سعد الدين الهلالي: «الخطاب الديني» محاولة لفرض الوصاية.. «رب النهاردة رب بكرة» مقولة تعكس فلسفة البسطاء.. استمع إلى قلبك لا إلى شيخك.. الدين «سلس» ولا يجب تعقيده (حوار)

الأربعاء، 30 نوفمبر 2016 07:13 م
سعد الدين الهلالي: «الخطاب الديني» محاولة لفرض الوصاية.. «رب النهاردة رب بكرة» مقولة تعكس فلسفة البسطاء.. استمع إلى قلبك لا إلى شيخك.. الدين «سلس» ولا يجب تعقيده (حوار)
هبة شورى

يملك أفكارا براقة في تكيف تعاليم الدين الإسلامي مع ما توافقه الفطرة الإنسانية القويمة، ويفصل تماما بين الفكر الإسلامي وتجديد الخطاب الديني، يؤمن بأن الصواب هو ما يمليه عليك قلبك، لا ما يمليه عليك شيخك، إنه الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، في حوار خاص لبوابة «صوت الأمة» حول دوامات الخطاب الديني، وتيارات التجديد الفكري، وإلى نص الحوار.

بداية ماذا نقصد بتجديد الخطاب الديني؟ وكيف نجدده؟

أنا أميل إلى القول إنه لايوجد مايسمى بالخطاب الديني هناك دين سماوي له تعاليم واضحة ومساحة واسعه من التسامح والمحبة وهدفه واضح وهو جعل حياتك يسر، مايحدث بعد ذلك هو محاولة لفرض الوصاية على الدين ويجب أن يتنازل أوصياء الدين عن وصايتهم، عليهم أن يفسحوا المجال للناس للتحاور حول الدين، وعلى النخبة أن تستمع، وتتعلم من تدين البسطاء السلس الخالص الأقرب للفطرة والنقي من الشوائب، فالناس البسطاء لديهم فلسفة في مواجهة الغلاء غاية في التدين ولا يسلط عليها أحد الضوء تتلخص في المثل الشعبي «رب النهاردة رب بكره» وهذا المثل معناه أن من أطعمنا اليوم سيتكفل بنا في الغد.

ماهي عيوب الخطاب الديني من وجهة نظرك؟

الخطاب الدينى أغفل 4 أخماس الدين وركز على المناسك فقط تاركا النفس والحياة، أي أن كل ماندور في فلكه من خطاب ديني هو مجرد خمس الدين، وما يتعلق بالحياة وإسعاد النفس واختيار الأيسر بين اختيارين، والذي تسعد به وتميل إليه نفسك، وأن تعلم نفسك الحنية والرهافة والرفق بالحيوان، أسوة بالرسول علية السلام الذي رفض إقامة الحد على أحد المسلمين وقال له ارجع إلى الله واستغفر وتب وقد غفر الله لك ذنبك، إذن الرسول تجاوز النص الديني في إقامة الحد وأعطى اولويه لما جال بقلبه من رفق ورأفة وعلينا أن نقتدي بالرسول.

قد يطال نقد الخطاب الديني من ثوابت الدين.. فما العمل؟

لايوجد مايعرف بالثوابت هناك نص ديني وهو منزل سماوي ومساحة الخلاف حوله صفر، وهناك إجماع وهناك مساحة من الاختلاف تضيق لو تكبر لكنها تعطي سعه لمن يريد أن يتحرك فيها، لكن الخطاب الديني إنساني، وهو صناعة رجال الدين وعندما ننتقد الخطاب الدينى فنحن ننتقد ماهو إنسانى ومايعطينا مساحة واسعه للنقد ومن حقنا أن نناقشه، لكن بعض المشايخ والدعاة ينزعجون من كلمة نقد ويتحسسونها، ويدافعون بأن النقد يطال الثوابت ودائما أقول الدين الصحيح هو أن تستمع إلى ما يمليه عليك قلبك لامايمليه عليك شيخك.

قد يرى البعض أنك تقدم مفهوما مختلفا لفهم الدين.. كيف ترى ذلك؟

الدين سلس جدا لايجب أن نعقّده، ودائما أقول اتركوا الدين لله لأنه لا يستطع أحد احتكار الدين وتحديد الصحيح منه والباطل، علينا أن نطلق انسانيتنا في تفسير الدين، الانسانية وحدها قادرة على أن تقدم إسلاما حقيقا خاليا من الشوائب، وإذا رمينا بعضنا بالبطلان ستكون حربا، أترك غيرك يذهب للإجابة التي يراها، اختار من الدين الذي يهواه قلبك ومايحيك في صدرك ارفضه وانفضه بعيدا وليكن ضميرك مرتاحا.

كيف يمكن تخليص الخطاب الديني من دوامات التشدد والتطرف؟

البعض للأسف يفهم التدين على أنه تصعيب للحياة وتقطيب للجبين، وتضييق على أنفسنا، وعلى أهالينا، وتقصير للجلابيب، وإطلاق اللحى، وتكفير خلق الله وأنا أقول إن التدين على هذه الشاكلة لاعلاقة له بالاسلام، والإجابة على سؤال كيف؟ يحتاج إلى كتب، آليات عمل وحلقات من التوعية لكن التأكيد على أن التدين لايشترط أن تكون شخصا يحترف النكد.

كيف تصف مهمة اللجنة الخماسية للحوار الوطني الخاصة بتجديد الخطاب الديني؟

هذه محاولة من الرئيس لإعادة التفكير في الخطاب الديني، وطرحه ضمن نطاق مجتمعي، خاصة وأن لقاءات التجديد التي اشترك فيها الأزهر والمثقفين أفرزت مزيدا من الانقسام، واعتقد أن لجنة الحوار الوطني الخماسية تضم ثلاث وزارات معنية هي الأوقاف، والثقافة، والشباب، وممثلين عن الأزهر، والكنيسة، وكان الرئيس عبدالفتاح السيسي أعلن عنها في مؤتمر الشباب وأنا في رائيي هي محاولة لإعادة طرح المسائل الدينية في محيط أوسع وخارج دائرة الأوصياء عليه، وأنا اثمن هذه المبادرة واعتقد أنه سينبثق عنها إضافات هامة.

حقوق الأقباط ثغرة كبيرة في الخطاب الديني الإسلامي.. كيف تقيم ذلك؟

لأن واضعي الخطاب الديني أرادوه خطابا صفويا، يحتكرون لأنفسهم الصواب والفضيلة، ويصبون اتهامات الضلال والبطلان على غيرهم، الشخص عدم إلزام الآخرين بقناعته، فمن يؤمن بالإنجيل يؤمن، وهو صواب ولا تحريف فيه والقرآن بالمناسبة لم يقل بتحريفه، ولكن من أراد أن يحكم بالدين خلق فجوات من المناطق الملغومة، لكي تظل له الحاكمية، بل على العكس الله اقر بأحقية أهل الكتاب أن يحتكموا إليه.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق