ريو 2016: فيلبس "الامبراطور" وبولت "الأعظم" مرة أخيرة!
الإثنين، 22 أغسطس 2016 07:07 ص
لم يتغير المشهد الرياضي عن بكين 2008 او لندن 2012، مايكل فيلبس واوساين بولت نجما العاب ريو 2016: "دلفين" اميركي خارق ينهي مسيرته بنحو دزينتين من الذهبيات و"برق" جامايكي "خالد" لم يجد بعد من هو اسرع منه.
لكن جديد اول العاب اولمبية صيفية اقيمت في اميركا الجنوبية، انها اسدلت الستارة على مسيرة عملاقين تخطيا العقد الثالث من العمر، وعبرا عن رغبتهما بالقاء اسلحتهما الرياضية، لتكون نسخة طوكيو 2020 يتيمة من اكتساحهما منافسات الاحواض وام الالعاب.
- رصيد خيالي
في 2012 حطم فيلبس وتخطى الرقم القياسي في عدد الميداليات الذي كان بحوزة لاعبة الجمباز السوفيايتية لاريسا لاتينينا مع 22 ميدالية بينها 18 ذهبية.
اعتزل وعاد ودخل في مشكلة ادمان الكحول واكتئاب، لكنه ضرب مجددا معززا اسطورته: خمس ذهبيات وفضية رفعت رصيده الى 28 ميدالية بينها 23 ذهبية، وفي طريقه اصبح اول سباح يحرز سباق 200 م متنوعة اربع مرات على التوالي.
نال امبراطور احواض السباحة البالغ 31 عاما 6 ذهبيات في اثينا 2004 و8 ذهبيات في بكين 2008 و4 ذهبيات في لندن 2012، وخمس ذهبيات في ريو 2016.
اللافت ان اقرب منافس على ذهبيات فيلبس الـ23 يمتلك 9 ذهبيات، ما يفسر القيمة الرياضية الهائلة لابن بالتيمور.
"لا اعتقد بانكم سترون مايكل فيلبس آخر"، بهذه الكلمات لخص المدرب بوب باومان مكانة السباح في تاريخ الالعاب الاولمبية.
- البرق والخالد والاعظم والاسرع... -
وكما فيلبس ضرب برق بولت مجددا، خاتما مشاركته الاولمبية بتصريح معبر: "أنا الاعظم (في العاب القوى)".
اسرع واعظم عداء في العالم كرر ثلاثية 100 و200 و4 مرات 100 م في لندن بعد بكين 2008 ولندن 2012، وفي ريو 2016 تكررت الحكاية مع ثلاثية ثالثة.
كان فخورا للانضمام الى عمالقة الرياضة مثل الملاكم الاميركي الراحل محمد علي ولاعب كرة القدم البرازيلي بيليه.
وبذهبياته التسع، عادل بولت انجاز العداءين الفنلندي بافو نورمي (9 ذهبيات بين 1920-1928) والاميركي كارل لويس (9 بين 1984 و1996). والرياضي الوحيد الذي يملك ذهبيات اكثر من بولت في الالعاب هو فيلبس.
لكن احدى ذهبيات بولت مهددة بالسحب، بعد تنشط مواطنه نستا كارتر في سباق التتابع خلال العاب بكين 2008.
- ماذا بعد فيلبس وبولت؟ -
بمقدار ما كانا ثروة اولمبيا وكنزا رياضيا، سيخلف اعتزال فيلبس وبولت اولمبيا، فجوة عميقة يصعب ردمها وعبئا ثقيلا على مشاهدين اعتادوا ملاحمهم.
رئيس اللجنة الاولمبية الدولية الالماني توماس باخ اعتبرهما "رمزا"، والبريطاني سيباستيان كو رئيس الاتحاد الدولي لالعاب القوى وصف بولت بـ"العبقري".
يضيف كو: "سيحدث غيابه فجوة عميقة، لكن يمكن تخطيها. طرحنا السؤال عينه مع محمد علي. ثم اتى فلويد مايويذر ومارفن هاغلر وماني باكياو وشوغر راي لوينارد. لن نغطي هذا الفراغ بين ليلة وضحاها. لكن هناك عدة عدائين مميزين ويجب ان نساعد في عملية ظهورهم الى العالم".
اعرب بولت عندما توج بذهبية سباق 200 م، عن رغبة في المشاركة بمونديال لندن العام المقبل، ولكن في سباق 100 م فقط والتتابع 4 مرات 100 م، في وقت يعتبر سباق 200 م المفضل لديه وقبل بشفتيه خط وصوله بعد تتويجه.
كتب بولت التاريخ اكثر مما هو مرصع ومذهل الان: "لقد جعلت هذه الرياضة مثيرة، ومنحت الرغبة للناس من اجل متابعتها، وضعت العاب القوى في القمة. ليس لدي ما أثبته أكثر".
بولت الذي احتفل بعيده الثلاثين مع نهاية العاب ريو شعر ببطئه: "لم أكن سعيدا بالوقت الذي حققته، كنت اريد ان اركض بسرعة كبيرة، على الرغم من أن التوقيت لم يكن رقما قياسيا عالميا. كنت متعبا وفقدت لياقتي في النهاية. (...) عندما خرجت من المنعطف، قالت لي ساقاي +اسمع، نحن لن نذهب أسرع+".
- الولايات المتحدة تنسخ رصيد 2012 -
احتفظت الولايات المتحدة بصدارة الميداليات للنسخة الثانية على التوالي محرزة 46 ذهبية، وهو نفس عدد ذهبياتها في لندن 2012، بفارق شاسع عن بريطانيا الثانية (27) التي حققت مفاجأة ضخمة وابعدت الصين عن الوصافة (26).
وفي ظل ابعاد فريق العاب القوى الروسي، باستثناء لاعبة الوثب الطويل داريا كليشينا، وبعض الرياضيين الاخرين في العاب اخرى بسبب تنشيط حكومي ممنهج، حلت روسيا رابعة مع 19 ذهبية، متراجعة بثلاث ذهبيات فقط عن غلتها في لندن.
اقيمت المسابقات في 32 منشأة رياضية على امتداد ريو دي جانيرو (و5 مدن لمسابقة كرة القدم).
توزعت بين منطقة بارا حيث بنيت قرية اولمبية ومتنزه اولمبي اقيمت فيها العدد الاكبر من المسابقات، شاطىء كوباكابانا مكان مسابقات المياه المفتوحة والكرة الشاطئية، ماراكانا حيث الملعب الاسطوري لكرة القدم وموقعي الافتتاح والختام بالاضافة الى ملعب "انجينياو" (او جواو هافيلانج) الاولمبي مضيف منافسات العاب القوى، فيما كانت منطقة ديودورو الاكثر عزلة لوقوعها في منطقة عسكرية استضافت الرماية والدراجات والركبي والفروسية.
شارك في دورة ريو التي امتدت بين 5 و21 اب/اغسطس 11427 رياضيا بينهم 5156 امرأة، بالاضافة الى 3558 مدربا ورسميا من 207 وفود.
تنافسوا على 31 رياضة و306 ذهبيات (تم توزيع 307 بعد تساوي سباحتين في المركز الاول) هي العاب القوى، القوس والسهم، البادمنتون، كرة السلة، الملاكمة، الكانوي، الدراجات، الغطس، الفروسية، المبارزة، الهوكي، كرة القدم، الغولف، الجمباز، كرة اليد، الجودو، الخماسي الحديث، التجذيف، الركبي 7، اليخوت، الرماية، السباحة، السباحة المتزامنة، كرة الطاولة، التايكواندو، كرة المضرب، الترياتلون، الكرة الطائرة، كرة الماء، رفع الاثقال والمصارعة.
دونت ثلاث دول جديدة اسماءها في السجلات الاولمبية لاول مرة وهي: كوسوفو (جودو) والاردن (تايكواندو) وفيجي (ركبي 7).
واحتفلت ايران باول ميدالية نسائية في تاريخ مشاركاتها في الالعاب والتي كانت من نصيب كيميا علي زاده التي حصلت على برونزية في منافسات التايكواندو.
87 دولة احرزت ميداليات في العاب ريو 2016 (من ضمنهم الرياضيون المستقلون على غرار الرامي الكويتي فهيد الديحاني حامل ذهبية الحفرة المزدوجة) وهذا شيء لم يتحقق في السابق والرقم السابق كان في بكين 2008 (86 دولة).
- لم يكن بالامكان أفضل مما كان -
صحيح ان البرازيليين لم يتعهدوا تنظيم العاب تاريخية بل ما قاموا بما هو مقدورهم وسط ظروف صعبة تمر فيها البلاد.
تراوحت مشكلات ريو بين المواصلات الصعبة، وضع امني مزر برم نشر نحو 80 الف رجل امن، مدرجات نصف فارغة او خدمات متواضعة مقارنة ببكين ولندن، لكن فيروس زيكا الذي ارعب الجميع قبل الالعاب اخذ قسطا من الراحة وغابت اخباره في فصل الشتاء في ريو.
عانت البرازيل ازمة اقتصادية واجتماعية الى جانب المشكلات السياسية التي ادت الى اقصاء الرئيسة ديلما روسيف في ايار/مايو الماضي بقرار من مجلس الشيوخ واستبدالها موقتا بنائبها ميشال تامر.
كان الجميع يتصور ان هذه الالعاب ستكون ملونة، وشعبية واحتفالية. ولكنها كانت في الكثير من الاحيان مملة وامام مدرجات فارغة. أعلنت اللجنة الاولمبية الدولية انه تم بيع 80% من التذاكر. لكن معظم المسابقات لعبت أمام جمهور قليل، يناقض النجاح الشعبي للالعاب لندن.
لكن البرازيليين استقبلوا الالعاب بضحكتهم وشغفهم ورقصهم وشواطئهم الرائعة التي لا تنتهي، فقدموا حفل افتتاح "مضاد للاكتئاب" وودعوها ايضا بالموسيقى والسامبا.
- الارباك الروسي -
أربك الشك حول عدد الرياضيين الروس الجميع قبل الانطلاق. نشر تقرير المحقق ماكلارين المعين من الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات في 18 تموز/يوليو الذي وجه اصابع الاتهام الى الدولة الروسية بالتنشط المنظم والممنهج، دفع اللجنة الاولمبية الدولية الى اللجوء الى الاتحادات الدولية للرياضات للبحث في "نظافة" الرياضيين الروس الذين تم اختيارهم للمشاركة من قبل اللجنة الاولمبية الروسية.
في المجموع، استبعد 113 رياضيا ورياضية، بينهم 67 في العاب القوى وبطلة القفز بالزانة يلينا ايسينباييفا التي اعلنت اعتزالها، من المشاركة في الاولمبياد البرازيلي. الرياضيون الـ276 الاخرون (من اصل 389 اختارتهم اللجنة الاولمبية الروسية في الوهلة الاولى) تمكنوا من الدفاع عن الوان بلادهم ووضعوها في المركز الرابع على جدول الميداليات.
وبموجب القانون الدولي الجديد لمكافحة المنشطات، ستحفظ العينات المأخوذة في ريو 10 سنوات مقابل 8 في السابق، وفي هذه الحالة قد تطول قائمة المتنشطين ولا يمكن اقفالها عند 12 حالة تم الاعلان عنها.
في خضم الالعاب، واجهت اللجنة الاولمبية الدولية ايضا اعتقال احد كبار مسؤوليها الايرلندي باتريك هيكي في اطار التحقيق بشبكة بيع التذاكر بطريقة غير قانونية.
كما طفت على السطح في الايام الاخيرة من الالعاب، قضية السباحين الاميركيين الاربعة بينهم البطل راين لوكتي، بعدما تبين ان قصة وقوعهم ضحية سرقة بقوة السلاح بمحطة للخدمات من طرف اشخاص انتحلوا صفة رجال شرطة، غير صحيحة.
- نيمار وبايلز وفرح وموراي ورديف "الاحلام" -
شهدت الالعاب ايضا تألق البريطاني محمد فرح الذي حقق الثنائية الثانية على التوالي (5 الاف م و10 الاف م)، لاعبة الجمباز الاميركية سيمون بايلز (4 ذهبيات، وبرونزية واحدة)، السباحة الاميركية كايتي ليديكي (4 ذهبيات وفضية واحدة) والعداءة الجامايكية ايلين طومسون (ثنائية 100 م و200 م).
قبل يوم من انتهاء الالعاب نسي البرازيليون مشكلاتهم وذلك بعد ان توج فريق كرة القدم باللقب الوحيد الذي يغيب عن خزائه اي ذهبية مسابقة كرة القدم. قاده نيمار اخيرا الى تحقيق الحلم الاولمبي واحراز الذهبية التي كانت تفتقدها خزائن "سيليساو".
ونجح نيمار في اختباره الاولمبي الثاني بعد 2012 في تحقيق ما عجز عنه نجوم كبار اخرون مثل فافا ودونغا وبيبيتو وروماريو ورونالدو ورونالدينيو وريفالدو والكسندر باتو، وقاد "سيليساو" الى المجد الاولمبي الذي طال انتظاره.
وكان نيمار البطل في المباراة النهائية بتسجيله هدف التقدم امام المانيا من ركلة حرة رائعة ثم الركلة الترجيحية الحاسمة التي اهدت بلاده الذهبية.
وكرس المنتخب الاميركي هيمنته على مسابقة كرة السلة للرجال واحرز ذهبيته الثالثة على التوالي والخامسة عشرة من اصل 18 مشاركة، وذلك بعد اكتساحه صربيا في النهائي 96-66.
وغاب نجوم "كبار" عن منتخب "الاحلام" الاميركي وعلى رأسهم بطل الدوري ووصيفه "ملك" كليفلاند كافالييرز ليبرون جيمس ونجم غولدن ستايت ووريرز ستيفن كوري.
في كرة المضرب، نال الصربي نوفاك ديوكوفيتش "شرف" ان يكون اول "كبير" يحزم حقائبه ويودع الالعاب بعد خروجه من الدور الاول في مفاجأة لم تكن في الحسبان بالنسبة للاعب المصنف اول عالميا.
وتلقى ديوكوفيتش ضربتين موجعتين في مدى يومين، فتبخر حلمه بالتتويج بذهبية الفردي اثر خسارته امام الارجنتيني خوان مارتن دل بوترو الذي هزم ايضا الصربي قبل 4 سنوات في لندن في مباراة المركز الثالث ونال البرونزية، ثم خسر مع مواطنه نيناد زيمونييتش امام البرازيليين مارسيلو ميلو وبرونو سواريش في الزوجي.
وفي ظل اقصاء الصربي، بات البريطاني لندي موراي اول لاعب يحتفظ باللقب الاولمبي في منافسات الفردي، رجالا او سيدات، في الالعاب الاولمبية.
ولدى السيدات، فقدت الاميركية سيرينا وليامس الاولى لقبها بخسارتها امام الاوكرانية ايلينا سفيتولينا في الدور الثالث، وجاء ذلك بعد يومين فقط من فقدانها وشقيقتها فينوس لقب الزوجي.
وكانت سيرينا التي عادلت الرقم القياسي المسجل باسم الالمانية شتيفي غراف بعد احرازها لقبها الكبير الثاني والعشرين بتتويجها بطلة لويمبلدون للمرة السابعة، مرشحة فوق العادة للاحتفاظ بذهبيتي الفردي والزوجي التي احرزتها في نسخات 2000 و2008 و2012.