زيجات كفر الشيخ.. «الذهب قبل السكن»‏

حجر أسود يقع في باطن الجبال والمناجم، على بعد آلاف الكيلو مترات من الحضر، يجذب الرجال الباحثين عن ‏الثراء، والفتيات الباحثات عن تألقهن طوال الوقت، هو الذهب، أو كما يلقبه البعض بـ«شيطان التبر»، الذي استطاع ‏أن يخطف قلوب النساء في الدول كافة. ‏

ظلّ أباطرة العرب قديمًا يجذبون النساء إليهم بهذا الكنز الأصفر، حتى أن بعض العائلات كانت تُقّدر قيمة الذهب الذي ‏يُقدم للعروس بمقدار وزنها، وما ما يعكس أهمية الذهب لديهم، ومع تصاعد الأزمة الاقتصادية العالمية انقرضت هذه ‏العادات بشكل كبير، وأصبحت كميات الذهب التي تُقدم للعروس في الحضر ضئيلة إذا ما قورنت بالكمية التي تُقدّم في ‏محافظات الصعيد والوجه البحري. ‏

وبمبلغ يتراوح من 40 ألف جنيه إلى 100 ألف جنيه، تُقدّر قيمة الشبكة المقدمة من العريس إلى عروسته في محافظة ‏كفر الشيخ، والتي تتفاخر بها الفتيات أمام أقاربهن ومعارفهن، فحجم الشبكة يتم تحديده بناءً على نسب العائلة التي ‏تنتمي لها الفتاة، ورغم الارتفاع الملحوظ في أسعار الذهب لم تستسلم الأسر في قرى كفر الشيخ لارتفاع أسعار الذهب، ‏معتبرين أن الشبكة اعترافًا بقيمة العروس من قِبل الشاب المتقدم لخطبتها.‏

وفي مركز «الحامول» بمحافظة كفر الشيخ، تطلب الأسر من العريس كمية من الذهب بقيمة 40 ألف جنيه كحد أدنى، ‏تصل إلى 100 ألف جنيه في أغلب الأوقات، رغم الحالة المادية البسيطة التي تعيش بها أسر هذه القرى، إلا أن ‏العادات والتقاليد الموروثة ظلّت بعقولهم يتشبثون بها كثيرًا. ‏

يختلف الحال قليلًا في الأسر التي تعيش في مستوى مادي متوسط، فيكتفي العريس بشبكة صغيرة مناسبة لظروفه ‏المادية، عبارة عن دبلتي خطوبة وتوينز وخاتم، يصل سعرهم إلى 10 آلاف جنيه، وقبل إتمام مراسم الزفاف يشتري ‏ذهب بقيمة 40 إلى 70 ألف جنيه، أما في العائلات التي تعيش في مستوى مادي جيد نسبيًا يتم شراء الشبكة مرة ‏واحدة بقيمة تتراوح من 80 إلى 100 ألف جنيه. ‏

شروط قاسية يضعها أهالي المناطق البدوية بمحافظة كفر الشيخ، فتشترط العائلات على الشباب المقبلين على الزواج ‏شراء شبكة لا تقل عن 250 جنيه، لكن الأمر يختلف قليلا عن القرى الأخرى بكفر الشيخ، فهم لا يشترطون شراء شقة ‏للعروس، فالخيام التي اعتادوا عليها تحل محل الشقق باهظة الثمن التي اعتاد عليها أهل الحضر، كما أن جهاز العروس ‏ما هو سوى بعض الأقمشة التي يتم تفصيلها وتتحول إلى ملابس بسيطة لا تكلفهم الكثير، ومرتبة ومخدة توضع على ‏الأرض داخل الخيمة، ما يجعل تكاليف الذهب بالمناطق البدوية تناسب العائلات هناك. ‏

‏«فسخت خطوبتي عشان العريس مقدرش يشتري شبكة بـ130 ألف جنيه»، هكذا تروي رويدا أحمد، إحدى فتيات كفر ‏الشيخ، مأساتها مع العادات والتقاليد التي تحول دون استقرارها اجتماعيًا، فهي تنتمي لأسرة تعيش في مستوى مرتفع ‏وتمت خطبتها في يناير الماضي، واشترى لها خطيبها دبلتي خطوبة عيار 24 بـ30 ألف جنيه، إلا أن قصتها لم تكتمل ‏لعدم موافقة أهلها على كمية الذهب التي سيجلبها لابنتهم. ‏


‏«أهل العروسة رفضوني عشان اشتريت شبكة ب35 ألف جنيه»، هكذا أعرب «علي،ا» عن حزنه من قصته التي ‏لم تكتمل بسبب كمية الذهب التي طلبتها أسرة العروس، فهو يتمنى أن يتم إلغاء الشبكة بمحافظات مصر كافة، قائلًا ‏‏«متتمسكوش وجوزوا بناتكم أحنا نسبة العنوسة زادت فى مصر، يسروا ولا تعسروا».‏