«معهد أورام طنطا».. مقبرة المرضى (صور)

السبت، 19 نوفمبر 2016 11:27 ص
«معهد أورام طنطا».. مقبرة المرضى (صور)
محمد الشوبري

صرخات عالية، وجه أنهكه المرض، جسد نحيل يشعرك للوهلة الأولى أن المريض يفصله عن الموت بضع ساعات فقط، هكذا يبدو المرضى أمامك عند دخولك لمعهد أورام طنطا، فبين كل ساعة وأخرى يفارق أحد المرضى الحياة، مودعًا ما بها أحبّاء، تاركًا ورائه بصمة إهمال في المستشفى الذي كان يُعالج بها.

بات «مركز أورام طنطا» التابع لوزارة الصحة، عنوانًا صارخًا لأخطاء طبية راح ضحيتها العديد من المرضى، وسط تجاهل تام من الأجهزة المعنية لمحاسبة المخطئين من مسؤولي تلك المؤسسة العلاجية، أو تحديد أسباب فشل الخدمة العلاجية في بعض مراحلها لإنقاذ أرواح مئات المرضى المترددين على تلك المؤسسة.

«بسمة زين الدين»، انضمت هذه الفتاة إلى قائمة ضحايا الخطأ الطبي، التي ما زالت تنتظر ضحايا آخرين لعدم اتخاذ أي إجراء إداري أو فني لإيقاف أمواج الموت المتلاحقة داخل المعهد، وقبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة على سريرها الطبي؛ سبقتها بساعات قليلة سيدة تُدعى «محبات عرفات قاسم»، 68 عامًا، التي توفيت عقب إجراء عمليات استئصال ورم من الرحم، وأصيبت بمضاعفات صحية، فارقت الحياة على إثرها.

لم تكن هذه الشكاوى هي الأولى من نوعها، بل تلقت نقابة أطباء الغربية قبل عشرات البلاغات ضد أطباء المعهد، بشأن الأخطاء الطبية التي ألحقت أضرارًا صحية بالعديد من المرضى، فضلًا عن وفات العديد من الحالات بأخطاء لا يمكن إنكارها طبيًا وإداريًا، ولم تتم محاسبة أي مسؤول من هذه الوقائع التي تم الإبلاغ عنها.

ذهبت إلى معهد أورام طنطا حاملة آلامها، تأمل في عودة حياتها إلى مسارها الطبيعي، دون آلام تُذكر، هكذا بدت بسمة، عند ذهابها لمعهد الأورام، ورغم أنها ذهبت لعلاج الأورام بجسدها، إلا أن والدها اتهم المعهد في بلاغ رسمي يحمل رقم 13279 إداري أول طنطا، بالتسبب في إصابتها بالشلل ودخولها في غيبوبة تامة، لفظت فيها أنفاسها الأخيرة.


«الشبهة الجنائية» طاردت الفتاة بعد وفاتها، ففي بلاغ رسمي حرره والدها قدّم فيه تقرير صادر من المركز الطبي، يؤكد وجود شبهة جنائية بعد الكشف الظاهري على جثة المتوفية، وتسبب الأطباء « ح. أ»، و«ب . ب أ»، و«م . ع»، المعالجين للحالة في وفاتها، ولم تسلم إدارة المعهد من الاتهامات الموجهة، فتم توجيه تهمة التستر على الفساد لإدارة المستشفى، ومحاولة إخفاء الاتهامات عن الطاقم الطبي المسؤول.

وكشف والد الضحية في بلاغه أنه فوجئ بإحدى الطبيبات ضمن الفريق المعالج للحالة، لم يتم ذكر اسمها في محضر إثبات الحالة، بالإضافة إلى أن أقوال إدارة المعهد والمسؤولين تضاربت بالمحضر، موضحًا أن الفريق الطبي أخذ عينة من النخاع لتحليلها ومعرفة المادة التى تم حقن المريضة بها بالرغم من وجود خطاب رسمي صادر من صيدلية المعهد الإكلينيكية يؤكد أن المريضة تم إعطائها حقنة «الفنكرستين» بالنخاع الشوكى بدلا من الوريد، ما أدى لدخول الحالة فى شلل وغيبوبة أدت إلى وفاتها.


واقعة إهمال أخرى شهدها معهد أورام طنطا، حيث تلقى مأمور قسم أول طنطا، بلاغًا من حسين عبد الحليم، والد الطفلة شروق، ومحمد شوقي جعيصة والد الطفل إياد، اتهما فيه طبيبتي تخدير بمعهد أورام طنطا بالتسبب في إصابة طفليهما بشلل في الجزء السفلي عقب حقنهما بجرعة كيماوي في النخاع الشوكي.

وتعود أحداث هذه الواقعة، عندما توجه ولي أمر الطفلين إلى نائب مدير مركز أورام طنطا الدكتور إسلام صبري مستغيثين لإنقاذ طفليهما من أعراض شلل في الجزء السفلي إثر جرعة كيماوي تم حقنها في النخاع الشوكي في أول أغسطس الجارٍ، بمعرفة أطباء التخدير، وسارع نائب المدير بكتابه تقارير وإرسالها إلي وزارة الصحة بأن هناك خطأ حدث من أحد الصيادلة أثناء تحضير الجرعة لطفلين في الصيدلية إلا أن الطبيبة الصيدلانية نفت ارتكابها أي خطأ، وأكدت أن الخطأ من أطباء التخدير الذين أجروا عملية الحقن، كما اتهمت نواب المدير الدكتور إسلام صبري والدكتورة مها خلف بالتستر علي أطباء التخدير ومحاولة إلصاق التهمة بها وتم التأكد من صحة أقوال الطبيبة الصيدلانية، من خلال التحقيق الداخلي والأوراق التي تم صرف الأدوية بموجبها.

«رد نقابة الأطباء بالغربية»

من جانبه، أكد الدكتور مجدي الحفناوي، نقيب الأطباء بالغربية، أن نقابة الأطباء ليست مسؤولة وحدها عن الأخطاء الطبية بالمستشفيات والمعاهد المتخصصة، لافتًا إلى وجود أسباب أخرى تتمثل في تراجع دور وزارة الصحة في المراقبة والمحاسبة وتكثيف برامج التنمية المهنية المستدامة للأطباء؛ لإطلاعهم على مستجدات التخصصات المختلفة خاصة بعد هجرة الكفاءات الطبية للمستشفيات بسبب نقص المستلزمات الطبية، وضعف الأجور والتعقيدات الإدارية في نظم التسجيل للدراسات العليا والتكليف والنيابات.

ويرى «الحفناوي» أن نقابة الأطباء ستظل عاجزة عن مواجهة تلك الأزمة من الناحية القانونية، مؤكدًا أنه لم يتلق أي شكوى من ذوي الضحايا في هذا الشأن، حتى تمارس النقابة عملها في محاسبة المخطئين، بشكل رسمي، مطالبًا بوضع قواعد ضابطة للمنظومة، وإعداد قانون يحدد المسؤولية الطبية، على أن يتضمن القانون التفرقة بين الخطأ البشري والمضاعفات الناتجة عن العلاج.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق