«ناصر».. الغائب الحاضر

الإثنين، 28 سبتمبر 2015 01:41 م
«ناصر».. الغائب الحاضر
جمال عبد الناصر
السعيد حامد

 

لم يكن جمال عبد الناصر رئيسا عاديا، بل كان زعيما للأمة، وملهما للكثيرين، فهو ثاني رؤساء مصر، وتولى السلطة من سنة 1956، وحتى وفاته سنة 1970، وأحد قادة ثورة 23 يوليو 1952، التي أطاحت بالملك فاروق، وشغل عبد الناصر منصب نائب رئيس الوزراء في حكومتها الجديدة، ثم وصل إلى الحكم عن طريق وضع محمد نجيب (الرئيس حينها) تحت الإقامة الجبرية، وذلك بعد تنامي الخلافات بين نجيب ومجلس قيادة الثورة، وفي 24 يونيو 1956، باستفتاء شعبي.

45 عاماً كاملة مرت على رحيل عبدالناصر، لا تزال صوره مرفوعة على جدران المنازل والمحلات فى مصر وخارجها.

نشأته

ولد جمال عبد الناصر في 15 يناير 1918م في منزل والده بحي باكوس بالإسكندرية قبيل أحداث ثورة 1919 في مصر، وهو من أصول صعيدية.

وفي سنة 1925 دخل جمال مدرسة النحاسين الابتدائية، بالجمالية بالقاهرة، والتحق جمال عبد الناصر بالقسم الداخلي في مدرسة حلوان الثانوية وقضى بها عاما واحدا، ثم نقل في العام التالي1930 إلى مدرسة رأس التين بالإسكندرية بعد أن انتقل والده للعمل في الخدمة البريدية هناك.. وقد بدأ نشاطه السياسي حينها، فقد رأى مظاهرة في ميدان المنشية بالإسكندرية،وانضم إليها دون أن يعلم مطالبها.

وعلم عبد الناصر بعد ذلك أن هذا الاحتجاج نظمته جمعية مصر الفتاة، للتنديد بالاستعمار الإنجليزي لمصر، وذلك في أعقاب قرار من رئيس الوزراء حينئذ إسماعيل صدقي بإلغاء دستور 1923،وألقي القبض على عبد الناصر واحتجز لمدة ليلة واحدة، قبل أن يخرجه والده.

وكان عبد الناصر من أكثر المعارضين بشدة للمعاهدة البريطانية المصرية سنة 1936، التي تنص على استمرار وجود قوات عسكرية بريطانية في البلاد، وقد أيدت القوات السياسية في مصر هذه المعاهدة بالإجماع تقريبا، ونتيجة لذلك، انخفضت الاضطرابات السياسية في مصر بشكل كبير، واستأنف عبد الناصر دراسته في مدرسة النهضة، حيث حصل على شهادة التخرج.

حياته العسكرية

في سنة 1937، تقدم عبد الناصر إلى الكلية الحربية لتدريب ضباط الجيش، ولكن الشرطة سجلت مشاركته في احتجاجات مناهضة للحكومة، فمنع من دخول الكلية، فالتحق بكلية الحقوق في جامعة الملك فؤاد ، لكنه تركها بعد فصل دراسي واحد وأعاد تقديم طلب الانضمام إلى الكلية العسكرية.

واستطاع عبد الناصر مقابلة وزير الحربية إبراهيم خيرى باشا، وطلب مساعدته، فوافق على انضمامه للكلية العسكرية في مارس 1937، ركز ناصر على حياته العسكرية منذ ذلك الحين، وأصبح يتصل بعائلته قليلا.

وفي الكلية، التقى بعبد الحكيم عامر وأنور السادات، وكلاهما أصبحا لهما دور هام فيما بعد في حياته وتاريخ مصر، إلى أن تخرجوا جميعا من الكلية العسكرية في شهر يوليو 1937، ورقي عبد الناصر إلى رتبة ملازم ثاني في سلاح المشاة.

في سنة 1941، طلب عبد الناصر النقل إلى السودان، وهناك قابل عبد الحكيم عامر، وكانت السودان حينها جزءاً من مصر، عاد جمال عبد الناصر من السودان في سبتمبر 1942، ثم حصل على وظيفة مدرب في الأكاديمية العسكرية الملكية بالقاهرة شهر مايو1943

كانت أول معركة لعبد الناصر في فلسطين خلال الحرب العربية الإسرائيلية سنة 1948، تطوع عبد الناصر في البداية للخدمة في اللجنة العربية العليا بقيادة محمد أمين الحسيني.

وكان ناصر نائب قائد القوات المصرية المسؤولة عن تأمين الفالوجة، و أصيب عبد الناصر بجروح طفيفة في القتال يوم 12 يوليو.

وبعد الحرب عاد عبد الناصر إلى وظيفته مدرساً في الأكاديمية الملكية العسكرية.

قام عبد الناصر بتنظيم اللجنة التأسيسية للضباط الأحرار ، وتألفت من 14 شخص، بما في ذلك ممثلين عن الشباب المصريين، والإخوان المسلمين، والحزب الشيوعي المصري، والطبقة الإرستقراطية، وانتخب ناصر رئيسا للجنة بالإجماع.

ورأى ناصر أن الضباط الأحرار لم يكونوا على استعداد للتحرك ضد الحكومة، وظل نشاطه مقتصرا لمدة تقارب العامين على تجنيد الضباط ونشر المنشورات السرية.

ثورة 23 يوليو

نشر ناصر برنامجا من ست نقاط لمصر في مجلة روز اليوسف لتفكيك الإقطاع والقضاء على النفوذ البريطاني، في مايو 1952 تلقى ناصر كلمة تقول بأن الملك فاروق قد عرف أسماء الضباط الأحرار وسيقوم بإلقاء القبض عليهم، فقام عبد الناصر على الفور بتوكيل مهمة التخطيط للاستيلاء على الحكومة إلى زكريا محي الدين، بمساعدة وحدات الجيش الموالية للجمعية.

لم يعتقد عبد الناصر أن ضابطا من ذوي الرتب المتدنية مثله من شأنه أن يكون مقبولاً من قبل الشعب المصري، واختار لذلك محمد نجيب ليكون قائدا للثورة (اسمياً).

انطلقت الثورة يوم 22 يوليو وأعلن نجاحها في اليوم التالي، استولى الضباط الأحرار على جميع المباني الحكومية، والمحطات الإذاعية، ومراكز الشرطة، وكذلك مقر قيادة الجيش في القاهرة.

وفي يوم 18 يونيو سنة 1953، تم إلغاء النظام الملكي وأعلن قيام الجمهورية في مصر، وكان محمد نجيب أول رئيس لها.

وفاة عبد الناصر

بعد انتهاء القمة العربية يوم 28 سبتمبر 1970، عانى ناصر من نوبة قلبية، ونقل على الفور إلى منزله، حيث فحصه الأطباء، وتوفي ناصر بعد عدة ساعات.

بعد الإعلان عن وفاة عبد الناصر، عمت حالة من الصدمة في مصر والوطن العربي، وحضر جنازة عبد الناصر في القاهرة من خمسة إلى سبعة ملايين مشيع، وحضر أيضا جميع رؤساء الدول العربية، باستثناء العاهل السعودي الملك فيصل، بكى الملك حسين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات علنا، وأغمي على معمر القذافي من الاضطراب العاطفي مرتين، وحضر عدد قليل من الشخصيات غير العربية الكبرى، منها رئيس الوزراء السوفيتي أليكسي كوسيغين ورئيس الوزراء الفرنسي جاك شابان دلماس.

بعد أن بدأ الموكب بالتحرك، أخذ المشيعون يهتفون: لا إله إلا الله، ناصر هو حبيب الله ... كلنا ناصر ، بكى الرجال والنساء، والأطفال، وصرخوا في الشوارع. الدولة تعلن حداداً عاماً لمدة أربعين يوماً كاملة، الأسود يلف كل شىء، حتى إعلانات الأفلام المرتفعة على دور العرض.. البكاء داخل كل بيت، العزاء فى مدن العالم العربى.

من جانبه واحتفالا بذكرى وفاة الزعيم الراحل، قال سراج الدين رؤيا، المتحدث الإعلامى لحركة الطليعة الناصرية نصر، فى بيان له اليوم، تزامنا مع إحياء ذكرى رحيل الزعيم الراحل، إن صورة مأساوية مؤلمة جعلت جماهير الأمة العربية تستلهم روح الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذى كان عملاقا فى عصر العمالقة وهو يدير المعارك فى الداخل والخارج على مستوى الوطن والأمة بنجاح منقطع النظير، وخرج منتصرا بإرادة شعبنا العربى من المحيط إلى الخليج فى معارك الداخل والخارج.

واستكمل: إننا نستلهم فى هذه اللحظات التاريخية إرادته الصلبة وعزيمته الصادقة وإيمانه المطلق والعميق بحق الأمة العربية فى وحدتها كى تتجنب ألوان الاستعمار وأشكاله، ونعاهده فى هذه اللحظات الحاسمة روح زعيمنا الراحل الباقى بأن نظل على الدرب سائرون حتى النصر أو الشهادة.

وقال حزب الاتحاد ، في بيان له اليوم، بمناسبة الذكرى الـ 45 لرحيل الرئيس جمال عبد الناصر: لقد أدرك القائد المعلم أن أمتنا لا يمكن أن تجابه تحديات العصر وتواجه الهجمة الإمبريالية - الصهيونية إلا بوحدة سياسية بين أقطارها تستجمع فيها قواها، وتتوحد ارضا وشعبا ومقدرات، فعبر هذه الوحدة تستطيع أمتنا أن تستعيد مكانتها وقرارها السيد الحر المستقل، وتتمكن من صناعة مستقبلها الحقيقي الزاهر غير المرتبط بقيود التبعية للغرب أو الشرق، من خلال تنمية حقيقية تستجيب لمتطلبات العصر ولحاجات الأمن العربي الذي لا يمكن أن يكون كاملا وناجزا إلا بعودة فلسطين حرة عربية من البحر إلى النهر، لقد آمن عبد الناصر، أن العمل من أجل الوحدة وتحرير فلسطين هما العاملين الأساس والمنطلق لمهمات النضال العربي لا يمكن إسقاطهما أو تغييب أحدهما على حساب الآخر، لأنهما يتكاملان في معادلة الأمن والتحرير والتنمية.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة