حظر الأذان في إسرائيل.. أزمة هوية أم ضوضاء

السبت، 19 نوفمبر 2016 12:47 م
حظر الأذان في إسرائيل.. أزمة هوية أم ضوضاء
بيشوى رمزي

خمسة مرات في اليوم، يتعالى فيها صوت المؤذن داعيًا المسلمين للصلاة عبر مكبرات الصوت في مدينة اللد الفلسطينية، والتي يختلط داخلها العرب مع اليهود، وتقع قريبًا من مطار بن جوريون.

وتتمثل المعضلة الرئيسية في ذلك بحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، في أن التعبير عن العقيدة لدى مجموعة من الناس تمثل تلوثًا ضوضائيًا للمجموعة الأخرى لتفتح الباب أمام الحكومة الإسرائيلية لشن حملة تستهدف خلالها المساجد.

ومن المؤكد أن المقترح، الذي يدعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وعدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية لحظر استخدام مكبرات الصوت في المساجد وأماكن العبادة الأخرى في كل أنحاء إسرائيل؛ سيُثير عدة أسئلة حول تداعيات مثل هذا القرار على الكثيرين ممن يتواجدون على جانبي الخط الطائفي في البلاد.

في هذا يقول عادل الفار، إمام مسجد اللد، أن "الدعوة للصلاة هي رمز للإسلام، حيث أنها قائمة منذ 1426 عام"، موضحًا أنه يسمع أجراس الكنائس المتواجدة في المدينة، كما يقوم السكان اليهود بتشغيل شعائرهم الدينية مستخدمين مكبرات الصوت في سياراتهم ويطوفون بها في كل أنحاء المدينة. وأضاف "الدعوة إلى كل الأديان لن تزعج أحدًا إذا ما غاب التطرف".

ولكن على ما يبدو أنها تثير مضايقة البعض، هكذا جاء تعلق "نيويورك تايمز" على كلمات "الفار"، حيث أن عمدة المدينة يائير ريفيفو، وهو أحد أبرز الذين أعربوا عن استيائهم من مكبرات الصوت في المساجد، حتى بلغ به الأمر إلى التهديد ببث صلاة "شيما"، والتي تُعد أحد الصلوات المركزية لليهود، وذلك لمجابهة أذان المساجد.

عضو البرلمان الإسرائيلي، العقيد موتي يوجيف، والذي طالب بالحظر، يقول أن "الصلاة الأولى للمسلمين خلال اليوم تبدأ قبل الفجر، وبالتالي فإن القانون الجديد يهدف ليس إلى إيذاء صلاة المسلمين، ولكن لحماية النائمين من الانزعاج بسبب استخدام مكبرات الصوت عند الدعوة إلى الصلاة".

ولكن ربما يحمل صراع المؤذن الحالي الذي تشهده الدولة العبرية؛ وراءه ما هو أبعد من مسألة مكبرات الصوت، ليمتد إلى أحد النقاط الجوهرية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهي مشكلة عرب إسرائيل، حيث أن ثلث السكان القاطنين ببلدة اللد، والتي يبلغ عدد سكانها 73 ألف نسمة، من العرب، وهو الأمر الذي تسعى إسرائيل إلى انهاءه بشكل يحقق لها قدر من التوازن المريح.

وأثار قرار الحظر، والذي وافقت عليه الحكومة الإسرائيلية وأحالته للبرلمان؛ انتقادات كبيرة من جانب السلطة الفلسطينية والأردن.

ومن المثير أيضًا، أنه عندما تمت مناقشة القانون داخل الكنيست، أعرب وزير الصحة الإسرائيلي يعقوب ليتسمان عن اعتراضه على القانون لأنه قد يؤثر أيضًا على استخدام الصافرات التي يطلقها اليهود كإشارة ببدء عطلة السبت، وهو الأمر الذي دفع البرلمان إلى إعادة القانون من جديد إلى الحكومة للمراجعة.

من جانبه، قال أحمد الطيبي، عضو البرلمان الإسرائيلي من العرب، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد تأجيج المشاعر المناهضة للمسلمين، داعيًا كافة العرب والمسلمين المتواجدين على الأراضي الإسرائيلية للانتفاض. وأضاف "أدعو إلى انتفاضة شعبية مدنية، على كل المسلمين الخروج لحماية المساجد والدفاع عن دعواتها.

ان الدعوات المناوئة للقرار لم تقتصر عند هذا الحد، ولكنها امتدت كذلك لمسؤولي المنظمات التي تهدف إلى تعزيز مبادئ التعايش وحقوق الإنسان، حيث أعرب معظمهم عن رفضه للقرار باعتباره متعارضًا مع مبادئ حرية الاعتقاد.

ويقول أمنون بئيري سولتسيانو، عضو بمبادرة صندوق أبراهام، وهي منظمة غير ربحية تهدف لتعزيز التعايش بين المسلمين واليهود، أن الاقتراح الذي تقدمت به حكومة "نتانياهو" يتعارض مع حملته لزيادة الاستثمارات في المجتمعات العربية الموجودة في إسرائيل، والتي تهدف في الأساس إلى تقليل الفجوة في الفرص التعليمية والاقتصادية.

وتعكس الدعوات المتعارضة للحكومة الإسرائيلية تجاه المواطنين العرب، أنها مازالت لم تكتمل لديها رؤية واضحة حول كيفية التعامل معهم في المرحلة المقبلة، هكذا يقول الناشط الإسرائيلي. وتساءل "ماذا نريد حقًا من الأقليات العربية في إسرائيل؟ هل نريد إدماجهم بالفعل ليكونوا جزءا فعالا داخل المجتمع الإسرائيلي؟"

إلا أن الضوضاء تبدو الذريعة التي تبناها "نتانياهو" وحكومته ليطلق بها مقترحه، حيث أكد التزام الحكومة العبرية بمبدأ حرية الاعتقاد لأبناء جميع الديانات، ولكن في الوقت نفسه تبقى الحكومة مسؤولة عن حماية المواطنين من الضوضاء.

ويقول عضو مجلس مدينة اللد، عميحاي لانجفيلد أن هناك بالفعل قانون لحماية المواطنين من الضوضاء، إلا أنه لم يتم تطبيقه على المساجد، موضحًا أنه إذا قام مواطن بتنظيم حفل، استخدم مكبرات الصوت، وتم الإبلاغ عن ذلك، تذهب إليه الشرطة على الفور وتقوم بإنزالها. وأضاف "ولكن في حالة المساجد.. لا تذهب الشرطة إلى هناك".

ولكن بموجب القانون الجديد، يقول "لانجفيلد" يحق للشرطة أن تقيم ما إذا كان صوت الأذان يسبب ضجيجًا للمواطنين بشكل يتجاوز الحد، وبالتالي اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال ذلك.


 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة