«الشقطي»: قناة السويس الجديدة لاعلاقة لها بأزمة الدولار

السبت، 06 أغسطس 2016 01:53 م
«الشقطي»: قناة السويس الجديدة لاعلاقة لها بأزمة الدولار
وفاء عبدالرازق

صرح الدكتور حسن أمين الشقطي وكيل كلية التجارة بجامعة أسوان أن هناك جدلا شديدا في الأروقة الإعلامية والاقتصادية حول التأثيرات الحقيقية لتفريعة قناة السويس وخاصة بعد مرور عام على تدشينها .. هل هي فعلا حسنت من الإيرادات المالية ؟ هل أحرزت العوائد المتوقعة ؟ هل قرار إنشاؤها كان صحيحا ؟ بل يتجاوزا البعض ذلك إلى الربط بينها وبين أزمة الدولار الحالية ؟

وأوضح الشقطي أنه لكي نجيب على الأسئلة التالية يجب أن نعود للوراء طويلا حين إنشاء قناة السويس الأم عندما قام الخديوي سعيد بإنشائها في عام 1854 .. في هذا الوقت استغرق بناء القناة 10 سنوات (1859 - 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري، مات منهم أكثر من 120 ألف أثناء عملية الحفر على إثر الجوع والعطش والأوبئة والمعاملة السيئة .. طبعا على النقيض أنجزنا قناة السويس الجديدة خلال فترة عام تقريبا وشارك في بناؤها حوالي 44 ألف مصري وبشراكة 84 شركة و4500 معدة .. بتكلفة 4 مليار دولار أو 28 مليار جنيه تقريبا ..

وأشار إلي أن تهدف قناة السويس الجديدة إلى تلافي المشكلات القديمة لقناة السويس من توقف قافلة الشمال لمدة تزيد عن 11 ساعة في منطقة البحيرات المرة، ويسمح باستيعاب قناة السويس للسفن العملاقة بغاطس 65 قدم.


وأضاف أن معنى أن قناة السويس الجديدة حفرت في زمن قياسي ولم نسمع عن موت مصريين فيها، بل على النقيض فإن قناة السويس الجديدة جاء حفرها في فترة ركود اقتصادي أو لنقل فترة استعادة الثقة في مصر والدولة ككل .. وكان من الضروري البحث عن مشروع عملاق مثل هذه التفريعة لكي يتم ضخ هذا المبلغ الضخم فيها من كل المصريين ليعطي الثقة في النظام البنكي بأنه موجود .. بل أن انجاز التفريعة خلال فترة قصيرة (عام) أعطي الثقة والمصداقية للحكومة بأنها لا تزال موجودة وقادرة على الإنجاز بعد فترة اضطراب طالت ثلاث سنوات.


من ناحية أخرى فإن ضخ هذا المبلغ الضخم خلال فترة زمنية قصيرة قد حرك دورة النشاط لاقتصاد ظل راكدا تماما لثلاث سنوات.

وأضاف بأن من يتحدثون عن أن الوقت لم يكن مناسبا لتنفيذ مشروع ضخم بهذا الشكل في ظل الموارد المالية المحدودة في هذه الفترة .. فإني أسألهم هل تنفيذ القناة في 1854م كان مناسبا في ظل عدم امتلاك مصر لموارد ولا خبرات حينها ؟.. اليوم نحن نتكلم عن تنفيذ التفريعة بأيدي مصرية .. ولكن في 1854 تم تنفيذها كمشروع فرنسي أو غربي تماما .. ثانيا بعد تنفيذ القناة القديمة هل كانت التجارة والمرور فيها اقتصاديا بالشكل المتوقع الذي يعوض نفقاتها .. الشركة الفرنسية المنفذة طالبت بامتياز 99 عاما لكي تعوض نفقاتها وتضمن ربح مناسب لنفسها .. إذا كل المشاريع المثيلة كقناة السويس لا تعتبر مشاريع تنموية لحظية أو سريعة العائد ولكنها مشاريع للتنمية المستدامة .. فقناة السويس اكتشفنا أهميتها الاقتصادية في الخمسينات عندما اتجهنا لتأميمها.

ويؤكد الشقطي أن نفس الشئ في قناة السويس الجديدة هي مشروع للتنمية المستدامة وليس للتنمية الحاضرة أو السريعة .. ففي عام 1927م كان عدد السفن التي تمر بقناة السويس لا يزيد عن 5545 سفينة، في مقابل أكثر من 18000 سفينة تمر حاليا .. أيضا صافي حمولات البضائع كان لا يزيد عن 29 ألف طن في عام 1927م .. لكنه يزيد الآن عن 1 مليار طن حاليا .. الآن القناة تستوعب حوالي 97 سفينة يوميا في المتوسط بعد أن كان هذا العدد لا يزيد 49 سفينة. ويحلو للبعض الربط بين قناة السويس الجديدة وأزمة الدولار، اقتصاديا قناة السويس الجديدة يمكن أن تضيف للإيرادات الحكومية بالدولار .. وبالتالي فإنها إن لم تلطف من الأزمة، فإنها لن تضيف لها شيئا.

ويشير البيان المالى لمشروع الموازنة الجديدة للعام المالى 2016/2017، عن تقدير ارتفاع فائض الحكومة من هيئة قناة السويس إلى 23 مليارا و268 مليون جنيه خلال العام المالى المقبل، مقابل 19 مليارا و782 مليونا خلال العام المالى الجارى بزيادة بلغت 3 مليارات و395 مليون جنيه. إن الجدل المثار حول قناة السويس حاليا هو ليس جدلا مصريا ولا شأنا محليا، إنما هو شأن عالمي يرتبط بالتجارة العالمية ، ويرتبط بشكل كبير ليس بالتفريعة القديمة ولكن يرتبط بقناة السويس نفسها (القديمة والجديدة) ، حيث يمر عبر القناة ما بين 8% إلي 12% من حجم التجارة العالمية .. هذه التجارة تعاني حاليا من حالة ركود عام، وهناك تغيرات في الخريطة الاقتصادية العالمية، بدءا من التراجع والركود الصيني ، ثم إلى التراجع الكبير الذي شهدته أسعار البترول واللي حفز كثير من الدول أن تمر تجارتها عبر طريق راس الرجاء الصالح .. إلا إن السؤال الأساسي : إلى متى سيستمر هذا الوضع ؟ هل سوف تستمر أسعار النفط في تراجعها؟ بالطبع لن يستمر تراجع أسعار النفط ..

وتابع بأن البترول ينضب بشكل متسارع، وأسعار الوقود عموما في تزايد، وعليه فإن جل المشكلة حاليا يتمثل في تراجع أسعار الوقود الذي تزامن مع تراجع معدلات نمو التجارة العالمية وخاصة الجانب الصيني الذي كان يعتمد علي قناة السويس في توصيل تجارته.

بمعنى أن عدد السفن المارة في 2016م بالفعل أقل من مستوياته في الماضي، وبالتالي التفريعة لم تظهر تأثيراتها الإيجابية، ولكن هذا الوضع مؤقت وسوف يزول قريبا .. والتوقعات أن تنمو التجارة بمعدل 5% سنويا، وعليه تنمو إيرادات ال 5.5 مليار دولار بنفس النسبة سنويا حتى تصل إلى الطاقة الاستيعابية القصوى المحتملة والتي تصل إلى 13 مليار دولار بإذن الله.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق