسيطر عليها وبشكل شبه كامل، ائتلاف فصائل اسلامية في مقدمها جبهة فتح الشام "جبهة النصرة سابقا قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة".

ويقول مدير مركز دمشق للدراسات الاستراتيجية بسام أبو عبد الله إن "سيطرة الجيش بشكل كامل على شرق حلب ستقلب ميزان الصراع في سوريا"، موضحا أن "الهدف إيصال الجماعات المسلحة إلى نموذج مشابه لحمص"، في إشارة إلى إجلاء مقاتلي الفصائل من حمص القديمة في العام 2014 بعد عامين من الحصار المحكم من قوات النظام.

ويرى أن "الخيارات المتبقية أمام الجماعات المسلحة هي التسوية او الترحيل الى مناطق أخرى".

وتعاني الأحياء الشرقية منذ 17 يوليو من حصار مطبق من قوات النظام، ما أعاق دخول قوافل المساعدات الإنسانية وتسبب بنقص كبير في المواد الغذائية. وتزامن ذلك مع تعرض معظم المستشفيات لغارات اعتبرت دول غربية أنها ترقى إلى "جرائم حرب".

ويرى كثيرون أن الحصار يهدف إلى دفع السكان المدنيين إلى الانقلاب على فصائل المعارضة بفعل البؤس والمعاناة من الجوع. لكن تحت وطأة القصف خصوصا والخوف من المعارك، غادر آلاف السكان في نهاية الاسبوع شرق حلب الى المناطق الحكومية، في أول حركة نزوح من نوعها منذ 2012.

"موقع قوة"
وستضع السيطرة على حلب النظام في موقع قوة ليشق طريقه نحو الانتصار في الحرب التي تشهدها سوريا منذ 2011 والتي أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل وتسببت بنزوح ملايين الأشخاص.

وسيقتصر وجود فصائل المعارضة إلى جانب أدلب، على بعض المناطق في درعا، التي كانت مهد الانتفاضة الشعبية ضد النظام السوري، وفي ريف دمشق حيث تراجعت الفصائل أيضا مع خسارة معقليها داريا ومعضمية الشام.

ويضيف غيدار "لن يشكل ذلك نهاية تلك المجموعات، لكن هزيمة في حلب ستعني أنها لم تعد قادرة على إبقاء السكان في مناطق سيطرتها وحمايتهم".

أما بالانش فيقول إن خسارة حلب ستعني أن "المعارضة غير قادرة على تحقيق نجاح كبير على الصعيد العسكري" وأن تطرح نفسها "كبديل" عن دمشق. ويضيف "حلب كانت تشكل الأمل الأخير للتمكن من إقامة منطقة قابلة للاستمرار" بالنسبة لفصائل المعارضة، لكن في حال أصبحت بيد النظام، "فإن هذا الحلم سيتبدد".

ويرى عبد الله أن "خسارة شرق حلب ستعني انهيار آخر آمال الدول" الداعمة للمعارضة وخصوصا السعودية وقطر وتركيا.

وفي حال استعاد النظام حلب، سيكون النظام السوري أمسك بمفاتيح مفاوضات السلام المحتملة بعد فشل ثلاث جولات حوار هذه السنة بإشراف الأمم المتحدة. ويقول غيدار "النظام سيكون في موقع قوة، ولن يكون لديه ميل كبير للرغبة في التفاوض".

ويشكل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في يناير المقبل تغيرا محتملا في الدبلوماسية الأمريكية، يمكن أيضا أن يبدل المعطيات.

ويقول بالانش "نعلم أن لا رغبة كبرى لدى ترامب في التدخل في سوريا. وإذا سقطت حلب، فلن يكون هناك داع بعد ذلك لدعم المعارضة السورية".

وكان ترامب توقع خلال مناظرة قبل الانتخابات الرئاسية في أكتوبر سقوط حلب، قائلا "أعتقد أنه في الجوهر، سقطت حلب أساسا".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة