خطاب «فيون»... هل يعيد إحياء «المسيحية السياسية» في أوروبا؟ (تقرير)

الأحد، 27 نوفمبر 2016 01:33 م
خطاب «فيون»... هل يعيد إحياء «المسيحية السياسية» في أوروبا؟ (تقرير)
بيشوي رمزي


لم يكن مستغربًا تبني المرشح الفرنسي المحتمل لانتخابات الرئاسة الفرنسية "فرنسوا فيون"، خطاب مناوئ لتيارات الإسلام السياسي، خاصة مع انتماءه للتيار اليميني، إلا أن الجديد الذي يقدمه فيون، هو ترويجه لفكرة المبادئ المسيحية في خطابة الانتخابي، في ظل اعتزازه الشديد بمرجعيته الكاثوليكية، وهو الأمر الذي يتجلى بوضوح في موقفه الرافض لزواج المثليين والإجهاض، على اعتبارها تتنافى مع القيم المسيحية.

حديث فيون لم يقتصر على الدفاع عن مبادئ معينه، لكنه امتد للحديث عن الكنيسة والاستشهاد بما يقوله البابا فرنسيس، في إطار الدفاع عن رؤيته من جراء هجوم منافسه الان جوبيه، والذي يخوض أمامه جولة الإعادة بالانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح حزب الجمهوريين، والذي ينتمي لتيار اليمين الوسط في فرنسا، والتي سوف تجرى اليوم الأحد.

كان جوبيه قد شن هجوما لاذعا على منافسه خلال أحد خطاباته الانتخابية الأسبوع الماضي، حيث وصفه بـ"المرشح التقليدي للغاية الذي يتبنى رؤى رجعية خاصة عند حديثه عن المرأة والزواج والأسرة"، إلا أن فيون رد على ذلك بقوله "لا ينبغي أن أعتذر بأي حال من الأحوال عن دفاعي عن القيم.. فما أقوله هو نفسه ما يقوله البابا فرنسيس."

جذور أيديولوجية

توجهات فيون "المسيحية" أثارت قدرا كبيرا من الجدل، حيث وصفته صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية في أحد مقالتها الافتتاحية في الأسبوع الماضي، بأنه ناشطا عدوانيا لما يسمى بـ"الكاثوليكية السياسية"، والتي تقدم الصورة الأخرى لتيارات الإسلام السياسي، في حين أن صحيفة "لافي" رفضت تماما هذا الطرح في تقرير لها، حيث أكدت أن هذا المصطلح لم يعد له وجود من الأساس في السياسة الفرنسية.

يقول الكاتب الفرنسي فريدريك مارتيل، الذي أصدر كتابا بعنوان "المثلية العالمية" والذي يناقش تأثير قضية زواج المثليين على السياسة في مختلف دول العالم، أن فيون هو أكثر الشخصيات السياسية المحافظة في فرنسا ليس فقط على المستوى السياسي، وإنما أيضا على المستوى المجتمعي، فهو يتفوق في ذلك على منافسه جوبيه وساركوزي، بل وأكثر حتى من زعيمة الحركة الوطنية مارين لوبان، والتي تنافس في الانتخابات الرئاسية القادمة في فرنسا عن تيار اليمين المتطرف.

وأضاف مارتيل، في تصريحات أبرزتها صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، أن معارضة المرشح اليميني لزواج المثليين لا تنبع من رؤية استراتيجية كبقية اليمينيين، ولكن ترتبط في الأصل بالجذور الأيديولوجية للمرشح، حيث أنه يتمتع بحالة من الشغف القومي والديني، ويسعى لترسيخ المعتقدات الدينية والتقاليد الأسرية في المجتمع الفرنسي.

كاثوليكي وأفتخر
الخطاب المسيحي لفيون ليس جديدا، ولا يرتبط في الواقع باللحظة الانتخابية الراهنة، خاصة وأن الرجل دائما ما يتباهى بأصوله الكاثوليكية في العديد من المواقف السابقة، ولعل أبرزها تصريحاته حول الحق في الإجهاض، حيث قال "على المستوى الشخصي، فإنني أعارض، ككاثوليكي، مسألة الإجهاض، ولكني لا أسعى إلى تغيير القانون الذي يشرعه والذي صدر في عام 1975."

يقول القس بيير جيرفي جروجان، وهو أحد الناشطين الكاثوليكيين في فرنسا والذي يدير مدونة تحمل اسمه للدفاع عن المبادئ الكاثوليكية، أن فيون أعطى قدرا كبيرا من الدعم لكل مناصري الحفاظ على القيم الأساسية التي تقوم في الأساس على الحفاظ على الهوية الفرنسية والتقاليد الدينية، وبالتالي سوف يتجه هذا القطاع من المجتمع إلى دعمه.

وأضاف الناشط الكاثوليكي البارز أن "هناك رغبة حقيقية داخل قطاع كبير من المجتمع الفرنسي لكسر الروح التي سادت في البلاد منذ مايو 1968، والتي خرجت خلالها التظاهرات من قبل قطاع كبير من أنصار التيار الشيوعي احتجاجا على الأوضاع التي كانت سائدة خلال عهد الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديجول."

مسيحيو الشرق الأوسط
إلا أن مسيحية فيون لم تقتصر على الداخل الفرنسي، ولكنها امتدت لرؤاه الخارجية، حيث أنه أكد على ضرورة أن تقدم فرنسا الحماية لمسيحيي الشرق الأوسط، في ظل معاناتهم من جراء سيطرة التنظيمات المتطرفة على العديد من المناطق في سوريا والعراق، وعلى رأسهم تنظيم داعش الإرهابي، وهو الأمر الذي يعكس دعمه للرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

يقول المحلل السياسي توماس جومارت، مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، أن فكرة حماية المسحيين المضطهدين في الشرق الأوسط تعني أن المرشح الفرنسي سيكون داعما للدور الروسي في سوريا، مؤكدا أن التصريح في ذاته يعكس دعم فيون لبوتين، خاصة وأن الرجلان ارتبطا بعلاقة قوية إبان تولي كلا منهما رئاسة الوزراء في بلديهما خلال الفترة ما بين عامي 2008 و2012.

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشاد الأسبوع الماضي بالمرشح الفرنسي، مؤكدا أنه سيحدث تقارب كبير في العلاقات بين البلدين إذا ما تمكن من الوصول إلى قصر الإليزيه، واصفا إياه بالرجل صاحب المباديء.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة