الحشد الشعبي.. قصة صعود «جيش مواز» للجيش العراقى
الأحد، 13 نوفمبر 2016 03:56 م
لم يعرف العراق على مدى تاريخة الكيانات المسلحة غير الرسمية إلا بعد عام 2003 مع دخول القوات الامريكية المحتلة بغداد، وكانت الدولة العراقية قبل هذا التاريخ لها من القوة ما يحول دون ظهور هذه الكيانات بمختلف مسمياتها سوى مع دخول القوات الامريكية وتفكيك الجيش العراقى ومختلف أجهزتة الامنية،وخلقت الفرصة لتكوين كيانات مسلحة توزاي الدولة وتنافسها في حمل السلاح.
ففى شهر يوليو من عام 2003 كانت البداية فى تأسيس "جيش المهدي " الذي أسس لمرحلة جديدة من تاريخ البلاد احتلت فيها الكيانات المسلحة مساحة ي المشهد العراقى إضافة الى عودة المعارضين لنظام الرئيس الراحل صدام حسين فى ذات الفترة، وكانت في عودتهم كيانات مسلحة جديدة استغلت حالة التفكك التي عاشتها الدولة.
وفي 2005 قدرت "دراسات بحثية " عدد المليشيات التي ظهرت خلال العامين (2003- 2005) بـ268 فصيلًا، ما بين السنة والشيعة مما خلق ازدواجية فى التعامل معها من قبل الحكومة العراقية، فعوضا عن محاربتها جميعًا بحجة حملها السلاح راحت إلى محاربة الفصائل السنية بالتزامن مع الإشادة بالفصائل الشيعية مثل: عصائب أهل الحق، النجباء، الكتائب، منظمة بدر، مدعية دعمهم للحكومة.
التمهيد لظهور "داعش".
كان في خطوة تكوين تنظيم " داعش" الارهابى الواسع التسليح استفزازًا لفصائل الشيعة، الأمر الذي ترجمه فورًا في فتوى نُسبت للمرجع الشيعي، السيّد علي السيستاني في 13 يونيو 2014 طالب فيها العراقيين بما يعرف بـ"الجهاد الكفائي"، ويقصد به الجهاد الذي يؤدّيه "جماعةٌ" من المسلمين ويسقط عن الباقين فكرة الجهاد، ولا يلزم منه أن يخرج جميع المسلمين للجهاد وكان ذلك بسبب سقوط الموصل في أيدى تنظيم "داعش" الذى أعلن بعد 16 يوما عن خلافته المزعومة.
وبرر "السيستاني" فتواه وقتها بأن الجيش العراقي ليست لديه الخبرة في الحروب الخاطفة، ما يفسر فشله أمام "داعش" في مناطق عديدة، واعتبر المرجع الشيعي "الجهاد الكفائي" حل يوقف قوى منظمة قادرة على حروب الشوارع، فكان ظهور ما يسنى بالحشد الشعبي.
تكوين الحشد الشعبى
تؤكد بعضا من الروايات أن المشهد من داخل الحشد الشعبي ليس كيانا واحدا وبالرغم ذلك، يجمعه تفاهم ما، فيما تختلف الروايات حول عدد فصائله،التى يقدر عددها ما بين الخمسين فصيل والمائة فصيل وتتم إدارته بشكل فردي وليس مركزي، بمعنى ان لكل فصيل له إدارة ذاتية منفصلة عن إدارة الفصيل الأخر، الا ان الجميع ينضوي تحت راية "الحشد" الذى يضم 110 ألف شاب عراقي وفقًا للبيات الرسمية العراقية، موزعين على حركات كبيرة وأخرى حديثة التدشين.
وقد خصصت الحكومة العراقية لهم مرتبات تقيم بـ"الجيدة" والتعامل معهم كموظفين لهم إجازات تحدد حسب القطاعات العسكرية التي يتبع لها والوضع الأمني فيها، ويعمل عناصر الحشد بطريقة 50% دواما و50% استراحة، فيما يتلقون عناية صحية من قبل الوحدات الطبية التي نشرتها وزارة الصحة في المناطق التي يتواجد فيها الحشد الشعبي.
ولم يتوقف تعامل الدولة العراقية بشكل جيد مع عناصر الحشد عند هذا الحد بل وصل الى حد المساواة بين قتلي فصائل "الحشد" وضحايا الجيش العراقي وهو ما أكده مجلس الوزراء العراقى باصداره مرسوما فى هذا السياق إعتبر أن لـ"شهداء الحشد" امتيازات ومخصصات مماثلة "لشهداء" القوات المسلحة.
وفي يوليو الماضي، قررت الحكومة العراقية على لسان الناطق الإعلامي لمكتب رئيس الوزراء ضم "الحشد الشعبى " إلى الجيش الرسمي، واعتباره "تشكيلًا عسكريًا مستقلًا وجزءًا من القوات المسلحة العراقية، ويرتبط بالقائد العام للقوات المسلحة، ويُعد نموذجًا يضاهي جهاز مكافحة الإرهاب الحالي من حيث التنظيم والارتباط". حيث يتوافق هذا القرار مع دعوات إيرانية تتحدث عن قرب تكوين "حرس ثوري عراقي" على غرار" نظيره الإيراني.
أهم فصائل "الحشد":
منظمة بدر
تُصنف منظمة " بدر " كأكثر الفصائل شعبية بين الشيعة العراقيين، وانفصلت بقيادة أمينها العام الحالي هادي العامري، النائب الحالي والوزير السابق، أوائل عام 2012 عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة عمار الحكيم، بعد رغبة العامري في التحالف الانتخابي مع نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق.
ويقدر عدد أفراد منظمة بدر بعشرات الآلاف، وانضوت أكثرية الشباب العراقي تحت رايتها بعد فتوى السيستاني، وتملك المنظمة سلاح ثقيل أهلها للمشاركة في كافة المعاركة المقامة ضد "داعش"، وتضم قيادات شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية، فيما يربطها علاقات قوية مع الجيش العراقي ويواليها معظم أصحاب الرتب العالية فيه.
سرايا السلام
تعتبر سرايا السلام التطور الطبيعى لجيش المهدي التابع للمرجع الشيعي" مقتدى الصدر" الذي تم تدشينه في 2003 وجُمد نشاطه في 2007،وعاد الجيش مرة ثانية في 2014، قبل فتوى "السيستاني" باسم "سرايا السلام".
ويمتاز مقاتلو السرايا بولائهم الصدري الصارم، إذ يأخذون كافة أوامرهم من مقتدى الصدر وليس لهم علاقة بأي مسئول عسكري عراقي أو إيراني، وتعتمد السرايا في تمويلها على رجال أعمال عراقيين يتبعون مقتدى الصدر، ما وفر لهم الإمكانيات التي أهلتهم للمشاركة في عمليات مثل جرف الصخر والبحيرات.
عصائب أهل الحق
انشقت من جيش المهدى وخرجت على يد الشيخ قيس الخزعلي والشيخ أكرم الكعبي في 2007، إذ كانوا رد فعل رافض لقرار مقتدى الصدر بتجميد نشاط جيش المهدي، فاتجه الشيخين لتكوين كيان جديد كان "العصائب"، ثم استقلت الحركة في 2008، لتدخل مرحلة الصدام المباشر مع الأمريكيين، وكان ذلك على غير رضا "الصدر"، فيما يدير "العصائب" حاليًا "الخزعلي" الذي يشغل منصب أمينها العام، ويقدر المراقبون عناصر العصائب بعشرات الآلاف ليحلوا بعد مليشيا "سرايا السلام".
حركة حزب الله النجباء
وهي حركة منشقة عن "عصائب الحق" في 2013، ويقودها الشيخ أكرم الكعبي الذي كان نائب الأمين العام للعصائب، ويعرف أفرادها، الذين يبلغون الآلاف بولائهم للخامنئي، المرشد الأعلى الحالي للثورة الإيرانية.
كتائب حزب الله العراق
كتائب لايعرف جهة إدارتها على وجه التحديد، الا أنها معروفة بعلاقتها بحزب الله اللبناني، وظهرت في 2007 بشكل رسمي، لتركز عملياتها على الأمريكيين ثم "الدواعش"، ويعرف عنهم تنظيمهم وصرامتهم في العمل العسكري ما أهلهم للمشاركة في معارك كبيرة ضد "الدواعش".
كتائب سيد الشهداء
يتراوح عددها بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف منشق عن كتائب حزب الله،وتم تدشينها بالتزمن مع فتوى السيستاني، ليتولي امانتها العامة الحاج ولاء.
بخلاف هذه الفصائل تأتي فصائل أخرى أقل عددًا وتمويلًا وقوة، وهي: سرايا عاشوراء، كتائب التيار الرسالي، سرايا الخراساني، بالإضافة إلى لواء القارعة، وسرايا الزهراء، وسرايا أنصار العقيدة، وفيلق الوعد الصادق، ولواء أسد الله الغالب، وكتائب أنصار الحجة، وغيرهم.