العرب وبيريز وظاهرتهم الصوتية

الجمعة، 11 نوفمبر 2016 12:19 م
العرب وبيريز وظاهرتهم الصوتية
حسن مشهور يكتب:

ثارت ثائرة العرب عندما قررت اليونسكو إقامة حفل تأبيني للإسرائيلي الراحل شمعون بيريز. حالة الإحتقان والغضب الذي جال في صدور الشعوب العربية قد ترجموه عبر جمل نارية وخطاب مشبع بالحنق صبوه في هاشتاق أنشئ تحت مسمى " # تأبين_بيريز_في_اليونسكو ".
معظم المغردين قد حصر طرحه في عبارة محددة وصف بها بيريز بأنه " الهالك مجرم قانا " بالإضافة لإستمطار اللعنات عليه ليس إلا. الأمر الذي يؤكد لنا بما لايخالجه الشك تلك المقولة الرائجة ؛ بأن ( العرب ظاهرة صوتية ).
فعندما وقعت مجزرة قانا عام 2006م وقبل ذلك العديد من المجازر التي طالت الأطفال والنساء على امتداد تاريخ النضال العربي ضد الوجود الاسرائيلي ، لم يطالعنا العرب ولابمشروع واحد يبنى على أسس منطقية يتم من خلاله مخاطبة الآخر بعقلانية حول الحق العربي المسلوب ويبين لهم الموقف العربي على حقيقته ويظهر لهم حجم الجرم الذي تقترفه اسرائيل بحق جيرانها العرب.
لم يفكر ابناء العروبة – مثلاً- عقب أي فاجعة في إقامة معارض لدى دول الغرب وأوروبا تبين لشعوب تلك الأراضي حجم الدمار الذي يطال البنى التحتية للمدن العربية وبشاعة المجاز التي ترتكب بحق شعوب تلك البلدان.
ففي مجازر عدة ، كمذبحة ديرياسين التي ارتكبتها العصابات الاسرائيلة ( الأرغون و الشتيرن ) عام 1948م ، ومجزرتي صبرا وشاتيلا 1982م التي ارتكبتها الكتائب اللبنائية تحت غطاء اسرائيلي ، ومذبحة كفر قاسم 1956م ، اكتفينا كشعوب عربية باستمطار اللعنات على من أمر بها أو نفذها انطلاقاً من ديفيد بن غوريون وانتهاء بأرئيل شارون.
في ذات الوقت ، كانت اسرائيل وعبر اللوبي الصهيوني في نيويورك والعديد من المنظمات الصهيونية المتوزعة في اوروبا تصور لشعوب تلك الدول حجم الخطر المحتمل الذي قد تواجهه إسرائيل من لدن جيرانها العرب.
وكذلك فداحة العيش كدولة صغيرة ومعزولة داخل محيط عربي يموج بالكراهية وبالرغبة في " رمي بني صهيون في البحر" ، وهذا العبارة كان دائم الترديد لها الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات .وهو بترديده لها في العديد من المحافل قد كان يرتكب حماقة سياسية دون أن يعيها .
فقد استغلت المنظمات الإسرائيلية النشطة في الغرب هذه العبارة العنترية وغيرها العديد من التعبيرات التي كان يطلقها النشامى حينذاك ؛ لتخاطب دول العالم المتحضرة بذكاء قائلة لهم ( ... نحن نعيش في مجتمع معادي . فهاهو زعيم الفلسطينيين الذين تطالبوننا بالتعايش السلمي معهم يهدف لإبادتنا عن بكرة أبينا وإغراقنا في اليم... ) ، وإن ماتجترحه قواتنا من فعل إنما يأتي من باب الدفاع عن النفس ، ضد موجة الكره العربي تلك.
بل لقد تمادت اسرائيل لترديد أكذوبة اخرى مفادها أنها " الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تعيش وسط العديد من الديكتاتوريات المتناحرة ".
وهكذا حصلت اسرائيل على التعاطف الأوروبي والعالمي وعلى الدعم المالي والعسكري واللوجستي اللامحدود. في حين ترسخت في العقل الغربي والذهنية الأوروبية بأن العرب هم أرباب العنف وسادة القتل والتدمير.
إن إنشاء هاشتاق ودخول كافة النخب لاستمطار اللعنات على ( بيريز ) ؛ كان أمراً غير ناجعاً على المستوى الأدائي للشعوب العربية ؛ بل على النقيض فهو تأكيد للمراقب الغربي ، على أننا كيانات عربية تتسم بالحقد والعدوانية حتى لمن غادر عالمنا ولم يعد له وجود سياسي أو اجتماعي فاعل في الحياة. الأمر الذي يرسخ في أذهانهم تلك الصورة المغلوطة عن العرب التي رسختها اسرائيل في عقولهم عبر عقود.
فلعمري ؛ متى سنعقل كعرب ونتجاوز العاطفة لنفكر بالعقل قبل الإقدام على أي خطوة قد تزيد الموقف العربي سوءً ، ولا يأتينا منها سوى المزيد من الشرور.


 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق