التنين الصيني يرحب بالتعامل مع ترامب
الإثنين، 21 نوفمبر 2016 12:50 م
بالرغم من تعهدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوضع قيود على التجارة مع الصين إبان حملته الانتخابية، إلا أنه على ما يبدو فإن الرجل يحظى بدعم كبير داخل الصين، خاصة من وسائل الإعلام التابعة للحكومة الصينية، وكذلك على الانترنت. فبعد الإعلان عن فوزه، نشرت صحيفة «جلوبال تايمز»، وهي إحدى الصحف القومية في بكين، فيديو لابنة الرئيس الأمريكي الجديد إيفانكا، بينما كانت تحتفل بالسنة الصينية الجديدة، والذي كانت قد نشرته على حسابها بموقع «انستجرام"» في فبراير الماضي، وهو الفيديو الذي تجاوز العشرة ملايين مشاهدة.
المرونة الصينية مع تصريحات الرئيس الأمريكي لم تتوقف على المستوى الإعلامي، ولكنها امتدت كذلك إلى العلاقات العسكرية بين البلدين، حيث اختتما البلدين مناورات عسكرية فيما بينهما لأغراض الإغاثة الإنسانية استمرت ثلاثة أيام في محاولة لتجاوز التوترات التي لا تتوقف على مسألة القيود التجارية التي ينوى ترامب فرضها، ولكن بعد مرور مدمرة أمريكية تقع بالقرب من مجموعة من الجزر في بحر الصين الجنوبي ترى الصين أنها واقعة تحت سيادتها، وهو الأمر الذي اعتبرته بكين استفزازيا، وكذلك قيام الولايات المتحدة بنشر نظام متطور مضاد للصواريخ في كوريا الجنوبية.
أفضلية ترامب
ربما يكون السبب الرئيسي في الموقف الصيني المرن من الولايات المتحدة بعد فوز ترامب، رغم التصريحات وكذلك التصرفات الاستفزازية الأمريكية، يرجع في الأساس إلى تفضيله عن منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، والتي وصفتها صحيفة "جلوبال تايمز" بأنها أكثر الشخصيات السياسية الأمريكية المكروهة في الصين، حيث نالتها العديد من الانتقادات هناك منذ ترشحها للرئاسة في الولايات المتحدة بسبب مواقفها تجاه الصين إبان وجودها في منصب وزيرة الخارجية الأمريكية.
ففي أحد الرسائل التي نشرها موقع «ويكيليكس»، كانت كلينتون قد أخبرت مجموعة من المصرفيين بأنها قامت بتهديد الصين بنشر نظام دفاعي صاروخي في كوريا الجنوبية، إذا لم تبذل الحكومة الصينية المزيد من الجهد لوقف أنشطة كوريا الشمالية، بينما قالت في رسالة أخرى ترجع إلى عام 2013، مخاطبة الحكومة الصينية، "عليكم السيطرة عليهم، وإلا سوف نضطر لاتخاذ إجراءات من شأنها الدفاع ضد أنشطتهم".
مواقف كلينتون المناوئة للحكومة الصينية، إبان وجودها في وزارة الخارجية الأمريكية، امتدت إلى قضية بحر الصين الجنوبي، حيث أنها وضعت قضية بحر الصين الجنوبي كأولوية قصوى في أجندة السياسة الأمنية الأمريكية، حيث أعربت عن رغبتها في أن تتدخل الولايات المتحدة بشكل مباشر في النزاع على بحر الصين الجنوبي.
تتنازع عدة دول على السيادة على العديد من المناطق الواقعة على بحر الصين الجنوبي، من بينها الصين وفيتنام والفلبين وماليزيا وتايوان، إلا أن التوترات احتدت في الآونة الأخيرة، مما دفع الصين إلى تعزيز ادعاءاتها بالسيطرة على أجزاء واسعه من تلك المنطقة عن طريق تشييد الجزر الاصطناعية وتسيير الدوريات البحرية هناك.
مواجهة الحمائية الأمريكية
إلا أنه بالرغم من حالة الاحتفاء الكبيرة من جانب الصينيين بفوز دونالد ترامب، لكن تبقى هناك قلاقل كبيرة تجاه نواياه، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات التجارية بين البلدين، في ظل وعوده بفرض ضرائب تصل إلى 45% على بضائعها عقابا لها على تعمدها خفض قيمة عملتها لتحقيق تفوق لمنتجيها على حساب نظرائهم الأمريكيين، وهو الأمر الذي دفع القوى الاسيوية الصاعد إلى طرق أبواب أخرى، من خلال تدعيم صلاتها بالقوى الاقتصادية الصاعدة في أمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى التعاون مع روسيا، ربما لتكون بديلا متاحا في حال تنفيذ ترامب لتهديداته.
كانت وزارة الخارجية الصينية قد أصدرت بيانا
أوضحت خلاله أن الرئيس الصيني شي جين بينج التقى نظيره الروسي فلاديمير بوتين على
هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ والمنعقدة حاليا في
مدينة ليما عاصمة دولة بيرو، حيث أكدا ضرورة إقامة منطقة تجارة حرة في منطقة اسيا
والمحيط الهادئ.
يقول المحلل الاقتصادي المكسيكي أوليسيه
جراندوز، في تصريحات أبرزتها صحيفة "تشينا ديلي"، أن الهدف الرئيسي من
الخطوة يتمثل في تخفيف القيود المفروضة على التجارة بين دول التكتل الاقتصادي،
وتعزيز القدرة التنافسية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، بالإضافة إلى زيادة
التدفق في التجارة في الخدمات.
وأضاف أنها ربما تمثل خطوة هامة للغاية في
الحديث عن احتمالات قيام الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب باتخاذ مزيد من
الإجراءات الحمائية في الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة، خاصة وأن التصريحات
التي أدلى بها ترامب أثناء حملته الانتخابية تمثل تهديدا صريحا للجهود الاقتصادية
الكبيرة التي تبذلها الصين التي أصبحت ثاني قوة اقتصادية في العالم.
استجداء صيني بروسيا
إلا أن التعاون الصيني الروسي لا يقتصر بأي
حال من الأحوال على الجانب الاقتصادي، حيث تسعى الحكومة الصينية إلى تطوير علاقتها
بروسيا، بحيث لا تقتصر على الجانب الاقتصادي، لتمتد كذلك إلى الجانب العسكري، وهو
الأمر الذي شدد عليه الرئيس الصيني شي جين بينج، في شهر يوليو الماضي خلال
الاحتفال بالذكرى الخامسة والتسعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني، حيث أكد ضرورة أن
يمتد التحالف الاقتصادي والسياسي بين روسيا والصين إلى الجانب العسكري
يقول الرئيس الصيني، خلال كلمته في الاحتفال،
أن العالم يبدو على أعتاب تغييرات جذرية في المرحلة المقبلة، سوف يؤدي إلى تغير
النظام العالمي خلال عشرة سنوات من الان، وهو الأمر الذي يعكس ضرورة تشكيل تحالف
عسكري بين الصين وروسيا ليس فقط لمجابهة التهديدات التي تمارسها الولايات المتحدة
من وراء حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ولكن أيضا ليكون بمثابة الطريق الذي يمكنهم
خلاله قيادة العالم بعد انهيار النظام العالمي الحالي.
يقول المحلل الأمريكي روبرت فلير، في مقال له
بموقع "ناشيونال انترست" الأمريكي، أن العرض الصيني بالتعاون العسكري مع
روسيا يعد اعترافا ضمنيا من جانبها بحاجتها إلى الدعم الروسي لمواجهة أي توجه
عدواني من قبل الولايات المتحدة أو حلف الناتو، وذلك في سبيل الحفاظ على هيمنتها
على النظام الدولي، في ظل الأزمات الكبيرة التي تواجهها الولايات المتحدة وحلفائها
في الاتحاد الأوروبي.