نيويورك تايمز: مخاوف سنية من انتقام شيعي في العراق.. فوضى ما بعد الغزو الأمريكي تلوح في الأفق.. خطوات حكومية لإحتواء الموقف

الجمعة، 04 نوفمبر 2016 02:06 م
نيويورك  تايمز: مخاوف سنية من انتقام شيعي في العراق.. فوضى ما بعد الغزو الأمريكي تلوح في الأفق.. خطوات حكومية لإحتواء الموقف
اقتراب القوات العراقية من تحرير مدينة الموصل
بيشوى رمزي

مع اقتراب القوات العراقية من تحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش" الإرهابي، لم يعُد التساؤل ما إذا كانت العراق قادرة على استعادة تلك الأراضي التي سيطر عليها التنظيم قبل عامين أم لا.. هكذا استهلت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرًا لها حول مستقبل العراق بعد "داعش"، ولكن أصبح التساؤل عما إذا كانت الحكومة العراقية قادرة على القيام بما ينبغي أن تقوم به.

الإنتصار الكاسح للقوات العراقية على عناصر التنظيم في الموصل لا يُغير حقيقة مفادها أنه لا وجود لأي اتفاق سياسي، أو حتى ثقة، يمكن من خلالها التوفيق بين الأقلية السنية في العراق والحكومة التي يطغى عليها أبناء الطائفة الشيعية.

نهايات مختلفة

وتقول الصحيفة الأمريكية البارزة أن المخاوف لا تقتصر على اندلاع تمرد سني جديد بعد هزيمة "داعش"، وإنما هناك شيئًا ما لم تتضح معالمه وراء حالة التوحد التي جمعت الخصوم، سواء من الشيعة أو السنة أو الأكراد أو اليزيدين والمسيحيين، بالإضافة إلى القوات الحكومية، حيث أن كل طائفة ربما تخطط لنهاية مختلفة للعبة الحالية.

فعندما اندلع القتال بالقرب من الموصل، اجتمع الدبلوماسيين وشيوخ القبائل والمحللين السياسيين في أحد الفنادق بمدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، لمناقشة الطريق نحو تحقيق المصالحة، بإعتبارها أمرًا لا مفر منه إذا ما أراد العراقيون منع التنظيم المتطرف من إيجاد موطئ قدم جديد على الأراضي العراقية خاصة وأن سياسات الحكومة العراقية التي قامت على التمييز ضد السنة وتهميشهم كانت سببًا في ترحيب قطاع كبير من العرب السنة في العراق بالميليشيات المتطرفة قبل عامين.

ولكن بالرغم من ذلك يقول محمد محسن، وهو أحد شيوخ قبيلة الحويجة، والتي تقع بالقرب من كركوك، أن "الأسباب التي خلقت داعش في العراق مازالت موجودة."



إقصاء وانتقام

تقول "نيويورك تايمز" أن قطاع كبير من العراقيين السنة سئموا بالفعل من حكم التنظيم المتطرف، وهو الأمر الذي دفعهم نحو التحالف، ولو على المدى القصير، مع الميليشيات الشيعية، إلا أنهم في الواقع مازالوا يخشون الإنتقام الشيعي أو على الأقل سياسات اقصائية تجاههم من قبل الحكومة العراقية، خاصة وأن الميليشيات الشيعية بدأت حاليًا في القبض على أعداد كبيرة من سكان المدينة ذات الأغلبية السنية باعتبارهم متعاونين مع "داعش".

وبالتالي فلا أحد يرى أن أصوات الأسلحة سوف تهدأ كثيرًا بعد انتهاء معركة التحرير الحالية، بحسب الصحيفة الأمريكية.

في ورقة بحثية أعدها المحلل السياسي إيان ميريت، يقول أن "هزيمة تنظيم داعش في الموصل سوف تكون سببًا في طغيان التوترات الطائفية العميقة، والتي أخفتها حالة الكفاح المشترك الحالية ضد التنظيم المتطرف".

وتطابقت وجهة النظر التحليلية إلى حد كبير مع وجهة النظر الرسمية للحكومة الأمريكية، وهو الأمر الذي ظهر بوضوح في تصريحات مبعوث الرئيس الأمريكي لدى التحالف الدولي بريت ماكجورك، والذي أكد في تصريحات صحفية أن "المشكلة تكمن في أنه إذا ما أرادت أن تحل كافة المشكلات الطائفية في العراق، فهذا يعني بقاء داعش في الموصل خلال المستقبل المنظور وربما إلى الأبد".

وهنا يبقى التساؤل الصعب ماذا بعد الموصل؟؟

ربما تثور المخاوف عند طرح هذا التساؤل من شبح تكرار المشهد العراقي في أعقاب الغزو الأمريكي منذ أكثر من عقد من الزمان، بحسب "نيويورك تايمز"، في ظل وجود مشكلات سوف تواجه السلطات العراقية في أعقاب المعركة مباشرة، لعل أهمها هو كيفية التعامل مع المشتبه في تورطهم في التعاون مع التنظيم الإرهابي، وهو الأمر الذي يُعيد إلى الذاكرة السياسات التي فرضتها الولايات المتحدة بعد الغزو مباشرة والتي قامت على اجتثاث البعث.

وتكمن خطورة مثل هذه السياسة، والتي تقوم باجتثاث كل المتعاونين مع "داعش"، في أنها سوف تذهب بعيدًا جدًا إلى الحد الذي يصل إلى استهداف الأبرياء وأقارب المسلحين الذين عملوا مع التنظيم المتطرف، وهو الأمر الذي يضع بذور الإنشقاق من جديد في المستقبل القريب.

خطوات حكومية

وأضافت الصحيفة الأمريكية البارزة أن الحكومة العراقية تحاول اتخاذ خطوات تهدف في الأساس إلى تخفيف حالة العنف الطائفي، مشيرة إلى الحديث الذي أثير مؤخرًا حول قيام الحكومة بتشكيل محكمة خاصة في الموصل للإستماع إلى مختلف القضايا المتعلقة بـ"داعش"، مع توفير الدفاع القانوني المجاني للمحتجزين.

وأشادت كذلك الصحيفة بفكرة إلقاء مسئولية الأمن في المدينة العراقية، والتي تُعد ثاني أكبر المدن العراقية، على السكان السنة المحليين، وهو الأمر الذي يغلق الباب أمام أية انتهاكات محتملة قد ترتكبها الميليشيات الشيعية، والتي ساهمت سوء معاملتها للمسلمين السنة في العراق، تحت إدارة رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، إلى ظهور التنظيم المتطرف في عام 2014.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق