جولة أوباما الاوربية.. فقدت أهدافها.. سوى سلسة من الاعتذارات
الثلاثاء، 15 نوفمبر 2016 04:21 م
الجولة الأوروبية التي يبدأها الرئيس الأمريكي باراك أوباما اليوم، من العاصمة اليونانية أثينا، هي الأخيرة له في ظل وجوده كرئيس للولايات المتحدة، حيث ستنتهي ولايته في يناير القادم، لتبدأ حقبة أمريكية جديدة يقودها الرئيس المنتخب دونالد ترامب، والذي يبدو أنه أثار المخاوف الأوروبية في ظل خطابه الانتخابي.
في الوقت الذي يؤكد فيه العديد من المسئولين الأمريكيين أن الزيارة التي يقوم بها الرئيس المنتهية ولايته تأتي في إطار طمأنه الغرب الأوروبي لنوايا الإدارة الجديدة، يميل قطاع من المحللين لفكرة إقدام "أوباما" على الاعتذار للزعماء الغربيين، ربما لأنه لا يملك ما هو أكثر من ذلك في المرحلة الحالية، بعد صعود "ترامب" فعلًا إلى البيت الأبيض على حساب منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في الانتخابات التي جرت الأسبوع الماضي.
ان زيارة "أوباما" كان مخططًا لها قبل الانتخابات الرئاسية، هكذا يقول المحلل الأمريكي هيثر كونلي، عندما كانت الاستطلاعات ترجح كفة "كلينتون"، حيث كان الهدف الرئيسي منها هو التأكيد على أن الولايات المتحدة سوف تسير على نفس النهج الذي سارت عليه تجاه شركائها الأوروبيين، إلا أن الأمر ربما أصبح مختلفًا تمامًا الآن بعد فوز "ترامب"، حيث فقدت الزيارة أهدافها، ولم يتبقى أمام "أوباما" سوى الإعتذار.
سياسة الاعتذار
إلا أن الاعتذار المتوقع من الرئيس الأمريكي ليس بالأمر الجديد على الإطلاق، حيث كان جزءًا من سياستة منذ دخوله البيت الأبيض في أوائل عام 2009، عندما حاول الرئيس الأمريكي تبييض صورة بلاده بعد السياسات التي تبناها، ليس سلفه جورج بوش الإبن فقط، ولكن الإدارات الأخرى التي سبقته، وإن كان الاختلاف هذه المرة هو أنه سوف يعتذر على أخطاء إدارته التي دفعت الأمريكيين الذين اتجهوا للتصويت لـ"ترامب" باعتباره نموذج للتغيير المحتمل.
يقول الخبير الأمريكي جون بولتون، الباحث السياسي بمعهد "أمريكان انتربرايز" أن "الدور الرئيسي للرئيس الأمريكي، بحسب "نيويورك بوست" أنه سواء على المستوى السياسي أو الأخلاقي أو الدستوري هو حماية مواطني الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يجب على رؤساء أمريكا الالتزام به، وليس التعامل مع الأعداء كمعادلين أخلاقيا لنا."
وأضاف بولتون أن الاعتذار بالنسبة الرئيس الأمريكي كان جزءًا أساسيًا من إرث باراك أوباما، وإن كان لا يقول كلمة الاعتذار صراحة، إلا أن خطاباته تحمل معنى الاعتذار الضمني، موضحًا أن حتى لغة الجسد التي يتبناها "أوباما"، والتي تتمثل في الانحناء المتزايد أمام قادة الدول الأخرى، دائمًا ما تترك انطباعًا سلبيًا في العالم حول دور أمريكا في المستقبل ونفوذها الدولي، وهو الأمر الذي يبدو في منتهى الخطورة.
مفارقة أوروبية
ولعل المفارقة أن الجولة الخارجية الأولى التي قام بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد وصوله إلى البيت الأبيض، في إبريل 2009، كانت أوروبية أيضًا، حيث شملت العاصمة البريطانية لندن والتشيكية براج، بالإضافة إلى مدينة ستراسبورغ الفرنسية، واختتمها في النهاية بالعاصمة التركية أنقرة، حيث كانت تلك الجولة بداية تدشين سياسة الاعتذارات الأمريكية التي تبناها "أوباما".
ففي التشيك، حيث كانت أول قمة للاتحاد الأوروبي يحضرها الرئيس الأمريكي، قال "أوباما" أمام زعماء أوروبا "كانت هناك أوقاتًا عدة، أظهرت فيها الولايات المتحدة قدرًا كبيرًا من الغطرسة تجاه شركائها الأوروبيين؛ بل والسخرية منهم في الكثير من الأحيان، فقد سعينا في أوقات كثيرة لإملاء شروطنا عليكم".
وخلال نفس الجولة، ألقى الرئيس الأمريكي خطابًا أمام البرلمان التركي ليعتذر مرة أخرى عن سياسات سلفه، الرئيس السابق جورج بوش الإبن، تجاه العالم الإسلامي، وذلك قبل أقل من شهرين من خطابه الأشهر، والذي ألقاه في جامعة القاهرة في يونيو 2008، فيما عرف وقتها بخطاب المصالحة مع العالم الإسلامي.
رسالة محتملة
من جانبه يرى الدكتور مصطفى كامل السيد، الأستاذ بجامعة القاهرة، أن زيارة "أوباما" لأوروبا ربما لا تحمل اعتذارًا، وإن كانت تهدف إلى تقديم خبرته إلى قادة وزعماء الغرب الأوروبي حول تجربته الفاشلة في دعم المرشحة الديمقراطية في الانتخابات الأمريكية هيلاري كلينتون، لعلهم يستفيدون منها في معركتهم القادمة أمام تيارات اليمين المتطرف الصاعدة بقوة في أوروبا في المرحلة المقبلة.
وأضاف، في تصريح لـ"صوت الأمة"، أنه ليس من المستبعد أن يكون أوباما حاملاً لرسالة من قبل الرئيس المنتخب دونالد ترامب، خاصة وأنهما قد التقيا مؤخرًا في البيت الأبيض، في ضوء تراجع ملحوظ من قبل الرئيس الجديد عن العديد من التصريحات التي سبق وأن أطلقها إبان حملته الانتخابية.