دبلوماسي تركي: أردوغان يدفع أنقرة لحرب طائفية بالشرق الأوسط
الأربعاء، 02 نوفمبر 2016 06:30 م
لازال الصراع السياسي الدائر بين أنقرة وبغداد قائمًا، واشتد وهجه مع تبادل التصريحات الحادة الصادرة من مسؤولي الدولتين، في ظل إصرار الجانب التركي التدخل العسكري في معركة الموصل الدائرة حاليًا ضد عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، ورفضها سحب قواتها من معسكر بعشيقة، فضلًا عن ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني وتمركزاتهم في شمالي العراق.
وأعلنت تركيا أمس الثلاثاء نشر تعزيزات عسكرية كبيرة في ولايتي شرناق وسيلوبي على الحدود العراقية. وأكد وزير الدفاع التركي فكري إيشيق، أن هذه التحركات العسكرية تأتي في إطار الحرب ضد الإرهاب، وأن "تركيا ستفعل ما يلزم للتصدي لمخططات عناصر العمال الكردستاني في شمال العراق، وجاهزون لكافة الاحتمالات".
ولم يتأخر رد رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي؛ إذ صرح بالأمس أن "بغداد لا ترغب في دخول الحرب مع تركيا، إلا أنها مستعدة لذلك إذا تطلب الأمر"، مضيفًا :"أي اعتداء عسكري تركي على الأراضي العراقية، سيكون سببا في انهيار دولتهم".
في ظل الصراع الدائر بين الدولتين يكشف الدبلوماسي المخضرم والسفير المتقاعد التركي شكري أليكداغ، حقيقة هذا الصراع، وتداعياته على مستقبل تركيا، والدوافع الحقيقية لتصريحات "أردوغان" والتي وصفها بالغير المسؤولة.
يقول "أليكداغ" في حوار صحفي لصحيفة "سوزجو" التركية، إن "أردوغان بتصريحاته خلال الفترة الأخيرة بشأن إصراره في التدخل العسكري بالمعركة الدائرة بالموصل، والمشاركة في تحرير الرقة وتلعفر وأفرين، نتيجته واحدة بأن أردوغان سيجر تركيا لخضم حرب طائفية في الشرق الأوسط".
وأضاف أن "حال مشاركة تركيا في عمليات عسكرية بالموصل، فهذا سيعني أن هذه القوات لن تشارك بصفتها جيش تركي، بل بصفتها قوات عسكرية تشن عمليات لحماية السنة العراقيين، ما يثير حفيظة الحشد الشعبي والشيعة لدخول في صدام مع القوات التركية، وعندئذ يكون "أردوغان" دفع بالمنطقة نحو حرب مذهبية فعليًا.
حق تاريخي
وحول ما يروج له "أردوغان" والإعلام التركي مؤخرًا بشأن الحق التاريخي لتركيا في الموصل وكركوك بالعراق، يوضح "أليكداغ"، أن "أردوغان" من حين لآخر يشير إلى إلغاء معاهدة لوزان والعودة إلى الميثاق الوطني الموقع عقب الحرب العالمية الأولي، لتدعيم حق بلاده في استرداد الأراضي العثمانية بالعراق، إلا أن الأمر استهلاك إعلامي ليس أكثر، إذ أن معاهدة لوزان الموقعة عام1923 تعد لاغية لكل الإتفاقيات السابقة لها، وخلال هذه الفترة كانت الموصل تحت الإحتلال الإنجليزي، إلا أنه تم توقيع اتفاقية أنقرة عام1928، وعليه تم ضمها إلى العراق رسميًا، مقابل بعض الحقوق المادية لأنقرة من قيمة مبيعات بترول الموصل لبضعة سنوات.
وأضاف "أما عن زعم أردوغان ضرورة التدخل في الموصل لحماية التركمان، وأحقية بلاده بضم الموصل حال تقسيم العراق، فهذا غير منطقي ولا يتعدى كونه ادعاءات لا صحة لها".
إذن ما السبب الحقيقي وراء إصرار "أردوغان" على التدخل العسكري في العراق؟.. يجيب الدبلوماسي "إليكداغ" قائلًا "تركيا تريد محو أي تواجد للعمال الكردستاني في مناطق قنديل وسنجار بالعراق".
وتابع أن "تصريحات أردوغان بشأن إصرار التواجد العسكري التركي داخل العراق، تكشف عن رغبة أردوغان في الظهور وسط القوى العالمية كحامي المذهب السني بالشرق الأوسط؛ إذ أوضح في العديد من التصريحات خلال الشهرين الماضيين أنه لن يسمح بتغيير التركيبة المذهبية للمنطقة، وسيتدخل في الموصل لحماية العرب والسنة ضد أطماع الشيعة بالعراق".
خطط بديلة
وأوضح الدبلوماسي التركي أن تركيا كانت تمتلك خطتين بديلتين للتدخل العسكري بالعراق، وذلك بعد فشل خطته الأولى المتمثلة في إقناع القيادة الأمريكية بالمشاركة بالعمليات العسكرية الراهنة بالموصل بصفتها أحد أطراف التحالف الدولي ضد "داعش".
الخطة الأولى تتمثل في التدخل العسكري بدعوة من حكومة مسعود برزاني بإقليم شمال العراق، والثانية تتمثل في إعلان بعض الجماعات والعشائر المحلية طلب المساعدة من الحكومة التركية لحمايتهم.
ومع مرور الوقت أصبحت تلك الخطط "وهمًا"، إذ غفل "أردوغان" أن "برزاني" حليفًا للولايات المتحدة، ولا يمكنه إتخاذ أية قرارات دون إذن من الإدارة الأمريكية. كما أن المراهنة على العشائر السنية بالعراق، لم تكن مجدية إذ لم يصدر أي طلب أو استغاثة مُعلنة من قبل مسؤولي هذه الجماعات والعشائر.