من يستعطف علينا تاجرا كمن يستجدي من الشيطان صلاة !
الأحد، 04 سبتمبر 2016 04:54 م
قضت محكمة أمن الدولة بالجيزة بمعاقبة الجزار عاشور صديق بالحبس خمس سنوات مع الشغل ، وكفالة ٢٠٠٠ جنيه ، وغرامة١٠٠٠ ، والغلق لمدة ٦ شهور، لبيعه كيلو اللحم البلدي بمبلغ ٢٩٢ قرشا بمحله بالجيزة ، بزيادة ٤٠ فى الكيلو. أصدر الحكم القاضى عبد المنعم عثمان رئيس المحكمة بحضور سامو عيد وكيل النيابة وعلي زكي أغا أمين السر.
كان ذلك في سبتمبر من عام ١٩٨١، أى منذ ٣٥ سنة ، قبل عام من اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات تقريبا . بعد ٣٥ سنة صار كيلو اللحم ب١٢٠ جنيها في الأعياد ، وب١٠٠ في غير شهور ومواسم الفرح والأكل !
وكان المصري زمان يأكل اللحوم وهو عارف ومتأكد ومطمئن أنها لحوم بقر وجاموس وخراف وعجول . المصري اليوم يأكلها لحم حمير ، وحيوانات اخرى .
تاملت الخبر أعلاه بعين الحسرة ، وشاع في صدرى السخط . تأملت السعر ،٢٩٢ قرشا . بالقرش كانت وحدة البيع . انظر كم تضاعف السعر . ذلك سعر البيع مع الزيادة التي عوقب عليها التاجرالجزار عاشورصديق. وتأملوا الزيادة ،إنها أربعون قرشا !
لكن المدهش المذهل درجات العقاب الثلاثة : الحبس ٥ سنوات ، ثم الغرامة ١٠٠٠جنيه ، والكفالة ٢٠٠٠جنيه ، ثم الغلق لمدة نصف عام !
والقضية أمن دولة .. حين كانت هناك دولة تعتبر قوت الناس أمن بقاء للدولة ذاتها!
من الذى ألغي عقوبات غش الناس فى الاسعار أو عطلها أو أهملها ، وتركنا نأكل لحوم الحمير والضوارى والحيوانات الضالة ؟
لا يشعر الشعب اليوم بوجود قبضة الدولة ، بل يشعر فقط بقبضة البلطجية واللصوص من التجار ، يعتصرون أقوات الشعب ، ويبيعون ويشترون في المواطن ويمتصون دماء الطبقة المتوسطة التى تسقط يوما بعد الآخر إلى حفرة الطبقة الدنيا . في هذا المكان ، التاجر المصري ليس علي قدر المسئولية الوطنية . هو تاجر فحسب . يهمه المكسب ، ويتفادى الخسارة . وهذا حقه ، لكن الجشع لايستحي ولا يخجل ولا يخاف الله ، والمال الحرام يدسه في جوف اولاده واحفاده . ترتفع حناجر محتجة لا للتعميم وليس كلهم ، حسنا لا للتعميم وليس كلهم ، لكن اللصوص اغلبية ، وهم يقومون بتفجير البلد ، من خلال بث روح السخط واشاعة اليأس ، وتحفيز الناس على الغضب .
موقف التجار الجشعين لايقل خيانة ودناءة عن أعمال الارهاب والنسف.
يحتج اللصوص من التجار بارتفاع اسعار الدولار.. ما علاقة سعر الدولار بكيلو الجوافة الذي يبيعه هؤلاء الحرامية ب١٥ جنيها ، وكيلو العنب ب١٥ جنيها والعدس ب١٧ ، واللوبيا ب١٨. ، والخيار بسبعة والطماطم بستة !
إن طعام الناس وأقواتهم ليس مجالا للسرقة ، ومازلنا نذكر حملات اللواء النبوي اسماعيل وزير داخلية السادات علي الاسواق حين جرؤ تجار لصوص ، لهم ورثة ، علي بيع كيلو العنب بأربعين قرشا !
بصراحة ، ونعلنها علي سبيل التنبيه ، يشعر المواطن ان الحكومة أطلقت عليه حفنة لصوص ، تقاوم آثارهم على الناس بضخ كميات اقتصادية من السكر والارز والزيوت ، تختفي أوتظهر .
كيف يعقل أن كيلو السردين بخمسين جنيها في دمياط بلد السمك ؟
علي هذه الحكومة أن تنقذ الشعب الآن وفورا من براثن التجار، ولا ينبغي أن تأخذها الشفقة بكل من يخفي السلع أو يتلاعب بالأسعار . فكما أنه لا توجد تسعيرة جبرية ، لا يجوز أن تكون سرقة قوت الناس واموالهم الزهيدة أمرا طوعيا . حين تتركني لينهش لحمى وحش ضار، فأنت شريكه في قتلي .
روح السخط تزداد ، والصدور محتقنة ، والنقد يطال الرئيس :
- بدلا من الطرق والمدن والمطارات والانفاق والقناة بص شوية للأسعار
الشعب المصري يتوارث جيلا بعد الآخر المثل الحي : احيني النهاردة وموتني بكرة .
وأكثر من هذا ، وصديقك وحبيبك من صدقك أيها الرئيس ، فإن الناس حين يقرأون أن الرئيس السيسي أصدر توجيهاته للحكومة بحماية محدودى الدخل والفقراء ، أصبحوا يستغربون:
وهل الحكومة تسمع كلام الرئيس ؟!
من يعول علي وطنية تاجر هو ساذج سليم الطوية ، ومن يستعطف تاجرا كمن يرجو للشيطان هداية وسجودا لله . العدو الحقيقي للشعب المصري اليوم هو التاجر الجشع ، ضعه في صف واحد مع الارهابي ، ومع الفاسد .
وعلي مجلس النواب أن يصدر تشريعات لتغليظ العقوبات ضد لصوص المواد التموينية والمتلاعبين بها ، وأن تنظر الرقابة الادارية والكسب غير المشروع فيما حققه ويحوزه بعض مفتشي التموين من مخازن خاصة !
البلد سداح مداح في مواجهة الجشع ، والرئيس حاضر في المشروعات الكبرى ، لكنه غائب فى التفاصيل اليومية للمواطن . هذا كلام الناس ننقله بأمانة . بالطبع فإن الكبري هي للمواطن في النهاية ، لكن الأفعى الكوبرا صارت هي التاجر الحشع ، والوزير الكذاب ، والفاسد من المسئولين .
لن يدفع النظام وحده فاتورة ترك الناس نهبا للباعة ورجال اعمال متوحشين ، يلسعون ظهور الشعب بكرابيج الطمع ، بل سيدفع الوطن كله تكلفة الخراب ، والمستفيد الوحيد هو الارهاب .
الوقت قصير ، والدولة غائبة ، والبرلمان مشغول بسن قوانين مطلوبة فعلا ، والقيمة المضافة نقمة مضافة ... وما كان الاخوان الارهابيون ليحققوا ضد السيسي من حنق نصف ما تحققه الحكومة الحالية ضد الشعب وضد الرئيس ، بضعفها وغفلتها ، وانعدام كفاءتها .