الاستخبارات المحلية العراقية سلاح حيوي في معركة الموصل (تقرير)

الأحد، 27 نوفمبر 2016 12:08 م
الاستخبارات المحلية العراقية سلاح حيوي في معركة الموصل (تقرير)

اكتشف مسلحو تنظيم «داعش» الإرهابي في الموصل أن شقيق المواطن أحمد خدم في الجيش، فذهبوا إلى منزله وسحبوه إلى الشارع وأطلقوا النار على رأسه فأردوه قتيلا أمام والديه.

الآن، حان وقت الثأر، بعد عامين من نقل المتطرفين بمختلف أرجاء المدينة بسيارته الأجرة، توفرت لدى أحمد معلومات كثيرة يمكنه تقديمها للقوات الخاصة في مقر قيادة بشقة شرقي الموصل الجمعة.

ويشير أحمد الذي لم يذكر اسمه كاملا خوفا من الانتقام، إلى خريطة إحداثيات خلال جلسة استمرت نصف ساعة، قال أحمد لضباط الاستخبارات «إنهم في هذه الكنيسة والله وحده يعلم ما يدور هناك».

اجتمع هؤلاء في غرفة معيشة لاستقبال السكان الذين هم على بعد أمتار من المعركة، وبعضم كان يسعى للمساعدة بينما يتم استجواب آخرين، في حين أن غير المحظوظين يواجهون الاستجواب أو التأنيب الشديد على مخالفات عديدة.

وفي الوقت الذي تقل فيه الحاجة إلى الأسلحة الثقيلة في الأزقة الكثيفة في ثاني أكبر المدن العراقية، تزداد قيمة الاستخبارات.

تعزز القوات الخاصة على الخطوط الأمامية جهودها لكسب ثقة المدنيين وتمرير الأغذية والأدوية والحصول على المعلومات في وقت مناسب بشأن المتطرفين الذين يخوضون معارك من منزل لمنزل.

يلعب الضباط أدوارا تقليدية في مكافحة التمرد، حيث يصبحون لاعبين أساسيين في الحكم المحلي ومعالجة المظالم وإقامة العدالة الناجزة في ساحة المعركة.

معركة تحرير الموصل من قبضة مسلحي التنظيم دخلت شهرها الثاني، وتباطأ التقدم بينما يحاول الجنود تجنب سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين والذي قد يترك انطباعا بأن القوات ذات الأغلبية الشيعية تضرب عرض الحائط بالأكثرية السنية في المدينة.

بالرغم من أن عشرات الآلاف من المدنيين فروا من القتل، لا يزال هناك أكثر من مليون شخص في ديارهم، وبعض يتبع أوامر الحكومة بالبقاء داخلها. ومع ذلك فضل آخرون المخاطرة بالخروج وسط تبادل إطلاق النار وقضاء الشتاء القارس في مخيمات النازحين.

في حي بكر- وأجزاء منه لا تزال محل تنازع- يصطف المدنيون في الشوارع.

لوح الأطفال المبتسمون بأيديهم واستقبلوا الجنود، بينما كان الشباب وكبار السن يشاهدون مواكب سيارات الهمفي وهي تمر، في جو ملبد بغيوم الشك.

نيران الأسلحة الآلية والرشاشات الثقيلة تدوي طوال اليوم من كلا الجانبين، بينما تطلق قذائف الهاون بمختلف أحياء المدنية.

في أرض قاحلة شرقي المدينة، توجهت أسرة بجثة أحد أقاربها على متن عربة إلى نقطة إسعاف.

جزء من جمع المعلومات الاستخباراتية قاس، ففي حي السماح، اعتقل الجنود اثنين من المشتبه بانتمائهم لتنظيم داعش كانا يلفان قميصين على رأسيهما وضربوهما في الشارع بينما كانوا يسحبونهما.

ليس كل مقاتل يشعر بالتفاؤل الذي تبديه الحكومة بشأن إمكانية تحقيق المصالحة الطائفية في المدينة.

في هذا السياق، قال أحد الجنود عن مدنيين يغادرون منازلهم لزيارة أقاربهم "لماذا تتحدثون إليهم؟ إنهم جميعا من تنظيم داعش".

لكن الممكن أن يصبح النهج الأكثر مرونة، حيث تعلمت القوات المتقدمة في مرات لا تعد ولا تحصى خبرات عن الحروب الحديثة، أكثر قيمة، فضلا عن المحافظة على المدنيين كجزء مهم من عمليات القوات العراقية الخاصة، والمعروفة رسميا باسم قوات مكافحة الإرهاب.

متحدثا من داخل شقة حي بكر، قال المقدم على حسين إن قواته الخاصة لديها أوامر صارمة بالاعتناء بالمدنيين هناك لتحقيق السلام، لكنهم يذهبون إلى ما هو أبعد من ذلك، من خلال شراء الأدوية للمسنين والعجزة.

وأضاف حسين: "ندفع من أموالنا، إنه أمر إنساني، إنه حي متواضع وعلينا أن نحافظ على سمعة طيبة ونظهر للمدنيين أننا على نفس الجانب وأن داعش غسلت أدمغتهم على مدى عامين".

قوات «داعش»، التي أجبرت على الاختباء ولم تعد قادرة على تكوين تشكيلات بسبب خطر الضربات الجوية، تدرك أيضا أهمية المعلومات.

فقد أرسلوا يوم الجمعة الماضي وحده ثلاث طائرات استطلاع بدون طيار إلى مواقع في إحدى المناطق، وهو نفس العدد الذي أرسلوه على مدى الأسبوعين الماضيين.

وقال حسين "لقد كانت دفعة كبيرة، أكبر بكثير من المعتاد، لقد أسقطنا طائرتين" بينما كان يشير لأربع طائرات بدون طيار مدمرة من طراز "فانتوم 4".

القتال في المناطق المكتظة بالمباني يعد مخاطرة، حيث تفاجئ أعداد صغيرة من قناصة وانتحاريي تنظيم داعش - الذين يستقلون سيارات ملغومة - القوات العراقية.

وفي إحدى الدوريات، قالت القوات العراقية هناك إن تنظيم داعش أرسل سيارتين ملغومتين في وقت واحد.

دمرت إحداهما حواجز رملية عملاقة شيدها الجيش في شوارع جانبية لإنشاء مناطق آمنة، بينما سارت الثانية في ممر لمهاجمة القوات.

وكرد فعل على ذلك، تضع القوات الخاصة سيارات مدنية أمام الحواجز.

كما تقوم القوات العراقية بالتنصت على حركة الاتصالات اللاسلكية لمسلحي التنظيم، حيث يمكنهم أحيانا سماع توجيهات للانتحاريين الذين لا يمكن رؤيتهم داخل المدرعات الثقيلة. ويتحدث المسلحون بعدة لهجات أجنبية، مثل لهجات دول الخليج العربي واللهجة المصرية.

وبينما كان حسين يسير في الشوارع مع قواته، اقترب رجل وطلب من الجنود مساعدته في حماية عائلته في الجانب الذي يسيطر عليه التنظيم.

وبعد فترة، رفع الرجل قميصه ليظهر أنه لا يرتدي متفجرات، وأصبح أحدث مخبر للقوات العراقية.

وقال الرجل - الذي طلب عدم ذكر اسمه - "لقد هدموا جدرانا حتى يتمكنوا من التحرك من منزل إلى منزل، ويقتربون من هذا الخط. إنهم يحفرون طوال الليل، لا نستطيع النوم بسهولة."

وبعد غروب الشمس، أحرق مسلحو التنظيم اطارات سيارات ومنازل لعرقلة الرؤية الليلية للقوات الخاصة.

وذهبت الدورية إلى بلدة مجاورة للتأكد من رواية الرجل، وسمحت له بعبور الخط الأمامي عن طريق السطح لكنها لم تسمح له بالذهاب حتى سانده سكان محليون.

وقال حسين لعائلات إن عليهم البقاء في منازلهم وأوضح أن إطارات السيارات يجب أن تسوى بالأرض وإلا ستعتبر خطرا أمنيا.

ووبخ حسين أحد الجنود لمحاولته اقتحام منزل، زاعما أن عمه أرسله لتأمين ممتلكاته.

وقال حسين "لن نسمح بذلك. عندما يعود المدنيون يجب ألا يعتقدون أن القوات الخاصة نهبت منازلهم."

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق