المفكر الفرنسي ميخائيل برازان: قطر وتركيا ستواجهان مصاعب مع «ترامب».. شراكات «البترول والتحالف الاستراتيجي» لم تعد تجدي الآن.. «الإسلاموفوبيا» سلاح «الجماعة» لابتزاز الغرب (2-2)
الأربعاء، 23 نوفمبر 2016 05:11 م
فى الجزء الأول لحوار الكاتب والمفكر الفرنسي ميخائيل برازان صاحب كتاب «الإخوان المسلمين » تحقيق في آخر أيديولوجية شمولية» عن العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والإخوان المسلمين «قديمة» تعود إلى حقبة الحرب الباردة في القرن الماضي وهناك أمثلة كثيرة على وجود هذه الشراكة بين الإدارة الأمريكية والإخوان، سواء أكانت الإدارة من الجمهوريين أو الديمقراطيين لإنشاء أول «شبكة» للجماعة خارج حدود الدولة المصرية بشكل خاص.
ويتابع فى الجزء الثاني من حوار مع بوابة «صوت الأمة"» رصد
العلاقة بين أوباما والإخوان، مضيفًا إن هذه النظرة الباراجماتية
النفعية تحولت فيما بعد إلى كارثية وكانت ساذجة إلى حد كبير.
تركيا مختلفة
وشدد الكاتب الفرنسي على أن الموقع الجغرافي المميز لتركيا ودورها في
الحد من ظاهرة الهجرة الغير شرعية التي طالت أوروبا منذ بداية الحرب السورية –كل
ذلك جعل تركيا لاعبا فاعلا لا يمكن تجنب التعاون معه ، ومن هذا المنطلق يفضل
الغربيون الاستمرار في بقاء التحالف مع الأتراك على الرغم من المخاطر الحقيقية
لهذا التعاون، إلا أنه "شر لابد منه" وبشرط ألا تخدعهم تركيا مجددا ودون
أن يدفن الغرب رؤوسهم في الرمال مثل النعامة- بحيث يبقى الغرب يقظا لما تقوم به
أنقره- كي لا يضحي الغرب أو يفسد مثل هذا التحالف.
وأوضح أن
استمرار أردوغان في مثل هذه السياسات في داخل تركيا وخارجها قد ينتج عنه في مرحلة
لاحقة قطع للعلاقات مع أوروبا وتحالف قوي لأنقره مع الروس.
واستطرد أن هذا تطور منطقي وممكن تماما حيث أن ترامب ملتزم بالتقارب
مع روسيا وبوتين وفي هذه الحالة ستظل تركيا بارزة ومهمة أيضا على الرغم من تنكر
أوروبا لها.
وحول إن كانت جماعة
الإخوان تسعى الآن لإنقاذ ما تبقى من ماء الوجه بعد الإخفاقات السياسية والهزائم
العسكرية والمقارنة بينها وبين داعش وبعد أن أصبحت مجالات المناورة ضعيفة للغاية
قال برازان إن أفضل السبل السياسية والأكثر مسؤولية من بين هذه الخطط للعودة
الاستراتيجية للإخوان هي الإعلان عن نبذ العنف وتفضيل السلمية على إعلان "الجهاد"
من أجل الخروج من هذا المأزق والبحث عن سبيل لإنقاذ الجماعة ، وذلك بهدف طمأنة
البلاد المضيفة لهم في العالم الغربي، من خلال التبرؤ من الإرهاب للتأكيد على أنهم
الممثل الرئيسي لمسلمي الشتات..ومن المرجح إنهم قد بدأوا في ذلك.
صفقة الغرب مع الإخوان
وأكد برازان: إنه ليس هناك من هو أسوأ من شخص أعمى لا يريد أن يرى ..وكما
هو الحال دائما فالقوى السياسية تختار من هو أقل شرا "أقل الشرين" وهو
في نظر الغرب جماعة الإخوان المسلمين".ويمكننا أن نقول إن هناك صفقة ما
عمادها نصيحة الإخوان إنهم لو تنكروا للإرهاب ونأوا بأنفسهم عنه فلن يزعجهم الغرب
كثيرا.
وعن إن كان الكونجرس سوف يمرر قانون باعتبار التنظيم إرهابيا قال
برازان إنه كانت هناك بالطبع هزة داخل الحكومات الغربية في فترة ما بعد الثورات
العربية واندلاع الحرب السورية حول "ماهية" جماعة الإخوان المسلمين ..وعرف
وقتها أن الجماعة ما هي إلا "مصفوفة أيدلوجية" للإرهاب في العالم، ولذلك
فقد تم وضعها تحت المراقبة في مختلف بلدان العالم وهو نفس الشيء الذي يطبق الآن في
الولايات المتحدة وفي بريطانيا أيضا ..متسائلا عما إذا كانت مثل هذه التحذيرات
البرلمانية ستغير المشهد جذريا؟وهل ستنهار هذ الشبكات الخيرية نتيجة هذه القرارات..ويجيب
بــ "لا"..وأنه من المفروض أن نعترف أن هذا الأمر سيتم في وقت لاحق
وإدانة البرلانات هذه خطوة أولى مشجعة نوعا ما ومطمئنة.
ونوه المفكر الفرنسي
إلى أن هناك مواقف جديدة في فرنسا وهناك وعي وإدراك قد وصل إلى هناك حيث توقف
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية عن دعوة دعاة الفتنة مثل الشيخ يوسف القرضاوي
للمؤتمر السنوي لمسلمي فرنسا –والذي كان يعقد كل عام في "لو بروجيه"- بالقرب
من العاصمة باريس – كل ربيع، بعد أن كانت تسمح لهم بالدخول لــ «فرنسا » كل عام دونما
أي اعتراض، وكان معظمهم يأتون من مصر وقطر وكانوا يحضون على قتل الأبرياء والعداء
لمن يعيش المسلمون معهم في الغرب.
سلاح الجماعة لابتزاز الغرب
وأضاف برازان :" إلا أن الجماعة طوعت سلاحا فعالا للغاية
لمواجهة السلطات العامة وآراء الحكومات في هذه الدول ، وهذا السلاح حقق نصرا كبيرا
في كثير من المواقف والمعارك وحصن الجماعة، حتى أصبح لا يمكن المساس بها وهذا
السلاح هو "الإسلاموفوبيا" ، حيث تخشى هذه الحكومات من انهيار السلام
والانسجام المجتمعي إذا أحس المسلمون فيها بالاضطهاد وفي هذا السياق تتجنب
الحكومات الغربية التصعيد مع الجماعة –على الرغم من معرفتها بحقيقة الجماعة
وخطورتها- خشية التلويح بــ الإسلاموفوبيا كعامل من عوامل الانقسام فالغرب يجد
نفسه محاصر وأمام سياسة الأمر الواقع. ولن تخاطر الولايات المتحدة أو فرنسا أو
بريطانيا العظمى وتضع نفسها في اضطرابات اليوم .
ويرى المفكر الفرنسي
أنه من الضروري أن تفكك هذه الشبكات الأخوانية تدريجيا خطوة خطوة دون إيذاء مشاعر
المسلمين المعتدلين المقيمين في هذه البلاد وإن كان هذا الأمر سوف يستغرق بعض
الوقت إلأ أن توافر الإرادة السياسية الحقيقية يأتي دعما ويقف خلف هذه التصريحات
والبيانات وتؤثر في هذا المفهوم الموجود فعلا.
وحول ما سببه الغرب من فوضى في ليبيا واستمرار دعمه للإخوان المسلمين
هناك قال برازان أن الفوضى الليبية سببها فرنسا وليس الولايات المتحدة الأمريكية
وقررت فرنسا وقتها لأسباب إنسانية-حسب وصفه- أن تتدخل هناك وتقود التحالف والذي
كان هدفه الرئيس الإطاحة بالرئيس الليبي معمر القذافي، وتبعت الولايات المتحدة
فرنسا دون تفكير ولكن جهود الجميع آلت إلى فشل لا يمكن لأي قوة أجنبية أن تسيطر
عليه..وفي مثل هذا الموقف الذي كان فيه كل طرف إما ممولا أو يتم اللعب به عن طريق
دولة أجنبية مثل قطر أو السعودية وفي هذا الموقف من الفوضى العامة –التي خرجت وظهر
فيها القاعدة وداعش وأصبح هناك العديد من أمراء الحرب الذين ليس لهم معالم- وبات
الموقف غير مقروء –يصعب النبؤ به وأضحت ليبيا مستنقع حقيقي لكل القوات الأجنبية
وسط حلم الجميع بــ فك الارتباط السريع".
وبين برازان أنه
ووفقا لخطب ترامب الانتخابية فإن الموقف لن يتغير بنسبة كبيرة فــ ترامب أعلن نفسه
مؤيدا لسياسات الإصلاح، ولذلك يريد أن يضع نهاية للحروب التي تقوم بها الولايات
المتحدة خارج حدودها، وهو ما ينذر بالانسحاب من هذه الصراعات وبالتالي تجنب حرية
الاختيارات وهي بأية حال خيارات سيئة بسبب اللاعبين الكثر المتورطين، وإذا حدث هذا
الانفصال والانسحاب فلن تنتهي الفوضى في ليبيا.
وأضاف أنه فيما يخص
اليمن والذي كان مسرحا خفيا لتسوية الحسابات الأمريكية مع تنظيم القاعدة تحت قيادة
باراك أوباما واعتبره فشل ذريع للسياسات الأمريكية إضافة إلى سياسة الاغتيالات عبر
«الطائرات بدون طيار» كانت في معظمها غير دقيقة وعززت من موقف القاعدة
والجهاديين في البلاد ووحدت من موقف السكان في كراهية شرسة ضد الولايات المتحدة
الأمريكية.
وشكك الكاتب الفرنسي
في قدرة ترامب على فهم لب الصراع اليمني، خاصة وأنه لا يعرف إن كان ترامب يعرف أين
هي اليمن على الخريطة ، ولذلك سوف يواصل سياسة الطائرات بدون طيار التي كان يتبعها
باراك أوباما.
وحول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر قال برازان إن الشيء
الوحيد الذي يمكن ملاحظته هو أن الجماعة لم تختف ..يعيشون وقت صعب ولكنهم يطمأنون
أنفسهم بالقول بأنهم خلال تاريخهم مرت عليهم أوقات صعبة كثيرة دون أن يقبلوا
بالهزيمة، وسوف يبقون على قيد الحياة وهم على قناعة بذلك، وأنا مقتنع بذلك أيضا لا
سيما وإنهم يؤمنون بأن قدرهم مكتوب في السماء، ويؤمنون أن الحكومات زائلة وهم باقون
ولذلك فإن الجماعة لن تستسلم بسهولة.
واختتم المفكر الفرنسي حديثه بأن الحقيقة تظل أن هذه الفترة هي أيضا
فرصة للسطة المصرية هذه الأيام ويجب اقتناصها وهي إعادة وقوف البلاد على قدميها
مرة أخرى واستعادة الحركة السياحية وأن تحل محل النشاط الاجتماعي والمؤسسات الخيرية
للجماعة، ولا تفوضها مرة أخرى للقيام بهذا الدور وأن يضع الرئيس السيسي سياسات
تعليمية حقيقية وفعالة ..إلخ..
وطالب برازان بعمل ضخم طالما لدى الرئيس السيسي رؤية حقيقية لهذا
البلد، فلابد أن يكون مقتنعا إنه يستطيع تغيير الأمور، ولكن هذا سوف يستغرق جيلا
كاملا وهذا الجيل سيكون في نهاية المطاف نموذج للعالم العربي والإسلامي، وهذه المرة
سوف يوفر الجو المناسب لميلاد الديمقراطية الحقيقية ويمكن للمرء أن يحلم دائما
ولكن هناك فرصة حقيقية لاقتناص الفرصة بما يغير العالم.