يسألونك عن أخلاقنا ؟! ..قل الله يرحمها .. راحت في داهية !

الأحد، 14 أغسطس 2016 03:29 م
يسألونك عن أخلاقنا ؟! ..قل الله يرحمها  .. راحت في داهية !
محمد حسن الألفي


لا تخرج من بيتك ، لا تخرج . فالاهانة وحرقة الدم تنتظرك في لهفة المشتاق ، كمصاص دماء لا يرتوي الإ بضرب النابين المسمومين في العنق . لا تخرج من بيتك ، لا تخرج ، فالأنياب مشرعة ومسنونة ومنصوبة فى اتجاه عنقك وقلبك . لا تخرج من بيتك فإن الأعداء اليوم هم من بنى وطنك . هم صنف غير الصنف . مصريون غير المصريين . قساة غلاظ كسالي وكدابون . نزاعون للفضح . هم لا يقتلونك بالعبوات الناسفة يزرعونها تحت سيارتك ، أو فوق فرع شجرة كثيف ، بل يقتلونك بالألفاظ الخادشة يلقون بها في وجهك كرشة من ماء النار ، وهم لا يقتلونك بضربة كتف أو ركلة عفوية الاصطناع ، بل بهجمة سيارة مجنونة ، وإن شرعت محتجا شاكيا ، شرعوا في وجهك سيفا أو مسدسا . لا تخرج من بيتك ، لا تخرج فالعربجية والبلطجية واللصوص والشمامون وضاربو الحقن والترامادول ، هم السكان الحاليون للشوارع والميادين والمزانق والزقاقات ، وعلي الطرق السريعة ، وعلي الطرق المهجورة ، في المدن الجديدة ، والمدن تحت الانشاء .
ابق في بيتك ، واندفن حيا أو تنح وأنتخ ومدد ، والعيال داخلة وخارجة ولا كأنك أب او أم ، أنت كذلك فقط حين يحتاجون ، او لما كانوا يحتاجونك ، أنت اليوم كمالة طبق كشري انتهى ابتلاعه . مدد وتفرج علي التليفزيون ، وانظر كرشك يعلو ليسد عليك بصرك ، ارفع بصرك أعلى وأعلى لترى عهرا سياسيا من باعة توك شو ، وبقايا رداحين ورداحات ، انكسرت حناجرهم ، وانشرخت ، وباتوا مثل علامات القبور ، ترشد إلى فناء. ! سترى أيضا عاهرات يحملن ألقاب النجمة والسوبرنجمة والفاتنة والفنانة ، وسترى فن مواخير ، وبيوت بغاء ، ومن عجب أن العاهرات فنا يلقين التوقير والعلماء ينسحبون الي مقابر الحسرة والاقصاء.
لا تخرج من بيتك لا تخرج ولا تبق في بيتك ولا تبق . تلك هى المصيبة . أنت فى العدم المصرى الآنى . أنت فى وضع الاستهلاك العام والخاص . الصراع خارج البيت يدور عليك ، والاهمال داخل البيت يدور عليك . كلاهما يريدك إلى زوال وجودا وكيانا ، كأن رحيلك يصلح وطنا ، أو ينهى عقبة تكعبل اللصوص . أنت لاشئ . أنا لا شئ . فى وطن تعلو فيه هامة العاهرة والرقيع فنا وبلطجة لا يوجد مكان أفضل من المقبرة للمحترمين ، مكفنين ب فى لفائف من حسرتهم وكمدهم .
ياربي !
ما كل هذا الحقد العام ؟ وكل هذا الحسد الضارب في اركان الأمة ؟نحن أمة منقسمة المشاعر . نتحدث لغة واحدة ، بقاموسين أو ثلاثة أو أربعة بل عشرة ، لو كنا محظوظين ! صباح الخير لم يعد معناها انك تستفتح يومك بتمنى الخير لجارك أو صاحبك او من تتحدث إليه . صباح الخير باتت بلا معنى ، تنطقها عادة بلا احساس ، وربما على سبيل الاستئناس وطلب المودة او اتقاء شر تتوقعه ممن تلقي عليه تحية صباح تراه اغبر من شرر عينيه الصفراوين . الفوضى وعدم الاحترام والفهلوة والعضلات هي ثقافة المصريين ، في وقت تنزف فيه دماء عذبة طاهرة ، دفاعا عن شعب سلم نفسه للتهاون والكسل ، وقال لجيشه : إذهب انت وربك فقاتلا .. إنا ها هنا قاعدون ناقمون ناقدون حاسدون ، رافضون ، راقصونً، آكلون ، متنطعون ، شاربون ، حتى الرمق الأخير . لكم علينا أيها السادة الشهداء حسن النعى والتأبين والجنازات ، والاخلاص في اللطم وشق الهدوم وذرف الدموع الحارة . سننصب المحزنة يوما أو بعض يوم ونسود صفحات الصحف ، وشريط أسود عريض يزين زاوية الشاشات الفضائية ، ثم سنمضي الى نسائنا أو غير نسائنا ، نشعل الأدمغة بمخدر الجنس والأفيون ، ومع الصبح نبدأ الهرى فى موضوع بلا موضوع !
الغل هو وقود سياراتنا ، والحماقة تقود ألسنتا ، ونزعة التشكيك والاحباط فاكهة كثيرين منا . تحولنا الى ماكينات صرف اليأس ، نضخه ضخا وبلا حساب ، ونجتهد كل الاجتهاد فى سكب صبة خرسانية كاملة من الطاقة السلبية على من نراه أفلت بمعجزة من الجو العكر الرمادى العام .
أين القانون ؟ موجود . أين هو موجود ؟! في الفراش يضاجعه الاهمال والنسيان لينجبا الفوضى . أين الضمير ؟! موجود ! أين هو موجود ؟. في صفيحة الزبالة ! عضو خفي زنان ابن كلب ، يمارس رقابة رخمة أرخم من رقابة الأمن بآنواعه !
لا شئ نخاف منه!
نخاف الله بالطبع . لكن الله عقابه بلا توقيت ، ومادام ذلك كذلك فلندع العقاب بين يدي الرحمن . كتب على نفسه الرحمة . لنسرق وهو سيغفر . لنقتل وهو سيغفر . لنخن الوطن والعيش والملح. وهو الغفور الرحيم . لنبع لحم بناتنا ، وهو عالم بالحاجة والعوز وأكل العيش مر !
لدينا إيمان كامل بالله في النفعية والتبرير لكل الخطايا ، والأخذ بأسباب التواكلية ، وغياب كامل لهذا الايمان عند المعاملات اليومية ، أو حتى بين المرء ونفسه. ربما يعافر البعض ويتفانى فى أداء شكلي لمراسم الإيمان ومقتضياته ، لكنه عارف كل المعرفة أنه يمثل ولا يجسد جوهر تسليمه بالثواب والعقاب الالهى . هو يعافر ظنا منه أن الاداء الايماني الشكلي يقلل فاتورة الحساب . أو ليخدع الناس ويواصل سرقتهم ، مالا أو مشاعر .
نحن لسنا نحن . تغيرنا . وتبدلنا . نحن نحسد بعضنا بعضا ، رغم أن ٩٩ ٪‏ منا اليوم فقراء أو في سبيلهم للتصحر المالي ، ومع شيوع الحسد ينمو الحقد ، وتسود الفرقة ، وتتغول الأنانية ، وتتفشي المباهاة وتعلو العجرفة ، ويبرز التافه والتافهة بما ملكوا ، وهكذا يضعف المجتمع ، ويتكاثر إلى خلايا متناحرة تلتهم الدولة !
تبقى الأمم بأخلاقها وتذهب بذهابها .. ولقد ذهبنا ونذهب مع الريح و البلطجة والتكتوك والميكروباص والقانون المخدر .. للأسف والأسى !

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق